الأقباط متحدون - الموتُ أكثر نبلًا
أخر تحديث ٠١:٤٥ | الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠١٣ | كيهك ١٧٣٠ ش ٧ | العدد ٣٠٤٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

الموتُ أكثر نبلًا

صوره أرشيفية
صوره أرشيفية

بقلم: فاطمة ناعوت

الرصاصةُ همجيةٌ كافرة، لكن عادلة غيرُ عنصرية. كافرة لأنها تحصدُ روحًا هى من أسرار الله. هو مانحُها، ووحدَه يملكُ حقَّ قبضها. وغيرُ عنصرية لأنها لا تسأل عن عِرق ضحيتها أو عقيدته. البشرُ متساوون فى عينيها، حتى وإن أطلقها متطرفٌ عنصرىّ يقتل لخلاف فى الرأى أو الدين. وحتى رصاصة صهيون، لم تمايزْ بين صدرٍ مسلم وصدرٍ مسيحىّ، فاختلطت دماؤنا على أرض سيناء حتى حرّرناها.

بعد الموت، تتجلّى عنصريتنا، نحن البشر. فنُكرّم هذا باعتباره شهيدًا، ونُهينُ ذاك لاختلافه عنّا! ثم تأتى الأرضُ الطيبة، فتضمُّ رفاتنا جميعًا دون تمييز. فالأرضُ تشبه رفيقتَها السماء، تحبّان البشر بعدالة، وتبكيان كل روح تُزهَق، وتتركان لله مسألةَ تقييم أعمالنا، لأنها شأنه وحده لا شريك له.

أرسل لى مايكل معوّض يقول: الامتحان هو الحل. واقع ملموس عشتُه وقت الدراسة. حين يقترب موعد الامتحان، يذهب «محمد» لتصوير المحاضرات للشلّة كلها. ثم يذهب لمنزل «مينا» ليشرح له النقاط الصعبة، ثم يذهب «مايكل» لبيت «محمد» لمراجعة قبل الامتحان.

وأمام اللجنة يعرض «مايكل» لـ «محمود» سؤالاً مهمًّا تكرر فى سنوات سابقة، فيشرحه «محمود». وتظهر النتيجة فينزل والد «مينا» بسيارته ثم يخبرنا أننا نجحنا جميعًا. فنجتمع لنحتفل

معًا يغمرنا الفرح. لا نتكلم عن نقاط الاختلاف، بل عن نقطة التلاقى (الامتحان) . شأننا شأن الدول المتقدمة التى تحتضن كافة الديانات والطوائف والعقائد بمحبة وعدل. لا يسأل أحدٌ أحدًا عن ديانته، لا يُكفّرُ أحدٌ أحدًا. فيعملون وينجحون ويتقدمون ويحصدون الفرح، الذى يغيب عن مجتمعاتنا التعسة. رغم هذا، وقع وزيرُ التربية والتعليم فى خطأ جمالى وأخلاقى فادح حين لم يعدل بين شهيد العمرانية الطفل «محمد»، وشهيدتى الورّاق، الطفلتين: «مريم نبيل ومريم أشرف». أمر بصرف ثلاثين ألف جنيه لأسرة الطفل، وخمسة آلاف فقط لأسرة كلتا المريمين! نبهناه لخطئه، فاعتذر واعدًا بالمساواة بين الأطفال الثلاثة، لتنال كلُّ أسرة ثلاثين ألفًا. ثم لم يفِ بوعده. ونشرتُ على صفحتى صورة الشيك الممهور لصالح أسرتىْ المريمين، بقيمة ٥٠٠٠ جنيه، فقط لا غير!.. لا الخمسة آلاف جنيه، ولا الثلاثون ألفًا، ولا الملايين تعوض ثكلى عن فقد حُلمها، ولا كنوز الأرض تساوى دمعة تكوى عينيها كلَّ مساء وهى تتأمل سرير طفلها الشاغر. فإن كان الموتُ عادلاً غيرَ عنصرىّ، لا يُمايزُ بين مسلم ومسيحىّ وبوذىّ وملحد؛ فكيف يفرّق العنصريون منّا؟! كيف يبخلُ وزيرٌ على مواساة أمٍّ من الشعب بأموال الشعب، لا من جيبه الخاص؟! الموتُ أكثرُ منّا نبلًا وتحضُّرًا.

نقلا عن : المصري اليوم
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع