الأقباط متحدون - مكتبة دير سانت كاترين
أخر تحديث ٠٤:٢٤ | الأحد ٨ ديسمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢٩ | العدد ٣٠٣٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

مكتبة دير سانت كاترين


بقلم /ماجد كامل

تعتبر مكتبة دير سانت كاترين واحدة من أهم وأشهر المكتبات العالمية ؛وذلك لما تضمه من مخطوطات نادرة وثمينة جدا . قد يصل عددها إلي حوالي ثلاثة ألاف مخطوط مكتوبة بأثني عشر لغة ؛الثلثان منها باللغة اليونانية ؛والثلث الباقي باللغات العربية والقبطية والجورجية والأرمنية والسريانية والتركية والفارسية .... الخ . وهي ذات قيمة تاريخية وحضارية كبيرة .والمخطوطات العربية منها علي وجه الخصوص علي جانب كبير من الأهمية العلمية والتاريخية والدينية .ويذكر الاستاذ الدكتور مراد كامل عالم اللغات الشرقية الراحل (1907 -1975 ) والذي كلف بجرد محتويات المكتبة حوالي عام 1951 أن عدد الوثائق التركية بالمكتبة بلغت 549 وثيقة .وعدد الوثائق العربية 1067 وثيقة ؛وأقدمها يرجع إلي العصر الفاطمي مؤرخ عام 542 هــ (الموافق 1130 م) وعددالوثائق السريانية 500 وثيقة ؛و عدد الوثائق الأرمنية 120 وثيقة . والوثائق اليونانية وهي تحوي أكبر عدد تبلغ حوالي 2319 وثيقة .ومن أشهر وأهم المكتشفات التي عثر عليها بمكتبة الدير مخطوطة الكتاب المقدس والمعروفة في التاريخ بأسم "النسخة السينائية Codex Sinaiticus والتي عثر عليها العالم الشهير تشيندروف C. Tischendrof . وذلك عندما زار الدير عام 1896 ؛ .وهي مكتوبة بخط اليد علي رقائق من ورق البردي ؛ويرجع تاريخها إلي أواسط القرن الرابع الميلادي تقريبا . وبعد مفاوضات طويلة مع رئيس الدير في ذلك الوقت ؛ نجح العالم تشتيندروف في إقناعه ببيع المخوطة إلي قيصر روسيا في ذلك الوقت ويدعي "اسكندر الثاني "الذي اشتراها من الدير بمبلغ ثمانية آلف فرنك ؛ثم أودعها في المكتبة الأمبراطورية في بطرسبرج "مكتبة لينينجراد حاليا " وفي عام 1933 اشتراها المتحف البريطاني من الحكومة الروسية في مقابل مائة ألف جنيه استرليني ؛ ومازالت محفوظة به حتي الآن . كذلك يوجد بمكتبة الدير مخطوط سرياني Codex Syriacus للتوراة ويرجع تاريخه للقرن الخامس الميلادي ؛وهو مأخوذ من نص يوناني يرجع تاريخه إلي القرن الثاني للميلاد تقريبا . وأول من أكتشف هذه النسخة سيدتان انجليزيتان هما أغنس سميث ومرغريت جيبسون وكان ذلك عام 1893 وهي محفوظة حاليا بمكتبة الدير في صندوق جميل من الخشب وعليه غطاء من الزجاج ؛ كذلك يوجد بمكتبة الدير أنجيل مكتوب باللغة اليونانية يرجع تاريخه إلي عام 717 م ؛قدمه الأمبراطور ثيئودسيوس الثالث هدية للدير ؛وهو مكتوب بماء الذهب . , والمخطوطات العربية المسيحية بمكتبة الدير تعتبر من أقدم المخطوطات العربية المعروفة في العالم إلي الآن ؛ومنها مخطوطات ترجع إلي القرن التاسع الميلادي منها كتاب للاناجيل الأربعة مكتوب باللغة العربية ويرجع تاريخه إلي عام 897 م
أما عن المخطوطات العربية الإسلامية فلعل من أشهرها هو مايعرف ب"العهدة النبوية " وهو منشور منسوب إلي الرسول والنبي محمد ؛وحسب تقاليد رهبان الدير أن النبي كتب لهم هذا العهد في السنة الثانية للهجرة حيث أعطاهم الأمان علي أرواحهم وأموالهم وكنائسهم ؛وقيل أن السلطان العثماني سليم الأول عندما فتح مصر علم 1751م أخذ أصل المنشور وحمله إلي الأستانة "اسطنبول حاليا " وترك لرهبان الدير صورة منه بعد ترجمتها إلي اللغة التركية . كذلك أيضا تضم مكتبة الدير منشورا من (الإمام العاضد لدين الله محمد عبد الله ) لرهبان سيناء ويرجع تاريخه إلي عام 564 هــ الموافق 1169 م . ويوجد أيضا فرمان السلطان مصطفي الأول لرهبان سيناء ؛ويرجع تاريخه إلي عام 1618 م ؛ومنشور نابليون بونابرت لرهبان الدير وهو مؤرخ في 20 ديسمبر 1799م .
وفي عام 1950 طلبت جامعة الإسكندرية من العالم المصري الكبير الدكتور عزيز سوريال عطية
( 1898-1988 )الاشتراك في تسجيل مخطوطات ووثائق دير سانت كاترين ؛وذلك بالتعاون مع مكتبة الكونجرس ؛ولقد أشترك معه في هذا العمل الاستاذ يسي عبد المسيح ( 1898- 1959 ) أمين مكتبة المتحف القبطي ؛ ولقد قامت دار نشر جون هوبكنز عام 1955 بنشر هذا العمل تحت عنوان "المخطوطات العربية في سيناء " كذلك كلفت وزارة المعارف العمومية الأستاذ الدكتور مراد كامل بعمل فهرست كامل لمخطوطات الدير ؛ وظهر هذا الفهرست علي جزئين تحت عنوان "فهرست مخطوطات مكتبة دير سانت كاترين بطور سيناء جزءان – القاهرة (المطبعة الأميرية ) 1951 ولقد وردت المخطوطات العربية في الجزء الأول منها .
ويقدر الباحثون عدد المخطوطات العربية في الدير بحوالي 679 مخطوطة ؛وبعد استبعاد الفاقد والمطبوع يصل العدد إلي حوالي 600 مخطوطة قامت بعثة الكونجروس عام 1950 بتصوير 305 مخطوطة منها علي ميكروفيلم .ويمكن تقسيم موضوعات المخطوطات إلي الأقسام التالية :-
1- أجزاء من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد
2- كتب كنسية ؛وتتضمن قراءات من النبوات وصلوات وقداسات
3- كتب لاهوتية ؛وتتضمن عظات وتعاليم وأقوال آباء الكنيسة القديسين
4- كتب تاريخية ؛وتضمن سير وتراجم القديسين ؛فضلا عن كتب التاريخ العام
5- قوانين المجامع الكنسية الكبيرة والصغيرة
6- متفرقات ومواضيع مختلفة .
وفي عام 1963 قامت بعثة أخري أشتركت فيها جامعة الإسكندرية بالتعاون مع جامعتي ميتشجان وبرنستون بأمريكا بمواصلة العمل الذي بدأه الدكتور عزيز سوريال عطية عام 1950 ؛ وكان علي رأس هذه البعثة الأستاذ الدكتور أحمد فكري رئيس قسم التاريخ بآداب الإسكندرية سابقا ؛وشارك في العمل بهذه البعثة الأستاذ الدكتور جوزيف نسيم يوسف ( 1925- 1993 ) ) حيث عكف علي فحص ومراجعة هذه المخطوطات .فوجد بها مجموعة كبيرة تتحدث عن نشأة الرهبنة في مصر علي يد كل من الأنبا انطونيوس (توفي عام 356 م تقريبا ) والقديس الانبا بولا (توفي عام 270 م تقريبا ) وقوانين القديس باخومويس (299-348م تقريبا ) .وتلقي أقوال وتعاليم هؤلاء الرهبان الضؤ علي النشأة الأولي للرهبنة وقوانينها ....... الخ ؛كما تلقي هذه المخطوطات الضؤ علي كيفية انتقال الرهبنة من مصر إلي أوربا علي يد القديس أثناسيوس الرسولي البطريرك ال 20 من بطاركة الكنيسة القبطية (توفي عام 373م ) خلال نفيه الثاني إلي مدينة روما ؛حيث قام بتدوين سيرة حياة القديس انطونيوس الكبير ؛ والقديس جيروم الذي زار مصر وتعرف علي الأديرة المصرية ؛كذلك القديس بالاديوس وله كتاب معروف بأسم "بستان الرهبان " ؛كذلك تروي هذه المخطوطات كيف أنتقلت الرهبنة من مصر إلي الدولة البيزنطية علي يد القديس باسيليوس الكبير . كذلك تكشف المخطوطات العربية بدير سانت كاترين عن الصراعات المذهبية والانقسامات الدينية التي قامت بين المسيحين في القرن الخامس الميلادي (عام 451 م ؛وهو العام الذي انعقد فيه مجمع خلقدونية ؛ وفيه رفضت الكنائس الآتية الاعتراف به وبقراراته ؛وهذه الكنائس هي "الكنيسة القبطية – الكنيسة السريانية – الكنيسة الأثيوبية – الكنيسة الأرمنية – الكنيسة الهندية ؛ وشكلت فيما بينها ما يعرف بمجموعة الكنائس اللا خلقدونية Non- Chalcodinan –Churches ) . أما عن تاريخ كتابة هذه المخطوطات ؛فالأغلبية يرجع تاريخها ما بين القرن التاسع والتاسع عشر الميلادي ؛ فهناك 11 مخطوطة ترجع للقرن التاسع الميلادي؛ وثلاث مخطوطات ترجع فيما بين القرنين التاسع والعاشر الميلادين ؛ وخمس وعشرين مخطوطة ترجع للقرن القرن الحادي عشر . اما عن الخط المكتوب به هذه المخطوطات ؛ فتوجد مجموعة مكتوبة بالخط الكوفي ترجع للقرون التاسع والحادي عشر ؛وتعتبر أقدم ما وصل الينا في ترجمة الكتاب المقدس إلي اللغة العربية ؛ كما توجد أحدي وعشرين مخطوطة ترجع للقرن العاشر الميلادي ؛ أما بقية المجموعة العربية فهي مكتوبة بالخط النسخ بأنواعه المختلفة .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع