الأقباط متحدون - «هيبة الدولة وساعة الحسم»
أخر تحديث ١٠:٣٢ | الاربعاء ٤ ديسمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٠٣٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«هيبة الدولة وساعة الحسم»

صوره أرشيفية
صوره أرشيفية

بقلم:عادل اللبان

لا جدوى من حديث عن تقدم أو تنمية دون وجود الأمن والاستقرار ولا أمن يقوم أو استقرار يدوم دون دولة لها هيبتها، ولا هيبة لأى دولة دون إعلاء سلطة القانون فوق رؤوس الجميع، دون تردد أو تمييز فى تطبيق عقوباته على المُخالف أيا كان حتى إذا اختلفنا مع نصوص أى تشريع.

 
هذه المُسلّمات تسبق أى حوار عن خارطة الطريق أو عن دستور جديد أو عن انتخابات نيابية أو رئاسية، وتعلو فوق أى اختلافات فكرية أو مطامع حزبية بين الأطراف والجماعات المتصارعة حالياً، فهذه الهيبة هى عصب الدولة والشرط الأساسى الذى لا غِنى عنه لضمان بقائها وصمودها وقدرتها على حماية الوطن وشعبه، وعلى تحقيق أى تقدم للأمام.

وتنزلق مصر حالياً فى منزلق خطير جداً، فالدولة بمعنى سلطتها التنفيذية تفقد بشكل متسارع هيبتها، وبالتالى إمكانيتها على إدارة الأمور، وإقامة الحدود، وضمان الأمن، وتنفيذ أى خطط للإصلاح، وإذا كان هذا الوهن والتردى يرجع جزئياً إلى محاولة مستميتة من أحد الفرقاء لاستعادة نفوذه السياسى ولتعظيم قدرته على التفاوض للرجوع إلى السلطة وامتيازاتها، فالحكومة القائمة ليست بالبريئة مما آل إليه حالها، فالهيبة تستدعى الرؤية والقدرة على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، وتقوم على مَلَكة التواصل مع الشعب بصدق وإقناع، وعلى الحكمة فى معالجة الأحداث، وعلى التصميم على الحق، إذا كان فى صالح الناس، مهما ارتفعت أصوات المعارضين له، وهى أمور للأسف لم تنجح فيها، لذلك فقدت هيبتها ومصداقيتها، وانطوى دورها، وأفسحت المجال أمام أعدائها لكسب الأرض على حسابها، ونسيت أن هيبة الكرسى زائلة وهيبة العمل والإنجاز باقية، وخسرت بالتالى رصيدها من محبة الشعب رغم رغبته الجارفة فى نجاح عملها عند بداية توليها المسؤولية.
 
لذلك فإن استمرار التناحر على قانون التظاهر من جانب أى طرف على حساب إعلاء المصلحة الوطنية أشبه بالرهان الانتحارى الجماعى، لأن الجميع فيه خاسرون سواء كانوا مؤيدين أو معارضين للحكم الحالى أو لقانون التظاهر، وستكون أكبر خسارة للأسف من نصيب أولادنا وأجيالنا القادمة، الذين نضحى بمستقبلهم الذى قامت ثورة 25 يناير 2011 لإنقاذه إرضاء لتعنت وغرور وغباء بعض أصحاب الأطماع الشخصية والمطامع السياسية الضيقة.
 
إن الوضع الحالى صار عبثياً ولا يقبل الاستمرار، لأن الاقتصاد لن يتحمل هذا العبء طويلاً، ولأن كيان الدولة وهيبتها فى خطر، لذلك فاللحظة فارقة ومصيرية واختياراتنا فيها لا تقبل الهوى والتمييع واصطناع البطولات الزائفة، فالوطنية المصرية ليست هتافاً أو أغانى أو مظاهرات، وليست حكراً على أى فصيل دون غيره، وليست تشدقاً بشعارات لا يفهم أصحابها مضمونها ولا يريدون تركها والمُضى إلى مرحلة البناء الحقيقى والعمل الصعب المطلوب لتحويلها إلى حقائق لا أمانى وأحلام، ولا يريد البعض منهم إلا أن تستمر مصر مستباحة من أعدائها، لأن أهلها يفتحون الباب واسعاً لكل تدخل خارجى يعمل على استمرار دوامة الصراع والفرقة التى لن تجلب لنا سوى الخسارة والتراجع، والبعض الآخر يعيش فى عالم افتراضى يقوم على تنظير الصالونات المخملية والسفسطة البالية سعياً لتواجد إعلامى باهت أو كسباً لبطولات سياسية وهمية وواهية بدلاً من أن ينظروا إلى الواقع المادى المؤلم المحيط بنا، وإلى ضرورة وكيفية تلبية حقوق المواطنين البسطاء من الكادحين والفقراء الذين لن يصبروا للأبد، وعلينا جميعاً أن نتحد، وأن نقيم العقل والمصلحة العامة وأن نبدأ فى العمل بدلا من الكلام، فالبلاد لا تُبنى بالحناجر العالية إنما بالسواعد القوية.

نقلا عن : المصري اليوم

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع