حذرت دراسة علمية بريطانية من اتباع نظام حمية غذائية لأنقاص الوزن تكون قاسية وطويلة الأمد.. مؤكدة أن هذا الامر يسبب الشعور بالميل للسلوك العدواني والإصابة ببعض الاضرارالصحية التي يمكن أن تؤدى إلى حدوث أمراض خطيرة. ونستعرض آراء المتخصصين من الأطباء حول مدى علمية ما أشارت إليه الدراسة.
يتفق الدكتور بهاء ناجي- أستشارى تغذية وعلاج السمنة مع ما تتضمنه الدراسة ويضيف قائلا: إن اتباع أسلوب قاس لإنقاص الوزن يؤدى إلى الإقلال من إفراز الهرمون المرتبط بالراحة النفسية مما يسبب الإصابة بالإكتاب والميل إلى السلوك العدواني والغضب , بل والتحول إلى الشراهة في تناول الحلويات ، وذلك حتى يعتدل إفراز هذا الهرمون وهو الأمر الذي يؤدى إلى الإصابة بالسمنة المفرطة، ومن السلبيات التي تواجهنا في مجتمعنا عدم الوعي الكافي بثقافة التغذية السليمة واللجوء إلى أساليب غير صحية وقاسية للتخسيس برغم سرعتها غير
مدركين الآثار السلبية التي تعود على الصحة، حيث يحدث اضطراب فسيولوجي وخلل في الوظائف الحيوية لأجهزة الجسم بل ويمتد الخطر لإثارة بعض الخلايا السرطانية النائمة.
ويحذر د. بهـاء ناجي من اتباع أنظمة معينة من الريجيم لما لها من آتارسيئة على صحة الإنسان ومنها الريجيم الذي يعتمد على البروتينات بكمية كبيرة والذي يؤدى إلى الإقلال من هرمون الأدرينالين مما يزيد من حدوث الأضطراب والشعور بالضيق، ريجيم النشويات والذي يؤدى إلى الإصابة بمرض السكر ,..ريجيم السوائل والذي يعتمد على شرب كميات كبيرة من العصائر والمياه دون تناول أي أغذية، وهذا النوع يتسبب في هبوط مفاجئ للكلى, حيث تذوب الدهون التي تحمل هذا العضو الحيوي من الجسم بشكل سريع، يؤدى إلى الفشل الكلوى.
ومن المظاهر المؤسفة أيضا انتشار أنواع كثيرة من الأعشاب والمكملات الغذائية مجهولة المصدر والتى يتم جلبها من الصين ولبنان، ويعلن عنها في الفضائيات ويتناولها الناس بصورةعشوائية ظنا منهم أنها ستسرع في إنقاص أوزانهم وتعمل هذه الأعشاب على خروج المياه من الجسم بشكل شديد، وهو الأمر الذي يمثل خطورة كبيرة على وظائف الكلى ويتسبب في فشلها، وكذلك من العادات السيئة المحاكاة وتقليد الآخرين في تناول الأدوية دون اللجوء إلى الطبيب فمثلا هناك أسباب مرضية للإصابة بالسمنة منها الخمول في إفراز الغدة الدرقية، وهنا يعطى الطبيب المعالج علأجآ مكملا لهذا الهرمون إلى جانب البرنامج الغذائي المتبع لإنقاص الوزن، ومن المؤسف أننا نجد الكثيرين خصوصا النساء يعتقدن أن هذا الدواء مثلا يخفض الوزن، فيقمن بتناوله دون الرجوع إلى طبيب متخصص، كما أحذر من التناول العشوائي لمادة ميتفورين التي توجد في أدوية السكر وغيرها، وذلك بهدف إنقاص الوزن نظرا لما يترتب على تناول هذه الأدوية من مشكلات صحية منها الانخفاض في السكر وحدوث اضطرابات في الكبد.
ويواصل د. بهاء ناجي حديثه قائلا معدلات السمنة في مصر وصلت لأكثر من 30% للبالغين، وبالنسبة للأطفال بلغت 20 % بينما يعاني 50% من أطفالنا من زيادة الوزن، وهي مرحلة ما قبل السمنة، وهذه النسب المرتفعة تدل على افتقاد الثقافة الغذائية السليمة، وأرى أن كثيرات من النساء لا يلتزمن بالقواعد الصحية التبعة للريجيم مما يحدث ليس فقط أضرارا صحية، بل أيضا اقتصادية وتكلف الدولة الكثير.
وحول الأسلوب السليم لعمل ريجيم معتدل لايؤثر على الحالة النفسية والجسدية للجسم يقول د. بهاء ناجي يعتمد النظام الغذائي على الهرم الغذائي الذي يضم جميع العناصر الغذائية وما يحتاجه الجسم من سعرات حرارية. فجسم الإنسان يحتاج إلى 40% من السعرات الحرارية الموجودة بالنشويات، ويفضل الحبوب الكاملة مثل الأرز البنى والبليلة والبطاطس، 30 % من السعرات بالخضروات والفواكه والبقوليات والبروتين النباتي كالفول والعدس الفاصوليا البيضاء والبسلة، 25% من السعرات الحرارية بالبروتينات والتي توجد في منتجات الألبان قليلة الدسم والأسماك والدواجن، بينما تعد اللحوم أسوأ أنواع البروتينات، 5% من الزيوت التي تضاف إلى الطعام مثل الزيت الحار وزيت الزيتون وزيوت بذر الكتان وقش الأرز، وهذا نوع جديد فضلا عن زيت عباد الشمس والذرة. هذه الأطعمة يجب أن يتغذى عليها الشخص الراغب في إنقاص وزنه، هذا إلى جانب النصائح الطبية الأخرى التي يقدمها الطبيب.
فالحقيقة.. نحن نحتاج ثورة على الأغذية الخاطئة مثل الثورة التى حدثت في مصر، فيجب أن نتجنب الحلويات والسكريات والتي تنتشر في موائد المناسبات المختلفة، فالكثيرون يقبلون على تناول هذه النوعية من الأطعمة لتحسين ما مزاجهم وهو أمرا كان مرتبطا بحالة الكبت والضيق التي عايشناها, ويجب التقليل منها تدريجيا باستبدالها ببعض الحلوى الخفيفة مثل الأرز باللبن، فلا جدال أن الغذاء السليم هو مفتاح التوازن النفسي والصحة للجسم .
ويقول د. محمد رضوان أستاذ التغذية: أن اتباع نظام غذائي سليم يخفض معدلات الوزن الزائد، وفى ذات الوقت لا يتعارض مع صحة الإنسان ولابد من إجراء تحاليل كاملة لمكونات الجسم ومعدلات الحرق إلى جانب إجراء تحاليل لبيان مستوى السكر في الدم والضغط والأملاح، وذلك لوضع نظام غذائي مناسب للحالة الصحية، ويحدث السلوك العدواني عندما يفقد الجسم الكثير من السكريات أو تتغير البهرمونات ويفرز جسم الإنسان هرمونا يسمى الأندروفين شبيه المورفين الذي يفرزه المخ، ويعمل على التهدئة، وهذا الهرمون يقل إفرازه بالجسم عند اتباع حمية غذائية قاسية مما يؤثر على الحالة المزاجية والنفسية، ويجعل الشخص يميل إلى السلوك العدواني والحقيقة أن هذا الأمر يرتبط بفكرة تخفيض الوزن بمعدلات سريعة، حيث إن له المزيد من الآثار السلبية التي تنعكس، ليس فقط على الحالة النفسية، وإنما الصحية حتى أنه يتسبب في الإصابة بالأنيميا الحادة واضطراب في المعادن والأملاح بالجسم.
وأوضح د. محمد رضوان أن معدل تخفيض الوزن السليم يكون بمعدل كيلو وربع الكيلو أو كيلو ونصف الكيلو أسبوعيا بما يقرب من 6 كيلو في الشهر ومن المؤسف: أن النساء يتبعن طرقا خاطئة في تخسيس أوزانهن فالمرأة دوما ما تركز انتباهها على الميزان وتخفيض الوزن بشكل سريع معتقدة أنها عندما تصل للوزن الذي ترغبه ستعود إلى طبيعتها في معدلات الطعام، فلابد من إدراك أن الحفاظ على وزن ملائم أمر طويل الأجل مرتبط بنمط الحياة، وبشكل عام من الأساليب غير الصحية في اتباع نظام الحمية الغذائية الاعتماد على صنف معين من الغذاء أسبوعيا، كما أنه ليس من الملائم صحيا أن يقوم الشخص بعمل ريجيم بمفرده، ويفضل استشارة طبيب متخصص، وذلك لمعرفة سبب زيادة الوزن والتي تختلف عن شخص لآخر، فضلا عن الدهون بالجسم، وقد تتركز في أماكن مختلفة، وهذا يحتاج إلى معرفة. هل هذه زيادة ماء فقط أو دهون بالفعل، فعدم اللجوء للطبيب قد يؤدى إلى إصابة الشخص الراغب في إنقاص وزنه بأضرار مثلا أن يكون مصابا بالأنيميا وهو لا يعلم ويحاول أن يقلل وزنه بمفرده ويمكن أن يخس، ولكن سيعاني من نقص الحديد في الدم ويشعر المرء بتعب شديد وأعراض صحية تشبه أعراض القلب، لذلك أوضح هنا أن تخفيض الوزن يحتاج إلى مخاطبة العقل والجسد والروح فالعلاج السلوكي مهم جدا لتهيئة الشخص حتى يقتنع بأن يعدل من أسلوب غذائه. فمثلا هناك الكثيرون مدمنون تناول الجبن، وهناك اعتقاد سائد بأنها نوع من الطعام خفيف وهو ما يخالف الحقيقة، حيث إنها تحتوي على الكثير من الدهون، أيضا هناك من هم معتادون على تناول السكريات وهو الأمر الذي يحتاج إلى التعامل النفسي مع من يرغب في عمل الريجيم حتى يقتنع بتبديل هذه الأغذية من خلال الخضروات والفاكهة التي تحتوي على سكريات بديلة للحلويات التي يتناولها النساء والأطفال بكثرة، ولتحسين الحالة المزاجية لمتبع نظام الريجيم حتى لا يشعر بانفعال إثر اتباعه نظاما غذائيا معينا ولتقليل الضغط أيضا يجب تناول مضادات للأكسدة التي توجد في فواكه الكانتلوب والكيوي،حيث تحتوي على مادة البيتا كروتين ومن الخضروات البطاطا والبطاطس والجزر، فيتامين سي الموجود في الخضروات الورقية الخضراء مثل الخس والجرجير. تناول الأطعمة البحرية التي تحتوي على مادة الأوميغا 3 وتوجد في التونة والسالمون، كما أن تناول النشويات لأصحاب المزاج العليل مهم جدا. فالتوازن مطلوب بين جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الانسان من معادن وفيتامينات ونشويات وبروتينات ودهون.
ويقول الدكتور مجدي بدران- عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: يؤثر الريجيم طويل المدى على الحالة النفسية، ويمكن أن يتسبب بالفعل إلى الميل نحو الغضب والعدوانية، بل وكون له أثر سلبي طويل المدى على كر ات الدم البيضاء والتي تشكل حوالي70% من المناعة ,ولها فوائد كثيرة منها التهام الميكروبات مثل البكتريا والطفيليات والتهام الخلايا السرطانية والخلايا الميتة، وكذلك التهام الزائد من عوامل التجلط النشطة، وبذلك نحمي الجسم من استمرار انتشار عملية التجلط، هذا إلى جانب حماية المخ من التلف, وتنظيف الرئتين من الملوثات وللوقاية من أمراض نقص هذه الخلايا المهمة، لابد من تغذية سليمة جيدة، حيث تبين أن الحفاظ على وزن ثابت له تأثير إيجابي على جهاز المناعة، كما أن الأغذية تؤثر أيضا على الحالة النفسية. فالترمس أفضل ما يحسن الحالة النفسية لأنه غنى بمادة التربتوفان، كذلك الأغذية المتوافرة بفيتامين سي وأيضا بدائل الكافيين مثل النعناع والينسون والكراوية، حيث تساهم هذه الأنواع من الأطعمة والمشروبات في التقليل من القلق المصاحب للريجيم وارتخاء الجهاز العصبي، أيضا تناول الأغذية التي تحتوي على فيتامين 'ب 6″ والذي يتوافر في السبانخ والكرنب والبروكلي والقرنبيط والكرفس، والأغذية التي تحتوي على فيتامين 'ب 3 ' الذي يفيد في إنتاج الطاقة وتحسين عملية الهضم ويؤدى نقصه إلى الإصابة بمرض البلاجرا. وهي عبارة عن اضطرابات تسبب القلق والعصبية الزائدة، لذلك يفضل عدم الدخول في مغامرات عشوائية بهدف إنقاص الوزن بعيدا عن المتابعة الطبية من المتخصصين.