الأقباط متحدون - محمد عبده وضع على رأسه عمامة ولكنه لم يضع على عينيه غمامة
أخر تحديث ٠٠:١١ | الاربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ١٨ | العدد ٣٠٢٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

محمد عبده وضع على رأسه عمامة ولكنه لم يضع على عينيه غمامة

الامام محمد عبده
الامام محمد عبده

كان يا ما كان، كان فيه زمان شيخ أزهر همام، أصر منذ 132 عاماً على أن يكون حزبه مدنياً ولم يفزع من كلمة مدنية ولم يصبه الرعب من هذا الوصف، ولم يعتبرها شيطاناً رجيماً أو كلمة قبيحة أو سباباً فاحشاً، هذا الشيخ الجليل اسمه الإمام محمد عبده عاش فى زمن كان يقدس كلمة وطن ولم يكن قد ولد بعد من يصف الوطن بأنه حفنة من تراب نجس، ولم نكن قد ابتلينا بمن يقول «طظ فى مصر» ويفرح لهزيمتها ويصرخ مطالباً الأسطول السادس باحتلالها، ويفرح فى خرابها وينادى السياح بألا يطأوا أرضها!، يا ليت لجنة الخمسين ويا ليت ممثل الأزهر ويا ليت ممثل حزب النور يقتطعون من وقتهم الثمين ليقرأوا كلمات محمد عبده التى كتبها عام 1881 فى مقدمة بيان الحزب الوطنى الذى لم يتردد فى إطلاق كلمة الوطنى على حزبه ولم يعتبره عورة يخجل منها أو عاراً عليه أن يداريه.

كتب محمد عبده فى البيان «الحزب الوطنى حزب سياسى لا دينى، فإنه مؤلف من رجال مختلفى العقيدة والمذهب، وجميع النصارى واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم بلغتها منضم إليه، لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات، ويعلم أن الجميع إخوان وأن حقوقهم فى السياسة والشرائع متساوية»، وكتب فى نفس العام فى «الوقائع المصرية» مقالا بعنوان «الوطن ومحبته» يحاول فيه تعريف مفهوم الوطنية فيقول «الوطن: محل الإنسان مطلقا فهو السكن، وهو عند أهل السياسة مكانك الذى تنسب إليه ويحفظ حقك فيه ويعلم حقه عليك، وتأمن فيه على نفسك وأهلك ومالك، ومن أقوالهم فيه لا وطن إلا مع الحرية. فإن الحرية هى حق القيام بالواجب المعلوم، فإن لم توجد فلا وطن لعدم الحقوق والواجبات السياسية، وإن وجدت فلا بد معها من الواجب والحق، وهما شعار الأوطان التى تفتدى بالأموال والأبدان وتعز على الأهل والخلان، ويبلغ حبها فى النفوس الزكية مكان الوجد والهيام، فإذا اتفق عنصرا الحق والواجب يصير المعنى مختلفا ومغايرا، أما السكن الذى لا حق فيه للساكن ولا هو آمن فيه على المال والروح، فغاية القول فى تعريفه أنه مأوى العاجز، ومستقر من لا يجد إلى غيره سبيلا فإن عظم فلا يسر وإن صغر فلا يسوء».

يحدد محمد عبده معنى الوطن والمواطنة فى ثلاثة أبعاد «إن فى الوطن من موجبات الحرص والغيرة ثلاثة تشبه أن تكون حدوداً، الأولى: أنه السكن الذى فيه الغذاء والأهل والولد، والثانى أنه مكان الحقوق والواجبات التى هى مواد الحياة السياسية وهما حبان ظاهران، والثالث: أنه موضع النسبة التى يعلو بها الإنسان ويغزو»، ويؤكد على نفس المعنى قائلاً «لا بد لذوى الحياة السياسية من وحدة يرجعون إليها ويجتمعون عليها اجتماع دقائق الرمل حجرا صلدا، وإن خير أوجه الوحدة الوطن لامتناع الخلاف والنزاع فيه».

أؤكد ثانية أن الشيخ محمد عبده قد كتب هذا الكلام فى ثمانينات القرن التاسع عشر، وبرغم أن أستاذه «الأفغانى» هو صاحب فكرة الجامعة الإسلامية، وبرغم أنه شيخ أكبر جامع وجامعة للمذهب السنى فى العالم، إلا أنه لم يطالب بـ219 ولا بفرض المذاهب المعتبرة لأهل السنة والجماعة لا فى دستور ولا فى ديباجة، وبرغم أنه كان يرتدى العمامة إلا أن عينيه لم تغطهما الغمامة، رحم الله الإمام محمد عبده ورحم الله الوطن.

نقلا عن:الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع