بقلم:عماد اديب
مصر بلد العجائب، فهو البلد الأكثر عبثية ولا معقولية فى مواقف نخبته السياسية!
نحن أصحاب النخبة التى تتظاهر من أجل حدوث الشىء، ثم تتظاهر ضده عند الاستجابة إليه!
نحن الشىء ونقيضه، نحن الذين نعزل الحاكم ثم نبكى على أيامه، ونطالب بنزول الجيش ونصرخ ليل نهار «لماذا لا يتحركون؟»، ثم إذا ما حصل واستجاب لنا اتهمناه بأنه يسعى إلى القيام بانقلاب عسكرى!
نحن نريد السلام مع إسرائيل، لكننا نعلن ليل نهار أننا نكرهها، ونريد المجتمع الاستهلاكى بكل سلعه وخدماته، لكننا نرفض سلوكيات الطبقات القادرة حينما تمارس حقها فى الاستمتاع بها، نحن نريد رأس المال لكن فى ظل اشتراكية الدولة، نحن نريد أجور الدولة منتظمة ولكن بوصفها «إتاوة» و«حق مكتسب» ليساعدنا على وظائفنا الخاصة!
نحن نشتكى من عدم استقرار الأمن فى الشارع المصرى منذ ثورة 25 يناير 2011، لكننا ضد قانون الطوارئ، وقانون الإرهاب، وحظر التجول، ثم حينما ألغينا كل هذه القوانين وأصدرنا قانون تنظيم التظاهر رفضناه.
نحن الشعب الوحيد فى العالم الذى رفض الحصول على إذن -بمقتضى القانون- للتظاهر ضد قانون التظاهر!
من حقنا أن نرفض كل أو بعض بنود أى قانون ونسعى لتعديلها أو تغييرها، ولكن يجب أن يتم ذلك وفق 3 شروط:
1- أن يتم فى سلمية.
2- أن يتم وفق الالتزام بالقانون.
3- أن يتم بوعى سياسى للصورة الكاملة التى تعايشها البلاد.
رفض أى قانون لا يعنى خرق القانون!
نحن نعيش حالة عدمية تتخذ من الشرعية الثورية مبرراً كى ترفض أى شىء وكل شىء وتعطى لنفسها نوعاً من الحصانة والقداسة التى تعلو كل القوانين وكل السلطات.
هذا الوضع شديد الخطورة ويهدد أى إنجاز وطنى أو أى محاولة جادة للتقدم بالبلاد خطوة إلى الأمام بالفشل الشديد.
نحن فى مفترق طرق شديد الحساسية والخطورة ويحتاج منا تجاوز منطق «التعالى السياسى» ومنطق تصفية كل أنواع الثأر السياسى بين كافة القوى السياسية المتصارعة.
إن كل إنجازات ثورتى 25 يناير و30 يونيو ستصبح فى مهب الريح إذا استمر هذا العبث فى التفكير العدمى المدمر.
الناس زهقت من حالة الاحتجاج اللانهائية، والغضب المزمن والرفض الدائم لكل شىء وأى شىء.
نقلا عن: الوطن