الاربعاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٣ -
٣٢:
٠٨ ص +02:00 EET
رباب كمال
أعداد غفيرة من المصريين يحتشدون بقاعة المؤتمرات خلال مؤتمر جبهة مصر بلدى والهتاف للسيسى يهز أرجاء المكان ، هكذا كانت الأنباء قبل عدة أيام .
ولا يخفى علينا صور السيسي على سيارات الأجرة وعلى المحال و الأكشاك الصغيرة ومن منا لم يسمع عن الحملات التي تطالبة بالترشح !
كلها مشاهد تذكرنا بأن الساحة السياسية خالية من مرشح رئاسي يحظى بقبول شعبي جارف سواء شئنا ام أبينا ان نعترف بهذه الشعبية .
خلو الساحة يثير تساؤلات عدة أهمها ... هل فقد منصب رئيس الجمهورية جلاله و هيبته و مزاياه التي لا تعد ولا تحصى...هل أصبح شبح المحاكمات و السجن يخيم على أي سياسي تسول له نفسه الترشح لهذا المنصب الرفيع ؟ لربما يذكرنا هذا المشهد السياسي بمزحة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي و مفادها أن لجنة الدستور أقرت بأن للرئيس فترتين رئاسيتين أحدهما في القصر و الاخري في السجن .
تبقى الكلمة الأخيرة في يد السواد الأعظم من الشعب المصري الذي يبحث عن " ُمنقذ" ، فهذه الأغلبية التي تأذت اقتصاديًا أو مهنيًا أو أمنيًا لا تبحث عن دولة مؤسسات لأنها ليست في الحسبان ، بل يبحثون عن شخص يتوسمون فيه خيرًا لانتشالهم من ظروف عسيرة او هكذا ُيخيل إليهم ..فيعتبرون أن الحل يكمن في شخص واحد أثبت لهم أنه رجل أفعال لا اقوال هذا و إن استثنينا التسريبات المسجلة فهذا شأن آخر .
و هنالك أيضًا قطاع لا بأس به يتخوف من ترشح السيسي لرغبته في بقاؤه بمنصبه كوزير للدفاع خاصة مع حالة الخطر الأمني الداهم في مصر و التغيرات الاقليمية الحرجة ، فقد أصبح الجيش المصري آخر الجيوش العربية في المنطقة أي رمانة الميزان.. و بعض من يستهزئون بهذه الخطورة يتعاملون بسطحية تضاهي الاعتقاد بأن القوى الثورية التي داهمت الساحة السياسية في يناير 2011 قادرة على الوصول للحكم خلفًا لمبارك وأن الإخوان لا حجم ولا كينونة لهم في الشارع .
بعيدًا عن قضية الترشح من عدمها ... فإن معارضي السيسي و المؤسسة العسكرية بشكل مجمل ليسوا فحسب من الاخوان و مواليهم وإنما المعارضة امتدت لصفوف دعاة الدولة المدنية.
الاستهجان المعلن للمعارضين من القوى المدنية هو كيف تنادون بديمقراطية حقيقة ينتج عنها سلطة مدنية منتخبة في حين أنك تؤيد تدخل الجيش في السلطة ؟ أما الاستهجان المعلن للمؤيدين هو كيف ُتخرجون الجيش من معادلة التصدي للإرهاب و ألم يقف الجيش حائلًا دون ارتكاب الإخوان لمجازر قمعية لإسكات أصوت الثائرين ضدهم ؟
بينما تتنازع القوى المدنية على معارضة و تأييد الجيش يظل الخطر الحقيقي قائمًا... خطر السلطة الدينية التي لم تنتهي بخروج الاخوان من سدة الحكم ..فمعركة الأصولية في الأزهر مثلا تلك المؤسسة التي نسميها " وسطية " ستدخل دائرة الضوء خاصة وإن اختار الأزهر قياداته الغير قابلة للعزل من قبل الدولة بحسب المادة السابعة من الدستور ...ومن يضمن اختيارًا وسطيًا و الأزهر يعج بعناصر شديدة الأصولية!!
وهنا يحضرني قول مأثور مفادة ان نختار معاركنا بعناية و ليس نكاية في الآخرين .