الأقباط متحدون - مَدَنِيُـون عظمـاء بخلفِيـَّة عَسكَرِيـَّة
أخر تحديث ٠٠:٣١ | الاربعاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٣ | ٩ كيهك ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٤٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مَدَنِيُـون عظمـاء بخلفِيـَّة عَسكَرِيـَّة

 بقلم مهندس عزمي إبراهيم

هناك تعاريف عديدة للدولة المدنية تتساوى جميعاً في جوهرها ومعناها، ولا تختلف إلا في صياغتها. فبإيجاز، يمكن تعريِف الدولة المدنية بأنها هي دولة تقوم على ثلاث قواعد ذهبية أساسية:
 
القاعدة الأولى هي عدم خلط الدين بالسياسة وعدم زج شرائع الأديان في حكم الوطن ودستوره وقوانينه، مع الإصرار على ضمان حرية الأديان والعقائد وحماية مقدساتها جميعاً. وذاك لسببين: حفاظاً للدولة من النوازع والتيارات الدينية والتنازعات العنصرية، وحفاظاً للأديان من تعرضها للجدل والتجريح والتشويه.
 
والقاعدة الثانية هي كفلُ الحياة الكريمة للمواطنين جميعاً مع المساواة المُطلقة بينهم أمام القانون بلا تفرقة أو تمييز على أساس دين أو جنس أو عرق أو لون أو فكر، والعمل على بث روح المواطنة بين فصائل الشعب من حيث الولاء والتآخي والمسالمة والتسامح وقبول الآخر واحترام مباديء الآخر الدينية والعقائدية والايديلوجية الفكرية مهما اختلفت تلك المبادئ.
 
أما القاعدة الثالثة فهي تطبيق مبادئ ونظم الديموقراطية في الحكم حيث يشارك فيه جميع المواطنين على قدم المساواة، إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين، لتطوير واستحداث القوانين التي ترقى بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي لوطنهم، ولإقرار نظام مميز يؤمن به المجتمع ويسير به إلى ثقافةٍ سياسية وأخلاقية معيّنة متفهمة لضرورة تداول السلطات العليا سلميا وبصورة دورية.
 
وإذا بحثنا عن الدولة المدنية في تاريخ مصر الطويل، نجد أن مصر كانت دولة مدنية مزدهرة في عصرين: عصرها الفرعوني وعصرها الحديث (خلال فترة حكم محمد على واسرته فقط) أما غير ذلك فكانت مصر دولة دينية عنصرية متطرفة الميول والقوانين والسلوكيات فلم تزدهر.. بل تخلفت وانحدرت.
كانت مصر الفرعونية العريقة دولة مدنية رائعة باهرة زاهرة حتى توالت عليها الاستعمارات من الشرق والغرب فتخافت ضوء بهائها حتى الانطفاء. ولكن في تاريخ مصر الحديثة، وبالتحديد في الأربعة عشر قرن الماضية منذ الغزو الاستعماري العربي الإسلامي لمصر عام 641 ميلادية حتى اليوم، لا أحد ينكر أن أزهى فترة مدنية هى فترة حكم محمد علي وأسرته من بعده، أي منذ عام 1805م حتى عام 1952م، ثم بدأت في افنحدار.
 
يقولون: "أصل اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني". وأقول: "أصل اللي بنى مصر كان في الأصل عسكري" فمصر الفرعونية بناها وأنماها وحماها عسكريُّون عظام، أثبتوا أنهم أيضاً مدنيين عظام، أذكر منهم الملك مينا مُوَحِّد القطرين ومؤسس الأسرة الفرعونية الأولى، ورمسيس الثاني أعظم حاكم وقائد وباني عرفه التاريخ، وأحمس البطل الذي طارد الهكسوس من مصر. كما أن مصر الحديثة بناها وأنماها وحماها عسكريٌّ عظيم أثبت التاريخ أنه أيضاً مدنيٌّ عظيم هو محمد على الذي كان حاكماً بخلفية عسكريّة كاملة، ولكنه كان حاكماً مدنياً رائعاً. بنى مصر المدنية في جميع مجالاتها الحيوية وأوجد بها النظام الديموقراطي الذي نضج واكتمل في عصر سعد زغلول إلى ما يقرب من الكمال.
 
تنحرف بعض تعريفات الدولة المدنية بالقول بأن يجب ألا يقودها شخص عسكريّ أو بخلفية عسكريّة. حقيقة أن كثير من الحكام ذوي الخلفية العسكرية كانوا دكتاتوريين قمعيين متعسفين استبداديين، فلم تكن دولتهم دولة مدنية أو ديموقراطية ولا إنسانية. ومن ذلك نبتت الفكرة الغالبة على الكثيرين أن "حكم العسكر" هو حكمٌ قمعيٌ بصفة عامة. وهذا تفكير خاطئ. فالحاكم ذو الخلفية العسكرية، ولا أقصد بذلك من خدم بضعة سنين في العسكرية بل أقصد من كانت العسكرية هي كل مهنته وخلفيته، ليس دائماً دكتاتوراً في حكمه. فالحقيقة أن الخلفية العسكرية تُكْسِبُ الحاكم كفاءة تمكنه من أن أخذ قرارت ممنهجة مدروسة، وأن يَحكم بعقلية مُتئدة مُرساة على النظام وعلى تقدير أهمية توحيد الصف والتخطيط نحو النجاح وتحقيق الأهداف، لا على أهواء شخصية عاطفية أو عنصرية، وقرارت ارتجالية وعشوائية، وسلوكيات متطرفة انفصالية تفتت الوحدة الوطنية.
 
فعلاوة على الفراعنة ومحمد علي المصريين، هناك على سبيل المثال لا الحصر، جورج واشنطون ودوايت ايزنهاور الأمريكيين وتشارلز ديجول الفرنسي كانوا من خلفية عسكرية كاملة، ولم يكونوا دكتاتوريين قمعيين بل كانوا رؤساء مدنيين عظماء قادوا بلادهم بديموقراطية ناجحة وبكفاءة وتوفيق وحكمة في أصعب الظروف. مقابل ذلك، نجد أن ليس كل حاكم مدنيّ كفء أو معتدل أو مدنيّ في حكمه. فهناك كثيرون من الحكام المدنيين كانوا دكتاتوريين قمعيين جبابرة وفاشلين. بل وكانوا السبب في دمار نظمِهم وبلادهم. أدولف هتلر وبينيتو موسوليني ومحمد مرسي العياط خير أمثلة لهؤلاء.
أمل مصر اليوم....
 
لو تجولنا بالفكر والبحث والفحص والتمحيص والتحليل في الساحة السياسية بمصر اليوم. أي لو قمنا بعملية جرد مخلصة نزيهة خالصة من الأغراض إلا انقاذ مصر من كبوتها وحالة التردى في الأوضاع المعيشية والانحلال الاجتماعي التي وصلت إليها. أي لو قمنا بعملية جرد مجردة من كل نزعة تعصبية، سياسية حزبية أو قومية أو دينية. نجد أننا محاطون بشخصيات هرمت وتراخت وترهلت أفكارها من طول الخمول والخمود والكبت والتعاقدات المشبوهة. فنجد أنظارنا وأفكارنا وضمائرنا تتجه نحو شخص واحد لا بديل له. وهو بطل مصر، الفريق أول عبد الفتاح السيسي. فليس أمام مصر أفضل وأحق منه رئيساً. فبخلفيته العسكرية لديه الكفاءة التي تمكنه من أن أخذ قرارت ممنهجة مدروسة وأن يحكم بعقلية مُتئدة مُرساة على النظام وعلى تقدير أهمية توحيد الصف والتخطيط نحو النجاح وتحقيق الأهداف، لا على انفصالية وارتجالية وعشوائية وأهواء عنصرية أو شخصية عاطفية.
 
وإذا كانت معادن الرجال تُختبَر في الشدائد والصعوبات، فقد اختبَرَت مصر الفريق أول عبد الفتاح السيسي فأدركت أن معدنه، صلابة وجودة، خير ما يوجد بالساحة اليوم. وأنه بحنكته وحكمته، وبهدوئه واتزان شخصيته، وبشجاعته وإخلاصه، هو من ماتحتاجه مصر اليوم وإلى أمَدٍ، حتى يمكنه الوصول بها إلى شاطيء مَدنيّ ديموقراطيّ كعصر محمد على التركي الألباني الأصل الذي نهض بمصر من حالة ركود وفساد واستبداد واستنزاف إلى دولة لها وزنها العالمي في عصرها الزاهي.
 
فيامصر، ويا شعب مصر...
مصر في وضع اجتماعي وثقافي وتعليمي وانتاجي واقتصادي يُرثى له. ومصر في حالة ثورة لتصحيح هذا الوضع. والثورة في حاجة إلى قائد واعي. وما رأيناه من السيسي حتى اليوم يجعلنا نطمئن لدعم هذا البطل ليقود نا للمستقبل. فالمستقبل الزاهر في يد الأبطال الحازمين، لا في كرباج رؤساء العصابات. فانزلي يا مصر بجموع شعبك إلى الميادين ليعلنوا تفويضهم للسيسى رئيساً. لينهض بمصر عسكريًا وتعليميًا وصناعيًا وزراعيًا وتجاريًا وسياسياً، مما يجعل من مصر دولة ذات ثقل من جديد داخلياً واقليمياً وعالمياً.
 
الخيط الذهبي أو العامل المشترك بين هؤلاء العمالقة، قادة الدول الديموقراطية، بخلفية عسكرية أم غير عسكرية، هو مزيج من إيمانهم بحرية الإنسان وحقه في الحياة بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه. والتجرد من الأهداف الانتفاعية الشخصية بل التضحية والسير ضد التيارات الصعبة. كذلك حب الوطن والسعى للإرتقاء به حتى أعلى قدر ممكن، وإدراك أن لا ارتقاء لوطن إلا بوحدة مواطنيه ومساهماتهم في ارتقائه وأن ذلك لن يتأتي إلا بالمساواة الكاملة لكل طوائفه وأفراده في كل الحقوق والواجبات والحرية والكرامة دون تمييز على أساس اللون أو دين أو جنس.
 
***
فلكي يلتقي الجميع في ذات الملتقى حيث العدل والاستقرار والسلام والولاء، ثم الانتاج والابداع فالتقدم والازدهار كما بدأت مصر رحلتها للأمام تحت حكم محمد علي واسرته حتى زهت وترعرعت إلى قمتها في نهضتها الرائعة في النصف الأول من القرن العشرين، لا بد اليوم من أمرين:
1-. لا بديل من أية خلفية في الأفق، للفريق أول عبد الفتاح السيسي وكفاءته لقيادة سفينة مصر إلى شاطئ آمن ومستقبل كريم، علاوة على أنه يحظي بثقة شعب مصر بفصائله.
2-. لا تقدم لمصر إلى ذاك المستقبل الكريم دون نزع مواد الدين والشرائع الدينية من دستورها وقضائها ودواوين حكمها، وإقرار حرية الأديان وضمان حماية الدولة للمقدسات جميعاً، إن لم يكن الآن ففي أول جلسة برلمان قادم يُعقد.
*******
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter