د . عصام عبدالله | الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣ -
٢٩:
٠٩ ص +02:00 EET
د . عصام عبدالله
جمعتني " قناة الحرة " والبرنامج الناجح ( الجهات الأربع ) إعداد " شربل أنطون " وتقديم " حسين جرادي "، بالسفير الأمريكي السابق لدي الناتو والمدير التنفيذي لمؤسسة ( ماكين ) " كورت فولكر "، و" تريتا بارسي " رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي وصاحب كتاب " التحالف الغادر : التعاملات السريّة بين إسرائيل و إيران و الولايات المتّحدة الأمريكية" عام 2007 " ، والدكتور " مصطفي اللباد " رئيس مركز " الشرق " للدراسات الإفليمية والاستراتيجية، في حلقة استباقية ( 15 نوفمبر ) عنوانها " واشنطن – طهران : الاتفاق أو الحرب؟ ".
أجواء الحوار ( بشكل عام ) كانت أميل إلي التفاؤل " الحذر " حول هذه " الصفقة " التي كتبت عنها مقالا في إيلاف ( 11 نوفمبر ) تحت عنوان : " الصفقة .. اختيار إيران وتحول أمريكا "، جاء فيه " (ربما) يمثل (سعي إدارة أوباما) لإنجاز " صفقة " مع إيران حول وليس العكس، أول " تحول استراتيجي جديد " للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والعالم (لتصحيح) الأخطاء السابقة " .. وفي ذهني الرهان علي " المدنيين " وليس " العسكريين " أو قل " الدبلوماسية " العالمية وليست " الحروب " الأمريكيةفي التعامل مع الملفات الساخنة في الشرق الأوسط، وهو ما يحسب لإدارة أوباما ( وكواليسها ) التي أدارت ( توقعات الجميع ) ومخاوف البعض وتهديدات البعض الآخر، فضلا عن ( الإعلام ) بحرفنة وحنكة لصالح ( إنجاز الصفقة ) مع إيران!
السؤال المطروح بقوة اليوم : كيف يمكن تأمين الفضاء " الجيو سياسي " في الشرق الأوسط لمواصلة المفاوضات حتي نقطة النهاية، خاصة وأن العواقب والتوابع المتوقعة في المائة متر الأخيرة من السباق هي الأصعب دائما، وهي " عقبات " حقيقية تحمل مخاطر أعلي ( وأعقد ) من القنبلة النووية الإيرانية نفسها!
الملف النووي الإيراني هو مفتاح سر (ملفات المنطقة المختلفة ) بما في ذلك ( مشكلات آسيا الوسطي )، وهو ( كتاليست ) الصراع الدولي الذي سيعيد ترتيب " المحاور " والتحالفات الجديدة في الألفية الثالثة. لذلك فإن التفاوض حوله لم يبدأ – كما يشاع - هذا العام 2013 بعد نجاح الرئيس " حسن روحاني "، وإنما بدأ فور نجاح الرئيس " أوباما " في الانتخابات الرئاسية عام 2008، وتبادل التهاني مع إيران علنا في ( عيد النيروز ) وتصريح الرئيس الإيراني السابق ( أحمدي نجاد ) : " أن العلاقات بين بلاده والغرب حول الملف النووى انتقلت من المواجهة إلى التعاون"، ثم حضوره إلي ( القمة العربية في الدوحة ) نهاية عام 2008 ( بموافقة الأمريكان عبر الوسيط القطري ) ليعلن للجميع إن إيران حاضرة في المنطقة عبر (ملفات شائكة ) لا فكاك من التعامل معها : فلسطينية و(نووية)، سورية لبنانية (الجولان – حزب الله) ... و( أفغانية ).
الاتفاق حول الملف النووي الإيراني يمثل ( أول انفراج ) في العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين،منذ أن أصيب المجتمع الدولي بالشلل في أعقاب استخدام
روسيا والصين حق النقض أو " الفيتو " مرتين، حيث ظهر علي السطح (صراع آخر) له تبعات مأساوية علي العالم كله، واتخذت العلاقات بين (الولايات المتحدة وروسيا والصين)، منعطفاً خطيراً نحو الأسوأ. وتعمقت الصراعات فجأة وبسرعة أزيد من اللآزم، وكأننا على حافة حرب باردة جديدة، أو بالأحرى، حرب "عسكرية" بين القوى العظمى.
وبعبارة واحدة: فقد أنهي "الفيتو" الروسي – الصيني مرحلة كاملة من مراحل العلاقات الدولية التي بدأت مع انهيار الاتحاد السوفييتي السابقأوائل التسعينيات من القرن العشرين وتميّزت بالهيمنة الأميركية المطلقة على العالم، لتبدأ مرحلة جديدة (لا تحتمل) أية "مجازفة" أو "مخاطرة" غير محسوبة في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن (أية صغوط علي الولايات المتحدة لضرب سوريا أو إيران ) كانت أشبه بالخرافات المختلقة!
هذا التحول الجديد في العلاقات الاستراتيجية العالمية أدي إلي إن ( مصالح ) الولايات المتحدة والحلفاء في منطقة الشرق الأوسط ( إسرائيل والخليجوغيره ) أصبحت ( تتصادم ) ولا ( تتوافق ) أو حتي ( تتوازي )، وقد يطول هذا التصادم ويتطور إلي الأسوأ وقد يفيق البعض من سباته أسرع ويتوازن من جديد ... السؤال هنا : ما هي الصيغ المقترحة ( البديلة ) للتعامل مع المتغيرات الجديدة في المنطقة؟ ... كيف نعيد تقييم مصالحنا في ضوء ما هو قادم رغما عنا؟ .. علينا أن نفكر بجدية وعقلانية ( قبل أن تداهمنا الأحداث ) ...
ماذا سنفعل – علي سبيل المثال - حيال تطبيع العلاقات الوشيك بين إيران واسرائيل، ثم التقارب التركي الإيراني الإسرائيلي علي حسابنا؟ .. ما هو نصيبنا في أكبر اتفاق اقليمي – عالمي ( أمني وإقتصادي ) حول " أفغانستان " بدءا من العام 2014، وهو يجمع بين : إيران والهند وباكستان وروسيا والصين وتركيا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل والولايات المتحدة! ..أظن – وليس كل الظن " أثم " – أن الأمر برمته لم يعد يعنينا!
نقلا عن ايلاف
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع