الأقباط متحدون - دستور فنجرى كلام!
أخر تحديث ١٣:٣٩ | الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠١٣ | كيهك ١٧٣٠ ش ٧ | العدد ٣٠٤٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

دستور فنجرى كلام!

بقلم منير بشاى
 
هذا المقال لا يدعو لرفض مسودة الدستور الجديد،ولا ينادى بمقاطعته او التصويتعليه ب "لا". فرغم كل ما فيهمن عيوب فهو افضل كثيرا من سابقه وهذا افضل ما يمكن الحصول عليه فى الوقت الحاضر.  ولذلك أدعو الجميع للمشاركة فى الاستفتاء والتصويت ب "نعم" على هذا الدستور لأنه اذا لم ينجح فالبديل سيكون أسوأ.  وهذا ما يريده اعداء هذا الوطن.
 
ولكن هذا لا يمنع ان نعرف حقيقة ما فى هذا الدستور والذى استخدمكالعادة فى بعض اجزاءه مقدرة المصريين التى لا تبارى على الكلام الذى يطرب الآذان ولكنه لا يغنى ولا يسمن من جوع. ولعلها الطريقة الوحيدة التى أمكن بها ارضاء جميع الاطراف المتنافرة التى تريد كل منها حقوقا ترفضهاعلى غيرها.فلكى تتمكن لجنة الصياغة من صياغة مشروع دستور ترضى عنه (ولو جزئيا) جميع الاطراف فانها كانت تحتاج الى قدرات اقرب الى السحر.ولكن عندما يفيق الناس سيكتشفوا ان السحر لا وجود له فى عالم الحقيقة، فهو مجرد حيل تستخدم الخداع مع حرفنة الأداء.
 
لإرضاء الجميع اعطت مسودة الدستور وعودا براقة لكل فصيل. من هذه قدمت وعودا فضفاضة لا تستطيع ان تضع يدك على محتواها مثل ضمان المرأة التمثيل النيابى المناسب. ولا يعلم احد ما هىالنسبة المناسبة، هل هى واحد فى المائة ام خمسين فى المائة؟ وايضا اسرفت المسودة  فى تقديم وعود سخية بنصوص اضافتلها عبارات مثل "وفقا لأحكام الدستور" او "على النحو الذى ينظمه القانون."وطبعا سنكتشف ان هذه العبارات تبطل مفعول ما يسبقها او تحد منه كثيرا.
اما المواد التى تقدم ضمانت من الدولة والتى عادة تبدأ بكلمة تلتزم او تكفل او تضمن او غيرها من نفس المعنى فهى كثيرة، وحدّث ولا حرج. وهى ضمانات تحتاج الى مال قارون لتنفيذ جزء صغير منها، ولكن الكلام رخيص لا يكلف شيئا. وهذه مجرد عينة من هذه الضمانات.
 
مادة 17:  تعد الدولة بتوفير الضمان الاجتماعى بما يضمن الحياة الكريمة للجميع بما فى ذلك معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والصيادين...الخ.
 
من اين ستستطيع الدولة الصرف على هذا البند وهى تجد صعوبة فى دفع المرتبات والمعاشات وتستلف من الدول العربية المليارات للوفاء بإلتزاماتها الحالية وفى يوم من الايام ستضاف الى هذه الإلتزامات اقساط السلف فكيف ستستطيع الدولة الوفاء بهذا كله؟
 
مادة 18: تنص على ان لكل مواطن الحق فى الرعاية الصحية المتكاملة.وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المواطنين يغطى كل الأمراض.
هل فكّر الذين كتبوا هذا الكلام كم سيكلّف الدولة من المال؟ لتوضيح الأمر فان امريكا بكل مواردها واقعة فى حيص بيص نتيجة محاولتها توفير تأمين صحى لمجرد عشرة فى المائة من مواطنيها. وفى محاولة تأمين هؤلاء الذين يبلغون 35 مليون لم تعد الدولة بدفع المصاريف للجميع بل للفقراء منهم فقط. وحتى هذا لم يكن سهلا. ولكن مصر بجرة قلم تعد التأمين الصحى لكل مواطنيها!
 
مادة 19: تنص على ان التعليم حق لكل مواطن وتمد فترة التعليم الإلزامى الى نهاية المرحلة الثانوية. وتكفل الدولة مجانية التعليم بمراحله المختلفة.
طبعا هذا جميل. ولكن من اين تصرف الدولة على هذا المشروع فى الوقت ان التعليم الحكومى لا يفيد الطالب شيئا ويحتاج الطالب الى دروس خصوصية حتى يعوّض القصور الواضح. وهل من السهل رفع التعليم الالزامى الى نهاية الثانوي فى الوقت الذى يصعب تنفيذ إلزام التعليم الابتدائى؟
مادة 21: تكفل الدولة مجانية التعليم الجامعى فى جامعاتها ومعاهدها.
 
وهذاايضارائع. ولكن فى ضوء تدنىمرتبات الاساتذة يلجأ الاساتذة الى فرض الدروس الخصوصية ليرفعوا دخولهم.لكى تحل المشكلة يجب رفع مرتبات الاساتذة وتوفير المعدات التعليمية وكل هذا يحتاج الى المال الكثير الغير متوفر للدولة وخاصة فى الظروف الاقتصادية الحالية.
مادة 27: تنص على ان النظام الاقتصادى يهدف الى تحقيق الرخاء فى البلاد والقضاء على الفقر.
 
هذه اشبه بالنكتة!  حتى السيد المسيح قال "الفقراء معكم فى كل حين" فلم تنجح دولة على وجه الأرض فى القضاء على الفقر. فكيف ستستطيع مصر تحقيق هذا والفقراء يمثلون نصف المجتمع.
مادة 78: تكفل الدولة للمواطن المسكن الملائم والآمن والصحى بما يحفظ الكرامة الانسانية.
 
وهذه نكتة اكبر من سابقتها! قال الفريق السيسى ان الدولة تحتاج لبناء 8 مليون شقة لتغطية الاحتياجات الحالية (وليس المستقبلية).  فاذا افترضنا ان تكاليف بناء الشقة حوالى مائة الف جنيه (دون حساب ثمن الارض) فبعملية حسابية بسيطة سنجد ان المبلغ يقترب منالترليون (الترليون الف مليار).
 
هذه مجرد امثلة لما يعد الدستور الجديدالمواطنين. وواضح انه يعدبما لا يستطيع ان يفى. وحتى لا يصدم الناس عندما يفاجأوا بعدم تحقيق الوعود، وحتى لا يلجأوا الى المظاهرات من جديد،انصح بعدم التعويل كثيرا علي هذه الوعود. الحل لمشكلات مصر لن يكون سهلا، والخطوة الاولى يجب ان تكون بناء الاقتصاد المصرى وهذا سوف يتطلّب عملا شاقا وافكارا تقدمية تبنى على العلم والتكنولوجيا مع نبذ الدروشة وترك الخزعبلات. المشوار طويل،ولكن ما يعطى الأمل ان الشعب المصرى قد اثبت فى كل مكان ذهب اليه انه يملك القدرات على صنع المعجزات. ما يحتاجه هو قيادة قويةأمينة حازمة ومستنيرة تعمل على تغيير المناخ العام الذى يمكن معه تغيير مصر.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter