بقلم: محمد سلماوي
فى احتفال مهيب برئاسة الجمهورية تجمع أعضاء لجنة الـ50 ورؤساء الأحزاب والنقباء وأسر الشهداء وأعضاء الوزارة، للاحتفال بالانتهاء من صياغة مصر لدستورها الجديد الذى يؤسس للمرحلة المقبلة، التى يتطلع إليها الناس بعد 3 سنوات من الاضطرابات، لم تتحقق خلالها أى من مطالب الثورة.
كان خطاب الرئيس عدلى منصور قوياً ومحترماً يعكس أهمية المناسبة التاريخية، وجاءت كلمة السيد عمرو موسى، رئيس لجنة الـ50، بمثابة تقرير واف وبارع عن الدستور الجديد ومعالمه الأساسية وأهمية ما ورد به من مواد، الكثير منها مستحدث لم يرد فى دساتيرنا من قبل.
وقد أوضح رئيس اللجنة، فى كلمته التى لم تستغرق أكثر من 10 دقائق، المنطلقات الأساسية للدستور الجديد والتى نبعت من مطالب ثورة 25 يناير - 30 يونيو فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فهو دستور «يلتزم ويلزم بتحقيق العدالة بين المواطنين، وينص على تكافؤ الفرص، ويقرن الحق فى مجانية التعليم وفى الرعاية الصحية بمعايير الجودة العالمية».
وأكد موسى أن الدستور ينطلق من الواقع إلى آفاق المستقبل، فهو دستور ينص على أن الإسلام هو دين الدولة، واللغة العربية هى لغتها الرسمية، كما يقدم من الحقوق والحريات ما لم تعرفه دساتيرنا السابقة، وهو دستور يؤسس لنظام ديمقراطى حديث، يعتمد على المواطنة ومحاربة التمييز وتجريم التعذيب، ويفسح المجال لأول مرة أمام الشباب للانخراط فى العمل السياسى فى ظل «دولة مدنية حكمها مدنى وحكومتها مدنية».
ولقد دهشت أن وجدت الصحف وأجهزة الإعلام تمر على الخطاب مرور الكرام فتأخذ منه عنواناً هنا أو آخر هناك، فيما عدا جريدة «الأهرام» التى أفردت له مساحة وافية لعرض ما ورد به من أفكار، لكن ما افتقدته فى كل التغطية الإعلامية هو الجانب البلاغى والراقى للخطاب الذى غاب تماماً عن خطابنا السياسى، والذى انحدر فى الآونة الأخيرة للحديث عن «القرد والقرداتى» و«الأبلج واللجلج» و«الحارة المزنوقة»!!
لقد أنهى عمرو موسى خطابه بالحديث عن الثقافة التى تدخل الدستور المصرى لأول مرة فى فصل كامل تقدم به اتحاد الكتاب يحمل عنوان «المقومات الثقافية لمصر»، فقال إن الدستور يلزم الدولة، لأول مرة، بالحفاظ على الهوية الثقافية لمصر بتنوعها وتعدد روافدها الحضارية، مؤكداً أن «قوة مصر تكمن فى قوتها الناعمة».
إننى أدعو القنوات التليفزيونية لإعادة بث هذا الخطاب فى حملتها لتعريف الناس بالدستور، فهو أكثر تأثيراً من أى حملة ترويجية للدستور شاهدتها حتى الآن، كما أنه يحترم عقلية المواطن ويمتعه بأسلوبه الأدبى البليغ.
نقلا عن : المصري اليوم