لست بحاجة إلى البحث عنهم طويلاً فهم معروفون دون غيرهم، تميزهم الندبات والحروق والجروح الغائرة فى وجوه شاحبة وأجساد نحيلة، لم يعرفوا الزينة يوماً، فأقصى طموحهم ملابس قديمة بالية تحميهم من برد الشتاء، تتزايد أعدادهم كل يوم، لتصل إلى مليونى طفل شارع، بين الحين والآخر يتشدق المسئولون بانخفاض أعدادهم، متجاهلين الحديث عن حياتهم التى صارت مقبرة لطفولتهم ومستنقعاً لانتشار الأمراض والأوبئة بينهم. يعيشون أسفل الكبارى وفى الحدائق العامة والميادين، يتنفسون الألم على اختلاف ألوانه، تنهش الأمراض أجسادهم، فتبدو وجوههم شاحبة، وأياديهم مرتعشة، لا تستطيع أن تحدد مدى خطورة الأمراض التى يعانون منها، لكنها تصل فى خطورتها إلى حد الإصابة بالإيدز، يتجول الصغار فى شوارع المحافظات محملين بأمراضهم وقسوة الأيام التى دفعتهم للهروب إلى الشارع. «الوطن» تفتح الملف الشائك فى اليوم العالمى للإيدز وتكشف عن إصابة ما يزيد على 25% منهم بفيروس نقص المناعة المكتسبة، وتعرضهم لانتهاكات جسدية وجنسية كبيرة، وتبرز استغلالهم السياسى فى الأحداث مقابل بضعة جنيهات، وتكشف عن تقصير الدولة فى التوصل إلى حلول تخدم هذه الفئة ودور مؤسسات المجتمع المدنى الهامشى فى حل مشكلاتهم.