الأقباط متحدون - أردوغان والنحس
أخر تحديث ٠٤:١٠ | الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ١٧ | العدد ٣٠٢٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

أردوغان والنحس

الكاتب علي سالم
الكاتب علي سالم

 أسوأ الأمور في الدنيا هي تلك التي لا لزوم لها (لورنس - أعمدة الحكمة السبعة). لم يكن هناك لزوم لما فعله أردوغان بمصر والمصريين، لقد ضرب المصريين حكومة وشعبا، ولكن ليس في مقتل، وردوا عليه. أما ضربته الكبرى فقد كانت لحزبه وحكمه، وهذا ما ستثبته الأيام القليلة المقبلة. الرجل اختار في لحظة نحس أن يلعب دور الحليف لجماعة الإخوان المصرية، وذلك عندما رفع أربعا من أصابعه، إشارة لموقعة رابعة العدوية، وهو يوجه طلقات كلماته لمصر والمصريين.

 
لقد انشغل الجميع بدراسة تأثير ما فعله على المصريين، ولكن لن يمر وقت طويل قبل أن نكتشف أن السؤال هو: ما تأثير ذلك على الأتراك؟ هل سيشعر المواطن في تركيا بالسعادة لدفاع رئيس وزرائه بالباطل عن جماعة الإخوان المصرية؟
 
الحقيقة الآن عابرة للحدود والقارات واللغات والجنسيات، وإذا لم تكن الحقيقة - حقيقة ما فعلته جماعة الإخوان وما تفعله بمصر والمصريين - قد عبرت الحدود التركية لكي تستقر في أذهان الأتراك وقلوبهم، فلا بد أنها ستصلهم بعد قليل. أما السيد أردوغان كأي رجل مشتغل بالحكم والسياسة، فليس مقبولا منه أن ينتظر وصول الحقائق إليه على مهل، من الصعب عليَّ أن أصدق أن أجهزته الدبلوماسية والمعلوماتية لم ترسل إليه حقيقة ما فعلته جماعة الإخوان بالمصريين، وإلا لما رفع أصابعه الأربع تمجيدا لواقعة إجرامية.
 
هل تجاهل الرجل الحقيقة عمدا ليثبت أنه صديق لجماعة فقدت احترام المصريين؟ بماذا يفيده ذلك عند الناخب التركي؟ أم أنها لحظة من لحظات التاريخ النادرة والمنحوسة أيضا التي يقرر فيها مسؤول كبير أن يخسر مكانه ومكانته السياسية بفعل غريزة تدمير الذات.
 
حُسن الطالع يسعى لبعض الناس، أما النحس فهم يجلبونه إلى أنفسهم عندما يقومون بفعل أشياء لا لزوم لها. بعد قليل سيكتشف مفكرو حزب العدالة والتنمية أن الشعب التركي سينظر إليهم بوصفهم الفرع التركي لجماعة الإخوان المصرية الدولية، وسيكتشفون أن أردوغان أفقدهم استقلالهم.
 
أنت مسؤول عن اختيارك لأصدقائك، وخصوصا عندما تتطوع بالدفاع عنهم، وبالأخص عن جرائمهم، وإذا كنا لا نستطيع على الأرض اختيار جيراننا، غير أننا في السياسة نختار من نشاء من الجيران، ومن الطبيعي أن نختار هؤلاء الذين تتحقق معهم مصالحنا، وهنا يقول المثل الشعبي: «من جاور السعيد يسعد، ومن جاور الحداد اكتوى بناره». لقد اختار أردوغان أن يكون صديقا لأسوأ الحدادين في الدنيا وعليه أن يكتوي بنارهم.
 
يا لعبقرية التاريخ في التعامل مع خصومه الذين يلوون عنقه ويحاولون إرغامه على السير إلى الوراء. يعطيهم في البداية كل شيء ثم يسحب منهم كل ما أعطاه لهم في لحظات، وذلك عندما يكتشف أنهم ليسوا أهلا لقيادته. يا لعبقرية التاريخ عندما يرسل بأوهام القوة إلى خصومه فيقومون بضرب أنفسهم في مقتل.. نعم، لقد وجه أردوغان ضرباته إلى المصريين، ولكن ليس في مقتل، وأرى أن المقتول الوحيد سيكون حزبه.

نقلا عن الشرق الاوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع