الأقباط متحدون - أحمد فؤاد نجم.. شيخ مشايخ الطرق الوطنية!!
أخر تحديث ١٤:٢٠ | السبت ٧ ديسمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢٨ | العدد ٣٠٣٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

أحمد فؤاد نجم.. شيخ مشايخ الطرق الوطنية!!

احمد فؤاد نجم
احمد فؤاد نجم

 تسألنى عن لون الحياة.. أملك إجابة سهلا أن تقتنع بها.. أحدثك عن الشعور بالمرارة، فتملك رفاهية الاختلاف معى.. لو كلمتك عن تعريفى للحلاوة.. سأضطر لاحترام مزايدتك على قولى.

 
أسألك عن احتمالية اختصار معانى الإنسانية فى إنسان.. يجب أن تعترف بأنك تحار جوابا.. العامل يمكن أن يكون فلاحا.. لكن الأستاذ يصعب أن يتخرج فى مقهى أو سجن، ولا من ملجأ أيتام أو حارة فى حى شعبى.
 
عندما يصبح العلماء دليلا وبرهانا على أن الجامعة يسمو عليها من لم يرتادوها.. وإذا أصبح للعبقرية عنوان.. فلابد أننى أقصد «عباس محمود العقاد» كأديب.. وأدلك على الشاعر «أحمد فؤاد نجم» لأن كليهما تجاوز درجة الدكتوراه دون أن يحمل شهادة متوسطة أو عليا!!
 
«أحمد فؤاد نجم» هو اللون الحقيقى للحياة، وما عداه تقليد جيد أو ردىء.. هو التعريف الدقيق لمعنى المرارة.. كما أنه الشعور الصحيح والحقيقى بالحلاوة.. تلك محاولة لرسم صورة إنسان ببراعة تحتاج إلى فنان تشكيلى يقدر على صياغتها.. راعى الغنم تعلم منهم قيمة ومعنى الإنسانية.. العامل تفوق على المخترعين والمهندسين.. كان ساعى البريد الذى حمل رسالة الوطن للمواطن، وعاش ينتظر الرد قبل أن يغادرنا!!
 
«عم أحمد» لقب تفرد به.. شهادة صاغها لنفسه.. عنوان يدلك على مكان ومكانة «نجم» فى الدنيا.. ابن الطبقة الوسطى تقَبَّل قسوة الزمن دون اكتراث.. عاش الفقر فخورا وسعيدا.. تحدى القهر ففرض عليه أن يركع تحت قدميه.. ثار على الضعف، لتختاره القوة شعارا لها.. تعامل مع الإبداع على أنه رئتاه، فعاش يتنفس فنا وثقافة مع علم يصعب على غيره استيعابه.. مضى فى الأرض ينثر البساطة كلما اتجه سكانها للتعقيد.. رفع راية الحرية وسخر من المرتعشين.. تاجر السعادة حياته لا تخلو من أحزان.. وتدعو الضعفاء إلى الاكتئاب.. عاش ضعيفا يَدَّعى القوة.. كان مريضا لا يكف عن التباهى بصحته.. عرفناه رقيقا لدرجة القسوة.. وعلى مدار تاريخه احترف العطاء، ولم نضبطه يطلب شيئا!!
 
«أحمد فؤاد نجم» سيرة يمكن تلخيصها فى جنسيته كمصرى.. مبدع على الأرض يحلق بك فى سماء الثقافة والمعرفة.. إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. شجاع انتصر على الشجاعة ذاتها.. مقاتل فرض على المقاتلين إعلان إعجابه بقدرته على قهر الخوف.. طاقة نور جعلت الظلام يخجل من نفسه.. فارس انحنى له الفرسان احتراما.. تعلم منه الأدب كيف يكون شجاعا!!.. ينفلت لسانه ليكشف لون قلبه الأبيض.. يخسر دائما تجار الدين، لو حاولوا عقد الصفقات معه.. لا تَقُلْ عنه مخلصا، بل قل إنه تعريف لمعنى الإخلاص.. أمانته علامة تجارية للأمانة.. عاش كمنجم للمحبة، ومات كأغلى قطعة «ألماظ» اسمها «الطيب»!!
 
«عم أحمد» غواص بحر التاريخ والحقيقة والصدق.. استمتع بقدر ما حقد عليه الجهلاء.. تشبث بأن يكون مرآة تعكس صورة الإيمان.. عاش معتقدا فى قيمة وطنه وتاريخ أمته.. ومات مؤمنا بأن الله هو الحق.. راهن على النصر دون اكتراث بمعنى الهزيمة.. قاتل كمواطن، وانسحب لحظة اعتزاز المواطنين بالمواطنة.. سخر من الأقوياء، فأصابهم بالذعر.. صرخ فى الضعفاء، ففرض عليهم تحدى الفساد وميليشيات الفاشية الدينية.. انتصر كما لم ينتصر «جيفارا» وعاش رمزا.. ثم غادر الدنيا معانقا «نيلسون مانديلا» كما لو كان يسابقه للقاء «غاندى»!!
 
«أحمد فؤاد نجم» حقيقة ناصعة لا ينكرها غير المنافقين والكذابين.. حالة إخلاص يرفضها الخونة.. عنوان للمسلم عندما يسبح فى نهر الصوفية.. طلقة رصاص تغتال كل المدَّعين بأنهم مسلمون.. كل من عرفه اختاره أخا، وينكره «مسيلمة» مع جماعته من الكذابين.. نجح فى تجاوز قسوة الحياة معه وعليه.. ترك خصومه فى نار الحقد والغل يستمتعون!!
 
«عم أحمد» زوج على طريقته.. أب على طريقته.. صديق على طريقته.. عدو على طريقته.. هو شيخ مشايخ الطرق الوطنية.. سيبقى صاحب مقام يرتاده المؤمنون بالحرية والعدل والمساواة.. سيبكى على ضريحه كل من لم يفهمه.. سيتفاخر بكلماته الصادقون والكذابون.. سيعيش بعد أن غادر الدنيا، ويموت العاجزون عن الفوز بتحرير شهادة وفاة!
 
«أحمد فؤاد نجم» كان برهانا على «الجدعنة».. وسيبقى دليلا للذين يبحثون عن حب الشعوب.. أحب الحياة فعشقته.. داعب الموت فطعنه برفق.. انهزم مبتسما فأعلنت الدنيا انتصاره.. احتفى به خصومه فى عيد ميلاد الاحترام.. تحلق حوله دراويشه فى مولد المحبة.. كتب صدقا فأنتج شعرا.. قال صراحة فخجلت منه الصراحة.. عاش حياته طولا وعرضا، وانصرف لتبكى عليه الأمة بعمق.. خيانته الوحيدة أنه لم يستأذن يوم أن تسلم مكتوب الانصراف!!
 
سافرت الأسطورة وبقيت سطورها.. سنفهمها عندما تنعم علينا العين بالدموع.. وإذا طاوعنا القلب بالقدرة على الحب.. وليتنا نملك شجاعته وصراحته وطيبته وصدقه وأمانته ووطنيته، بشرط أن نملك تواضعه وسخريته من ذهب المعز وسيفه!!

نقلا عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع