الأقباط متحدون - رجل دين أم مواطن؟
أخر تحديث ١٣:٠٦ | الخميس ٥ ديسمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢٦ | العدد ٣٠٣١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

رجل دين أم مواطن؟

مؤمن سلام
 
أحد إشكاليات علاقة الدين بالسياسية هو دور رجل الدين. فكثيرا عندما يدلى رجل الدين بدلوه في الشئون العامة للدولة أو يعلن عن موقف سياسي لتأييد فلان أو رفض علان، ويعترض العلمانيون على ذلك يخرج علينا من يقول أن رجل الدين هو مواطن مصري ومن حقه أن يقول رأيه في كل ما يخص الوطن، مثله مثل أي مواطن أخر. وهنا تقع الإشكالية بين صفة رجل الدين الذي لا يجب أن يقول رأيه فى السياسة وبين كونه مواطن فى الدولة من حقه أن يعبر عن رأيه ويدلى بدلوه فى الجدل السياسي فى المجتمع.
 
فكيف يمكن حل هذه الإشكالية؟
هل نقول أن رجل الدين يوم أن قرر أن يكون رجل دين فقد أعلن تنازله عن حقه فى المشاركة السياسية مثله مثل العسكريين والقضاة؟ وإذا كان هذا جائز فى حق رجال الدين المسيحي فكيف يكون فى حق رجل الدين الإسلامي حيث من المفترض أن رجل الدين الإسلامي ليس له قداسة أو عصمة من اى نوع وكلامه هو فى النهاية رأي كرأي اى مفكر أو كاتب أو صحفي أو مواطن. ولكن أليست لكلمات حلال وحرام وفرض وسنة قداسة عند عامة المسلمين ولكلمة قال الله وقال الرسول تأثيرها على الجماهير؟ ومن هنا نجد أن لا فرق في الحقيقة بين رجل الدين الإسلامي ورجل الدين في أي ديانة أخرى.
 
لفض هذا الاشتباك بين صفة رجل الدين وصفة المواطنة، يجب على رجل الدين الذي يريد أن يعبر عن رأيه في الشأن العام المصري أن يخلع عن نفسه ثوب رجل الدين عند الحديث، ولا أعنى هنا الثياب الدينية على الحقيقة ولكن أن ينزع من كلامه كل ما يضفى على رأيه أي نوع من أنواع القداسة أو ما يوحي أن ما يقوله هو رأى الدين وليس رأيه الشخصي.
 
بمعنى أنه يحق لرجل الدين أن يعبر عن وجهة نظره في أمور الدولة ولكن دون استخدام للمصطلحات الدينية مثل حرام وحلال، وفرض ومكروه، أو أن يستدل على صحة رؤيته وخطأ الرؤية الأخرى باستخدام نصوص دينية تضفى القدسية على رأيه وتجعله رأى ديني لا يجوز معارضته أو نقده. كما لا يجب علية أن يؤيد شخص أو حزب لأسباب دينية تتعلق بالصلاح والتقوى والورع والقرب من الرب ولكن يجب أن يكون التأييد على أسس سياسية ترتبط بما يحققه هذا الشخص من مصالح للأمة. وكذلك عند معارضته لشخص أو حزب أو تيار يجب أن لا يقوم على أساس ديني يعتمد كلمات مثل الضلال والفسوق والفجور والكفر، ولكن يعتمد أسلوب النقد السياسي الموضوعي المبنى على أدلة وبراهين.
 
قد يثار هنا نقطة أن معظم الأمة المصرية تعانى من الأمية التعليمية والأمية الثقافية، وحديث رجل الدين في السياسة بما له من اثر في قلوب العامة سيجعلهم يتبعونه معتقدين أن ما يقول هو رأى الدين وليس رأيه الشخصي حتى لو طبق الشروط السابقة. الحقيقة أن هذه مشكلة كبرى لا ترتبط برجل الدين فقط ولكن بكل قادة الرأي في المجتمع المصري. فالأمية التعليمية ونظام التعليم الذي يدمر العقل النقدي ويكرس العقل النقلي الإتباعي هما المشكلة الأساسية.
 
فالمشكلة هنا لا تتعلق برجل الدين ولكن تتعلق بنظام تعليمي فاشل يكرس لعقلية القطيع التى تتبع أي شخص مشهور أو ذو حيثية دون إعمال للعقل وتفكير في ما يقول هذا الشخص الشهير. ولذلك فحل هذه المشكلة يكمن في إصلاح التعليم والمنظومة الثقافية المصرية لتخرج لنا مواطن قادر على إعمال عقله دون خوف أو كسل، فلا يتلاعب بعقلة رجل دين أو سياسة أو إعلامي أو فنان أو رياضي.
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter