لعل البعض لا يزال يشعر بجزء من الخوف تجاه مصير سيناء، بعد سنوات من الاضطرابات الأمنية في أرض الفيروز، والتي بالطبع جعلت وضع مصر حرجًا في الآونة الأخيرة خاصة مع مزاعم إسرائيلية باهتزاز البقعة الحدودية مع مصر.
ولكن الأمر بدأ في التطور الملحوظ من جانب الأجهزة الأمنية المصرية المتمثلة في القوات المسلحة والشرطة بعد قيام ثورة يناير، فقد انطلقت ثم توقفت ثم توسعت بعد 30 يونيو، وتوالت تصريحات المتحدث العسكري وإعلانه عن نتائج العمليات التي تنفها القوات المسلحة على أوكار التكفيريين والجماعات الجهادية.
التحول إلى ضرب معاقل الجيش
خلال السنوات الأخيرة اعتادت بعض الجماعات كأنصار بيت المقدس، مجلس شورى المجاهدين، التكفير والهجرة والعناصر المنتمية إلى تنظيم القاعدة تنفيذ مخططات تفجيرية على الكمائن والنقاط الأمنية التابعة للقوات المسلحة بعد أن كانت تستهدف المنتجعات والأماكن السياحية في سيناء والأخيرة منها كانت تفجيرات شرم الشيخ وطابا 2004 – 2005، التي استهدفت هيلتون طابا و المعسكرات خلال 3 هجمات بسيارات سياحية يوم 7 أكتوبر، وأسفرت عن مقتل 34 شخصًا، وإصابة 171.
ثم انتقل الجهاديون والتكفيريون إلى ضرب مقار الجيش، ففي يوم 6 أغسطس 2012 استهدف ملثمون معبر كرم أبو سالم، قرب الحدود المصرية الإسرائيلية بشمال سيناء، وقاموا بقتل 16 ضابطًا وجنديًا من الجيش المصري، ثم توالت الهجمات الاستهدافية وعمليات اختطاف الجنود بسيناء.
الجيش يبادر بالهجوم على التكفيريين
والقول بأن القوات المسلحة المصرية نجحت في كبح جماح تلك الجماعات أصبح صحيحًا، بعد توعد الفريق أول عبد الفتاح السيسي اتلك الجماعات، وبالفعل تم التنسيق بين المؤسسة العسكرية، المخابرات وجهاز الشرطة لشن حملات مداهمة واستهداف لمناطق الجماعات الإرهابية لقتل تخطيطهم قبل تنفيذه.
قامت القوات المسلحة بتوزيع الأفراد على جميع النقاط المضطربة فى أرض الفيروز والقيام بعمليات تمشيط للعديد من الأماكن وضبط الجهاديين وعناصر القاعدة وهدم الأنفاق، ما جعلها تتحول إلى وضع التنبؤ ثم إحباط محاولات الجماعات للقيام بعمليات تفجيرية.
ويأتي المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد على ليعلن عن تدمير عدد من الأنفاق على الحدود مع قطاع غزة، والقضاء على عدد من العناصر الإرهابية وفقًا لإحصاءات الجيش.
بعد التضييق الأمني على الجماعات..اللجوء إلى العمليات الانتحارية
بعد تتابع العمليات العسكرية للجيش في سيناء، وإحكام السيطرة على الشريط الحدودي، اضطرت الجماعات الإرهابية إلى تبني طريقة أخرى لتنفيذ عملياتها وهي العمليات الانتحارية، وتلك الطريقة تستخدم كآخر ورقة لدى الجماعات عندما تعجز عن تنفيذ مخططاتها، وكان آخرها استهداف 4 حافلات لنقل الجنود غرب مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، في 20 نوفمبر الماضي، عندما قام انتحاريان يقودان سيارة مفخخة بتفجير السيارة مخلفين 11 قتيلاً، و37 مصابًا، وفقا لما ذكره المتحدث العسكري.
ضربة استباقية في غزة
قال اللواء أركان حرب عدب الرافع درويش رئيس حزب “فرسان مصر” والخبير الاستراتيجي، فى تصريحات خاصة لـ ONA، إن العمليات ضد العناصر التكفيرية والجهادية في سيناء من اختصاص وزارة الداخلية وجهاز الشرطة، فهي القادرة على تحديد الأماكن التي يختبئ بها الإرهابيون والسيارات المستخدة في تلك العمليات التفجيرية، على عكس الجيش المنوط بالضرب المساحي كقصف وتدمير مقارهم في قرى سيناء باستخدام المدفعية الثقيلة وطائرات الأباتشي التي لا ترى العناصر المختبئة تحت الأنفاق، ولكنه غير منوط بتحديد أماكن تلك العناصر.
وأوضح “درويش”، خلال تصريحاته، أن التشكيل الحالى للشرطة غير قادر على القيام بتلك المهام وحيدًا، ولذلك يتم التنسيق مع القوات المسلحة ، والمخابرات وجهاز الأمن الوطني المعني بجمع معلومات عن تلك الجماعات وأماكن تواجدها، وتسمى هذه بـ “العمليات المخابراتية المعلوماتية”.
وطالب “درويش” بضرب معاقل تلك الجماعات في غزة ، مشيرًا إلى ان المعلومات قد أثبتت أن تلك الجماعات تأتي من قطاع غزة، قائلاً: ” يجب أن نضربهم في غزة قبل أن يأتوا إلينا”.
ووصف الخبير الاستراتيجي وضع العناصر التكفيرية الحالي بـ ” رقصة الديك المذبوح”، وهي الرقصة الأخيرة، حيث أنها لجأت إلى الضرب والفرار أو التفجير الانتحاري كآخر ورقة يلعبون بها، على حد قوله.
مرسي دعم الإرهاب
قال اللواء طيار أركان حرب أركان حرب متقاعد محمد عكاشة، في تصريحات خاصة لـ ONA، إن القصور في المعلومات الخاصة بالأجهزة الأمنية بشأن الجماعات الإرهابية في سيناء كان مسيطرًا منذ 2011، مؤكدًا أن استدعاء الرئيس السابق محمد مرسي، محترفي الإرهاب في العالم وعلى رأسهم عناصر تنظيم القاعدة، أعطى دفعة قوية لتلك العناصر في سيناء.
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أنه بعد 30 يونيو، أعطى الشعب تلك الأجهزة الامنية دفعة، فاستعادت الأجهزة عافيتها، وبدأت تخترق تلك التنظيمات، وتحصل على المعلومات منذ البداية وتراقب العمليات التي تأتي من الخارج ، مثل قطر، الولايات المتحدة، إيران، وحركة حماس في غزة .
وأوضح أن إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على نبيل المغربي المتهم السادس في قضية اغتيال الرئيس الراحل، أنور السادات، القيادى بتنظيم الجهاد، مكّنها من ضبط 70 آخرين من تلك العناصر الإرهابية.