الأقباط متحدون - الخوف من الموت
أخر تحديث ٠٧:٠٠ | السبت ٢١ ديسمبر ٢٠١٣ | ١٢ كيهك ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٤٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الخوف من الموت

مينا ملاك عازر
 
نسير في حياتنا في اتجاه واحد صوب نهاية واحدة وهي أن نفارق الحياة وننطلق لما هو أرحب ورغم ذلك نعيش نتقاتل ونتناحر، نحرم أنفسنا من متع ونحرم الآخرين من متعهم ونجاحاتهم لا لشيء إلا لأننا بهذا نظن أننا نعيش حياة أفضل مع أنه الأفضل أن نعيش ونترك من حولنا يعيش، ننجح ونترك من حولنا ينجح، لا أكره جو التنافس ولكن أكره الأذية والقضاء على الآخر فكل ما نفعله يصل بنا في النهاية إلى نهاية واحدة وهي الرحيل عن تلك الحياة.
 
الكارثة الحقيقية، أننا نعيش حياتنا محاولين نسيان تلك النهاية وكأنها لن تأتي وإن تذكرناها خشينا منها، ونعيش للحظات نقلق وننتحب ثم سرعان ما ننسى أو نتناسى، نعيش غاضبين مخاصمين، ثائرين لأنفسنا ولكرامتنا، منتقمين من أعدائنا، صانعين اعداءاً جدد كلما استطعنا. وفي وسط كل هذا، وحالما قفزت أمامنا حالة النهاية المحتومة حلمنا بأن يكون أعداداً غفيرة تسير في جنازاتنا لندلل أن أحبائنا أكثر أو لندلل أن لنا عزوة.
 
نسعى في حياتنا لنجمع أكبر قدر من الأموال، وأن نسطر أسماءنا في سجلات الشرف والمنجزين مهما كان هذا على حساب أشياء ثمينة وغالية وأبقى، تضمن لنا نهاية سعيدة بعد الرحيل، لكننا في غمرة هذا كله ننسى أن شيء من هذا كله لن ننتفع به، لا شهرة ولا مال ولا اسم منير سنأخذه معنا، ولن ينفعنا يوم أن نقف ليحاسبنا الله، فالله لا يأخذ بالوجوه والجيوب بل بالعكس، هي تزيد من مواقفنا سوءاً على سوئها، إذ سيقول لنا الله أعطيتكم كل هذا ولم تعطوني شيئاً، أنا لم أكن أريد إلا قلوبكم، نعم الله لا ينظر إلا لقلوبنا، ورغم ذلك هي آخر مكان نحاول تنظيفه وتجميله وتحسينه بعكس بيوتنا وقصورنا وفيللنا وشوارعنا ومستقبلنا الذي نسعى بكل جهدنا لأن نحسنه وننسى أن مهما طال المستقبل لا بد في النهاية من الموت.
 
أعرف أنك قد تكون تضايقت مما كتبت أو تأثرت وقررت أن تنتبه لتلك النهاية وأعرف أنه من الممكن أن تعتبرني متشائماً، ولكن المهم أنك لو تغيرت وكنت جاداً في تغييرك لا يكون تغييراً طارئاً ثم سرعان ما ننسى ككل مرة نحاول أن نتغير لنعمل لما هو باقي وليس لما هو وراء وفاني.
 
أرجوك يا صديقي القارئ، أن تتمهل قليلاً وتتذكر أننا نعيش كغرباء في هذه الحياة مثلنا مثل آبائنا وأجدادنا. سل نفسك، أين الآباء والأجداد؟ لا أقول لك أن تكف عن العمل والإنجاز وإنما أن توازي بين الشيئين على ألا يكون عملك على حساب خاتمتك، وسعيك لمستقبل أفضل لا يكون على حساب حياة تبقى للأبد.
المختصر المفيد  اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter