الأقباط متحدون - ديباجة الدستور وأصنام العقل
أخر تحديث ٠٠:٢٦ | الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ١٥ | العدد ٣٠٢٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ديباجة الدستور و"أصنام العقل"

بقلم : د.عوض شفيق المحامى بالنقض
استاذ القانون الدولى بجنيف


معروف أن ديباجة أى عمل قانونى مثل العقود والعهود والمعاهدات والاتفاقيات تمثل تحديد الغرض والقصد العام من أحكام هذا العمل القانونى. ولا أفهم ما هى الدواعى التى تقوم بها لجنة الخمسين وممثلين الكنيسة والأزهر وحزب النور بخلط الأمور فى بعضها من الحديث عن السيدة العذراء مريم وكيف امتد اليها نور الاسلام حتى غمر العالمين. ويقوم ممثل الكنيسة بالرد بأن هذا غير صحيح لأنه بذلك تجاهل المسيح الأب ويتداولون كيف يضعون الأنبياء فى ديباجة الدستور واستبدال العذراء والمسيح بعبارة العائلة المقدسة. ويعترضون على كلمة "أصول تحقيق مقاصد الشريعة الغراء" ومازال النقاش محتدم لكتابة ديباجة الدستور

لأجل تكوين العقل الدستورى الجديد لابد من منطق جديد يضع اصول الاستكشاف العبقرى للديباجة التى تكون وليدة الاتفاق على ما تصدر به الدستور من أحكام وكان المعول فى هذا النظر الى العقل. ان العقل أداة تجريد وتصنيف ومساواة ومماثلة، اذا تُرك يجرى على سليقته انقاد لأوهام طبيعية فيه، ومضى فى جدل عقيم يقوم فى تمييزات وتحديدات لا طائل تحتها. وللاحتراز من هذه الأوهام التى يسميها الفليسوف فرنسيس بيكون "أصنام العقل" idola mentis وهى أربعة أنواع.

النوع الأول: "أوهام القبيلة" itribusوهى ناشئة من طبيعة الانسان، لذا كانت مشتركة بين جميع أفراده: فنحن ميالون بالطبع الى تعميم بعض الحالات دون التفات الى الحالات المعارضة لها، والى تحويل المماثلة الى تشابه وتواطؤ...
النوع الثانى: أوهام الكهف" sbecus وهى ناشئة من الطبيعة الفردية لكل منا، فان الفردية بمثابة "الكهف الأفلاطونى" منه ننظر الى العالم، وعليه ينعكس نور الطبيعة فيتخذ لونا خاصا. هذه الأوهام صادرة اذن عن الاستعدادات الأصلية وعن التربية والعلاقات الاجتماعية والمعرفة...
النوع الثالث: "أوهام السوق" tori وهى الناشئة من الألفاظ،، فان الألفاظ تتكون طبقا للحاجات العملية والتصورات العامية، فتسيطر على تصورنا للأشياء، فتوضع ألقاظ لأشياء غيير موجودة، أو لاشياء غامضة أو متناقضة. وهذا أصل كثير من المناقشات التى تدور حول ديباجة الدستور، تدور كلها على مجرد ألفاظ

النوع الرابع: "أوهام المسرح" theatric وهى الآتية مما تتخذه النظريات المتوارثة من مقام ونفوذ.
وهنا يحمل بيكون على ارسطو وأفلاطون وغيرهما من الذين يفسرون الأشياء بألفاظ مجردة، ولكن يصعب تمييز هذه الطائفة الرابعة عن الطائفة الثالثة، فان بيكون يذكر من بين أسبابها تكوين الطبيعة الفردية والمعرفة والعرف وحب السلطة
فليست "أصنام العقل" مغالطات استدلالية كالتى يذكرها أرسطو، ولكنها عيوب فى تركيب العقل تجعلنا نخطئ فهم الحقيقة، ويجب التحرر منها لكى يعود العقل  لأجل كتابة ديباجة للدستور تصبح لوحا دستوريا مصقولا تنطبع عليه الأشياء دون تشويه من جانب واضعى الدستور
هذه محاولة ضعيفة منا فى نقد العقل والتمييز لكتابة ديباجة الدستور ونقض أصنام العقل   


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter