الأقباط متحدون - «مين» خدم الإنسانية.. «أديسون» ولا «عبدالماجد»؟
أخر تحديث ٢٣:٣٦ | الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠١٣ | كيهك ١٧٣٠ ش ٦ | العدد ٣٠٤١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

«مين» خدم الإنسانية.. «أديسون» ولا «عبدالماجد»؟

عاصم عبد الماجد
عاصم عبد الماجد

 انقطاع الكهرباء هو واحد من النتائج السيئة للبرد القارص، وهو ما دفع العزيزة الأستاذة فريدة الشوباشى إلى طرح سؤال فى صفحتها الخاصة على الـ«فيس بوك»: «مين خدم الإنسانية أكثر، أديسون ولا عاصم عبدالماجد؟».


أديسون هو مخترع المصباح الكهربائى، أما «عبدالماجد» فتصنيفه بين البشر «إرهابى كبير»، لكن سؤال الأستاذة فريدة أعادنى إلى هذه القصة:
كنت فى الصف الثالث من دراستى الجامعية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، وكان الناقد الأدبى الدكتور محمود الربيعى يدرس لنا مادة النقد الأدبى، وفى التطبيق يقدم لنا نماذج من الأدب العالمى لأدباء كبار مثل: «تشيكوف، وموباسان، ومكسيم جروكى، وتورجنيف، وتو لستوى، وغيرهم»، غير أن محاضراته المزدحمة بالطلاب كانت تتميز بإطلالته على قضايا وطنية واجتماعية، وكان يشجعنا على طرح الأسئلة، ولأن الدكتور الربيعى كان له حضورًا خاصًا، كنا ننصت إليه باهتمام بالغ وكان مميزا فى اقتحامه المناطق الشائكة المطروحة من طلاب جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد والسلفيين، وما أدراكم بهؤلاء وقتئذ فى كلية دار العلوم.

وفى إحدى المحاضرات استهل أستاذنا الجليل كلامه بالقول: «أمامى ورقة فيها سؤال هو كيف يسمح ضميرك يا دكتور بأن تدرس لنا ما يكتبه هؤلاء الملحدون، ألا تخشى على الإسلام من هؤلاء الكفرة؟ مالك تتحدث عنهم بكل هذا الإعجاب، أنت ترتكب وزرًا كبيرًا فى حق الإسلام والمسلمين».
واصل الدكتور الربيعى قراءة الورقة قائلا: الطالب الذى كتب هذا الكلام لا يمتلك شجاعة المواجهة، ولهذا اكتفى بالتوقيع: «طالب يخشى على دينه، ويخشى من نتيجة آخر العام»، وواصل أستاذنا: «مش عارف إزاى يبقى فيه شخص يخشى على دينه وغير مستعد للتضحية من أجله، ومع ذلك فأنا أعطيه الأمان لو كشف لى عن حقيقته الآن، حتى أناقشه وجها لوجه أمامكم، وأنا أعلم أن بينكم من يتأثر بكلامه».

لم يتشجع الطالب المقصود حتى يكشف عن نفسه، فقال الدكتور الربيعى: طالما هو غير شجاع، فأنا لن أتحدث عن هذا الأدب الرفيع الذى ساهم فى تغيير الإنسانية، لكن أطلب منه أن لا يستخدم الكهرباء لأن مخترعها اسمه «أديسون» وهو ليس من ملة الإسلام، وعليه ألا يستخدم التليفون لأن مخترعه ليس مسلمًا، وإن أصابه المرض وكتب له الطبيب دواء البنسلين، فعليه أن يرفضه لأن مخترعه ومخترعى باقى الأدوية ليسوا مسلمين، وعلى الطالب أن يأتى إلى الجامعة سيرًا على الأقدام، أو يركب الإبل أو الخيل، ويترك القطار والأتوبيسات لأن مخترعيها ليسوا مسلمين.

زاد الدكتور الربيعى: هؤلاء المخترعون ليسوا مسلمين، وبالتالى هم «كفار» فى نظر هذا الطالب ضيق الأفق وأمثاله الذين زرعوا له تلك السموم، وحتى لا يكونون منافقين وكذابين عليهم أن يتخلوا عن كل هذه الاختراعات التى قدمها أصحابها للإنسانية، فنقلوها إلى الرقى والتقدم.
هكذا كان كلام الدكتور محمود الربيعى قبل 27 عاما تقريبا، ليذكرنى به سؤال الأستاذة فريدة الشوباشى الآن، وتبقى المأساة حاليا فى أن هناك من يحمل وجهة نظر «الطالب» الذى طرح القضية.

نقلا عن اليوم السابع

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع