السبت ١٤ ديسمبر ٢٠١٣ -
٥٩:
٠٨ ص +02:00 EET
لا يدهشني قسوة الشتاء ببرودته ولا تأخره، فهو ككل شيء عندنا يتأخر ثم يأتي قاسياً، وكأنه يريد تعويض ما فاته من وقت، ونحن شعب اعتاد على اللعب في الثواني الأخيرة والدقائق الضائعة واستغلال الفرصة الأخيرة، وحكومة تصحو في الوقت بدل الضائع فتتشدد في قانون التظاهر وتصر عليه، ونشطاء يستفيقوا بعد عزل مرسي، ويقولون أين الديمقراطية؟ وكأنهم كانوا يظنون أن الشعب نازل في الثلاثين من يونيو لينقطوا بمناسبة مولوده الجديد، مش عشان يقول له غور، إنت وجماعتك! وثوار يتأخرون عن الاستعداد للانتخابات، فيخطف الإخوان ثورتهم فيثوروا ويهيجوا وتبق البلاد تعيش في قبضة المتأخرين، وقسوتهم لاسترداد ما فاتهم.
أما ما يدهشني حقاً يا صديقي القارئ، هو التظاهر في الشتاء القارص، ودهشتي تأتي من أنني كنت أظن أن أولائك سينكمشون مع انكماش الأشياء بالبرودة، ويتمددون بتمددها بالحرارة إلا أنني وجدت متظاهرين لا يتأثرون ببرودة الجو، ويحلون الأزمة بإشعال الحرائق للاستدفاء بها، فيمر الشتاء ببرودته القارصة، ويبقون هم يتظاهرون إلى الأبد لاسترداد شرعية لم يصونها قادتهم كالرجال، وصون شرعيتهم لا تكن بالقوة والدم كما كانوا يخططون، وأرادوا من قائد الحرس الجمهوري ووزير الداخلية قمع الإعلاميين واعتقال المعارضين، وإنما بأن يعملوا على راحة الشعب الذي يحتاج للراحة.
على أي حال، الشعب قرر إراحتهم من عناء المناصب والتصارع عليها والسعي وراء توطيد مواقعهم في الحكم، وثار عليهم، وأطاح بهم بل قرر التمسك بحقه في التظاهر وأصر على أن يرفض قانون التظاهر، ولما قيل له أنه في كل بلاد العالم المتقدم في أوروبا وأمريكا قوانين تنظم التظاهر، قال إحنا مش في أمريكا ولا سويسرا ولا غيره، فأتاه البرد الأمريكي والجو السويسري ينهش عظامه ولحمه، والمثير للجدل أن أولائك النشطاء اللذين ثاروا لقانون التظاهر اختفوا وبقوا الإخوان، فهل رضا النشطاء بقانون الببلاوي بعد أن أتى لهم بالأجواء السويسرية فقنعوا بما رزقهم به الله من قانون وجو غير معتاد الوجود بمصر أم أنها استراحة محارب أم أنه لوجود الرؤوس المدبرة فيما خلف القضبان لم يعد لمدعي الثورية صوت يزعجونا به أم أن مياه المطر غسلت أرض مصر من أولائك اللذين يريدون إبقاء حالة الغليان كما هي.
أخيراً، أنا لست مع قانون التظاهر الحالي وأراه متشدد في كثير من مواده، ومتطرف في بعض مواصفاته لكنني أثق في أن كل البلاد المحترمة بها قوانين تنظم فيها كل شيء، وأن الضجة التي قامت على هذا القانون ما كانت بداعي إذ هو سيسقط بمجرد إعمال الدستور القادم الذي سنقول عليه نعم - بإذن الله- لكي ننهي على وتيرة التظاهرات المتصاعدة ، ولنريح المتظاهرين من التظاهر في شتاء قارص البرودة.
المختصر المفيد ألا أيها الشتاء القارص كفكف دموعك فلقد أوشكت البلد على الغرق.