ناجح إبراهيم | الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠١٣ -
٣٢:
٠٥ م +02:00 EET
ناجح ابراهيم
أصدر أبوالمنذر الشنقيطى، قائد تنظيم التوحيد والجهاد بسيناء، بياناً مطولاً كتب جُملاً فيها من الخلط والتدليس ما فيها.. ورغم طول البيان فإن جل أفكاره تنضح بالتكفير والدعوة للقتل والتفجير.. ورغم ذلك لم يستوقفنى ذلك فهو معروف عنهم.. ولكن فقرة واحدة استوقفتنى وظللت أتأملها طويلاً، وهى دعوة الشنقيطى ونداؤه لزوجات ضباط الجيش المصرى بترك أزواجهن وطلب الطلاق منهم إذا لم يتركوا العمل فى الجيش، لأنهم كفار. وأريد التعليق على ذلك فى عدة نقاط سريعة:
أولاً: أبوالمنذر الشنقيطى من موريتانيا وليس مصرياً.. ولم يقابل فى حياته ضابطاً مصرياً.. أو يلتقِ ضباطاً من الجيش المصرى أو يعرفهم عن قرب حتى يحكم عليهم بالكفر، وهو أقسى حكم على أى مسلم.. لأن تكفير المسلم كقتله، لأنه قتل معنوى، وهو مقدمة طبيعية لقتله مادياً بدم بارد.
ثانياً: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يقول المسلم لأخيه «يا كافر»، فى حديثه الرائع «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كانت كما قال وإلا رُدَّت عليه».. هذا الحديث لمن يقول لشخص واحد.. فكيف بمن يكفِّر عشرات الآلاف من الضباط وكذلك الجنود بالجملة ودون تثبت.
ثالثاً: مهمة الحركة الإسلامية الدعوة، وهداية الخلائق، وليست مهمتها- ولن تكون مهمتها- الحكم على الناس، فهذه مهمة القضاة.. ونحن دعاة لا قضاة.. ولم يتعبد الله خلقه والمسلمين منهم بتكفير هذا أو تفسيق هذا.. ولن يسأل أحداً يوم القيامة: كم كفَّرت من الخلائق؟.. ولكنه سيسألنا: كم هديت من الخلائق؟.. وكم حبَّبت الخلق إلى الحق؟.. وكم رغَّبت الناس فى هذا الدين العظيم؟.. وكم نفَّرت الناس منه؟
رابعاً: تعميم الأحكام من الظلم البيّن.. بل من البغى أيضاً.. فلا يمكن أن تكون هناك أمة أو مؤسسة أو حتى أسرة صغيرة على شاكلة واحدة من الخير أو الشر.. أو الطاعة أو المعصية.. أو الإيمان والكفر.. وقد كان القرآن عظيماً وعادلاً حينما تحدث عن أهل الكتاب قائلاً: «ليسوا سواء»، وهو قمة العدل القرآنى مع خصومه.. وآيات القرآن التى تحدثت عنهم كانت بأسلوب التبعيض «ومنهم»، «ومن أهل الكتاب».
خامساً: ستظل كلمة النبى، صلى الله عليه وسلم، عن جنود مصر أنهم خير أجناد الأرض باقية، تصك آذان العالم كله حتى قيام الساعة.. رغم أنف كل من يكره ذلك.. وقد أدرك العز بن عبدالسلام ذلك حينما دعم جيش مصر من المماليك وقطز.. رغم ما كان فى المماليك من عسف وظلم.. لأنه أدرك أنهم الوحيدون القادرون على هزيمة التتار.. وقد صدق حدسه وتوقعه.. وكذلك ابن تيمية حينما وصف جيش مصر من المماليك بأنهم الطائفة المنصورة.. رغم ما عُرف عن المماليك من مظالم.. لأنهم الذين تمكنوا من هزيمة التتار والصليبيين معاً.. ويمكن للجميع أن يراجع البطولات العظيمة للظاهر بيبرس الذى أذل التتار والصليبيين معاً.
سادساً: قرر الفقهاء قاعدة عظيمة، وهى أن الإنسان يدخل الإسلام باختياره ولا يخرج منه إلا باختياره.. فلا يستطيع أى أحد أن يخرجه منه إلا أن يكون راغباً فى ذلك.. فإذا وقع فى أكبر المعاصى لم يخرجه ذلك من الإسلام.
وهذا صحابى شرب الخمر خمسين مرة، ورغم ذلك أثبت له الرسول، صلى الله عليه وسلم، حب الله ورسوله فى قوله «لا تلعنوه، فإنه يحب الله ورسوله». أما أغرب ما جاء فى هذا البيان فهو قول الشنقيطى «إن الجهاد فى سيناء- أى ضد الجيش المصرى- هو الطريق إلى تحرير القدس بإذن الله».. ولماذا تقتل الجيش المصرى فى طريقك لتحرير القدس. لماذا لا تذهب لتحررها مباشرة؟!.. لماذا تعبر إلى القدس عبر دماء المسلمين ودماء الجيش العربى الإسلامى الوحيد الباقى فى المنطقة والمتماسك حتى الآن؟!
وهل فعل ذلك أحد من القادة العظام مثل قطز أو بيبرس أو صلاح الدين الأيوبى؟!.. أى عقول هذه التى «تفكر بالشقلوب».. «وودنك منين يا جحا؟».. كما يقول العوام.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع