العدل صفة من صفات الله ، ورجال العدالة هم ظل الله في أرضه ، وهم حصن العدالة ودرعها الأمين ، لقد قال العقلاء ومن يفهمون فى القانون : أن ضمانات القاضي هي تلك التي يستمدها من قرارات نفسه ، وخير حصن يلجأ إليه هو ضميره ، فقبل أن تفتش عن ضمانات للقاضي ، فتش عن الرجل تحت وسام الدولة ، فلن يصنع الوسام منه قاضيا إن لم يكن بين جنبيه نفس وعزة وكرامة ، وغضبة القاضي لسلطانه واستقلاله.
نسمع عن وزارة العدل (وكانت تسمّى في البداية وزارة الحقانية) على مدى خمس وسبعين سنة من 1878 إلى 1953 نحو 60 وزيراً، وتداولها في ظل دستور 1923 من مارس 1924 حتى قيام الجمهورية في يونيو 1953 نحو 38 وزيراً، وكانت تسمى وزارة الحقانية نسبة إلى رد الحقوق لأصحابها .. فهل هذه المواصفات ، وهذه المسميات تنطبق على قضاء وقضاة اليوم .. إن ضمانات القاضي هي تلك التي يستمدها من قرارات نفسه " توشى عن ذبح القرار المستمد من ضمير وقرار نفس القاضى ، لأنه عندما قال جهابذة القانون هذا التعبير : لم تكن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى ، والمهيمن الأساسى على التشريع والقانون فى مصر .. هذه الشريعة .. التى تأمر القاضى بكل وضوح بأن شهادة غير المؤمن " أى غير المسلم " لا يؤخذ بها ، وخاصة إذا كان المتهم أحد المؤمنين .. ثم أيضا تأمره بكل جلاء بأن لا يعدم مؤمن إذا قام بقتل غير المؤمن ، تمشيا مع حرص الشريعة الإسلامية على تأكيد أهمية العناية بشأن المسلمين فقط بين الناس ، ومن ذلك قول القرآن " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " (سورة الحجرات) .. وعلى هذا فقد القاضى المسلم قرار نفسه ، وماتت كرامته وعزة نفسه ، وإلا فهو ليس بمسلم ولا بمؤمن ، بل ربما يوصم بالردة والكفر لو قام بتنفيذ قوانين العدل كما درسها .. وينعكس ذلك على كل قضايا الظلم ، والقتل ، والإغتصاب ، والسرقة ، وغيرها من الجرائم التى تقع على أقباط مصر .. وضاعت حقوق المواطنين الأقباط والتى هى أمانة في رقاب القضاء والقضاة !! .. فهل يفهم العقلاء من أقباط مصر لماذا أنا ضد المادة الثانية من الدستور ؟؟ !!
فى حالة الشهيد إسكندر طوس الحلاق فى قرية دلجا .. مواطن مصرى له الحق فى الحياة كأى مواطن آخر ، ذبح كما الشاة ، ثم سحل فى القرية أمام الجميع وراء جرار بينما رأسه المقطوع يتأرجح والدم يسيل منه غزيرا ، ليكتب على أرض مصر أحد بنود المادة الثانية فى الدستور .. وتم تحرير محضر إتهام بأسماء قاتليه وعددهم إثنان وخمسون ، وما زال المحضر أمام النيابة حتى الآن ، ولم يتم الفصل فيه لأن مقاضاة قتلة الكافر يكسر حدود الشريعة الإسلامية ، ويقلل من قيمة المادة الثانية فى الدستور ..
الأسرة القبطية التي كانت متهمة بإخفاء فتاة الواسطي ، والمكونة من زكي توفيق اندراوس والد الشاب أبرام المتهم بإخفاء فتاة الواسطي رنا حاتم ، ووالدته سعاد اخنوخ وابن عمه بيتر بهيج ، تم الإفراج عن الأسرة منذ أيام فقط من قسم شرطة بني سويف ، وكان النائب العام قد اصدر قرارا بالإفراج عن الأقباط الثلاثة يوم السبت الماضي ، وحفظ القضية ، وحفظ الأوراق الخاصة بالقضية واستبعاد شبهة الجناية من الواقعة .. ستة أشهر أو أكثر تذوق الأسرة رجالا ونساءا المر والإهانات وراء القضبان بلا ذنب أو جريرة ، والكل يعلم براءتهم بعدما اعترفت الفتاة بهروبها مع شاب مسلم وتزوجا ، ولكن كيف للقضاء قول كلمته فى الوقت الصحيح والمتهمون من الكفرة ؟؟ !! ، أو بمعنى أصح كيف يتم احترام المادة الثانية فى الدستور من القضاء فى مصر ..
قضية دميانة عبيد عبد النور، معلمة مدرسة الشيخ سلطان بقرية العديسات جنوب الأقصر، والتي وُجّه إليها اتهام بازدراء الدين الإسلامي ، واستغلال وظيفتها كمعلمة لنشر التبشير بين طلابها . وهى بريئة تماما مما نسب إليها من اتهامات ، وأنها لم تسيء للإسلام ، وتتمتع بعلاقات طيبة هي وأسرتها مع جيرانها وإخوتها المسلمين ، لم ينطق القضاء بالحكم فيها وهذا لإطالة مدة المذلة التى تعيشها دميانة ، فى الوقت الذى يُحرق الإنجيل ، ويداس عليه بالأقدام ولم يستخدم القضاء القانون لأن الجانى أحد المؤمنين .. والحالات المشابهة كثيرة وبالآلاف .. ولكن لا بد أن تظل المادة الثانية أى الشريعة الإسلامية على رأس الدستور المصرى وتاجا له ..
إنتظر العالم أجمع لعدالة تُساوى بين المُسلِم والمسيحى فى مصر ، وخاصة أن مصر قد وقَعت على مواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، ووضع حد لنزيف الدماء المتواصِل فى صفوف الأقباط ، وانتظروا أن يقول القضاء المصرى قوله الفَصل فى جرائم بشعة يُنَدى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان ، وما زالت الكشح مثالا فى صفحات تاريخ مصر بوصفها اعتداء صارخ ، وإزهاق واحد وعشرين نفسا بريئة عزل من السلاح ، بينها الشيخ والشاب والمرأة والطفل .. وكان الحكم صاعقة لضمير كل من عنده ضمير " البراءة للقتلة " .. وهل أعطانا القضاء المصرى حكما واحدا يدين أى مجرم أو قاتل مسلم كانت جريمته موجهة ضد مسيحى من أبناء مصر؟!! .. يدور هذا السؤال حائرا فى هواء مصر واضعا علامة إستفهام أصبحت أعلى من برج القاهرة ، والتى يأتى صداها بالإجابة لا ولن يحدث ما دامت الشريعة الإسلامية هى التى تحكم ..
العالم كله يعرف أن أفضل وسيلة يلجأ إليها المواطن للحصول على حقوقه المهدورة هو القضاء .. ولكن إذا ناديت حيا ولكن لا حياء لمن تنادي ، فاعرف أنك في زمن سقوط الشرف والقيم والكرامة قى ظل الشريعة الإسلامية ..!!!! وستجد نفسك تكرر فى كل دقيقة " لخلاصك إنتظرت يا رب " .. إن الحكم على قوة ونزاهة وفاعلية السلطة القضائية ودورها المجيد في المجتمع ، هو في حماية حقوق وحريات المواطنين ، وأمن البلاد وسلامها الإجتماعي .. لأنه حيث توجد الحرية والقضاء العادل يوجد الوطن .. ولكننا وجدنا في هذا الزمن الساقط زمن الشريعة الإسلامية لا مكان للعدل ، ولا مكان للمواطنة ، بل سقوط القضاء المصرى إلى أدنى مستوى ، بعد أن كان وسام شرف وعدالة في الأرض يفخر به كل مواطن .. إن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ، وشرف
القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات. لذا فاستقلال القضـاء ضمان أساسي لحريات المواطنين وحقوقهم .. استقلال القضـاء ضرورة لحماية سيادة القانون .. استقلال القضـاء يُكسب الناس الثقة في نزاهة القضاء وفي شرعية النظام السياسي .. فهل يستطيع القضاء المصرى كسر قيود الشريعة الإسلامية ليحرر العدل والشرف والأمانة من أغلال وقيود هذه الشريعة الظالمة اللا إنسانية الغادرة الماكرة المجاهرة بكل ما هو ضد حقوق الإنسان ؟ !!!!