الأقباط متحدون - قراءة في الدستور المصري الجديد
أخر تحديث ١٤:١٨ | الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠١٣ | ١٨ كيهك ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قراءة في الدستور المصري الجديد

بقلم : صفاء زكي مراد
 
القانون الدستورى كما يعرفه الفقه الدستورى هو القانون الأساسي الذي يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات.
 
والدستور بذلك يسري على كل السلطات فى الدولة ومن ثم كان طبيعيا نتيجة لذلك أن تظهر قاعدة دستورية القوانين التي تقضى بألا يصدر قانون على خلاف الدستور وإلا كان ذلك قانونا باطلا يتعين على القضاء الامتناع عن تطبيقه. 
التطور الدستوري للبلاد:
 
باستقراء التطور الدستوري للبلاد نجد أنه قد مر بمراحل متعددة كافح فيها الشعب المصري كفاحا مريرا من أجل الدستور وصمد فيها أمام سلطات الاحتلال الأجنبي التي حاربت وجوده بشتى الوسائل والطرق. 
 ففى الفترة ما بين 1805 – 1882 شهدت البلاد نضالا طويلا للشعب المصري انتهى بإصدار دستور للبلاد سنة 1882 ثم ما لبثت سلطات الاحتلال الإنجليزي أن ألغته، ولكن الشعب واصل كفاحه ولم يتوقف جهاده فى سبيل الدستور إلى أن صدر فى 19 أبريل سنة 1923 دستور سنة 1923 ووفقا لهذا الدستور انعقد أول برلمان مصري في 15 مارس سنة 1924. 
وظل هذا الدستور قائما إلى أن ألغى فى 22 أكتوبر سنة 1930 ثم أبطل العمل به وعاد العمل بالدستور الملغى سنة 1923 وظل الأخير معمولا به إلى أن قامت ثورة الجيش فى 23 يوليو سنة 1952 وصدر أول إعلان دستورى فى 10 ديسمبر سنة 1952 أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور سنة 1923 والذى جاء فيه (أنه أصبح لزاما أن نغير الأوضاع التى كادت تودى بالبلاد والتى كان يساندها ذلك الدستور الملىء بالثغرات ...) والأخذ فى تأليف لجنة لوضع مشروع دستور جديد على أن تراعى الحكومة (المبادئ الدستورية العامة). وفى 13 يناير 1953 صدر مرسوم بتأليف لجنة لوضع مشروع جديد.  وفى 15 يناير سنة 1953 حددت فترة الانتقال بثلاث سنوات.  وفى 10 فبراير سنة 1953 صدر الإعلان الدستوري الثاني متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال. وفى 18 يونيه سنة 1953 ألغيت الملكية فى مصر وأعلنت الجمهورية. 
وفى 16 يناير سنة 1956: صدر الإعلان الدستوري النهائي – أي في نهاية السنوات الثلاثة السابق تحديدها كفترة انتقال. ورغم إعلان الدستور النهائى فى 16 يناير سنة 1956 فقد ظل العمل بالإعلان الدستورى المؤقت الصادر فى 10 فبراير سنة 1953 إلى أن أجرى الاستفتاء على الدستور النهائي بتاريخ 23/ 6/ 1956، وفى هذا التاريخ وافق الشعب على دستور يناير سنة 1956 وأصدره، مما أمكن معه العمل به فى حينه. 
ثم دستور الوحدة الصادر فى مارس 1958 على أثر إعلان الوحدة بين مصر وسوريا فى فبراير 1958. والدستور المؤقت لمصر الصادر فى 25 مارس سنة 1964.  ثم فى 11/ 9/ 1971 تم إعلان دستور مصر الدائم لجمهورية مصر العربية والمعدل بقرار مجلس الشعب الصادر بجلسة 30/ 4/ 1980
دستور1971 الدائم والتعديلات التي أجريت عليه وأخرها في مارس 2007 هو الدستور القائم حتى قيام ثورة 25 يناير 2011. وفي 11/ 2/ 2011 تخلى السيد محمد حسني مبارك عن منصب رئيس الجمهورية وكلف القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد. وبتاريخ 13/ 2/ 2011 أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية تعطيل العمل بأحكام الدستور، وحل مجلسي الشعب والشورى، وتوليه إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة لمدة ستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية، وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور, وتحديد قواعد الاستفتاء عليها من الشعب.
وفي26/ 2/ 2011 انتهت اللجنة المُكلفة بتعديل المواد الدستورية، من تعديلات المواد ٧٥، ٧٦، ٧٧، ٨٨، ٩٣، ١٣٩، ١٤٨، ١٧٩، ١٨٩.
نص التعديلات الدستورية المقترحة:
 
وفيما يلي نستعرض نصوص التعديلات المقترحة والمطروح الاستفتاء عليها في 19/ 3/ 2011 الجاري.  
 
(مادة ٧٥)
يشترط فيمن يُنتخب رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل أو أى من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجاً من غير مصرية، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية. 
(مادة ٧٦)
يُنتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر.
ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشح ثلاثون عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب أو الشورى، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل، بحيث لا يقل عدد المؤيدين فى أى من تلك المحافظات عن ألف مؤيد.
وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله.
ولكل حزب من الأحزاب السياسية التى حصل أعضاؤها على مقعد على الأقل بطريق الانتخاب فى كل من مجلسى الشعب والشورى فى آخر انتخابات، أن يرشح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية.
وتتولى لجنة قضائية عليا تسمى «لجنة الانتخابات الرئاسية»، الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية، بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.
وتُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً، وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة.
وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة فى اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنة.
وتُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التى تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين فى المادة ٨٨.
ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره وتقرير مدى مطابقته للدستور.
وتُصدر المحكمة الدستورية العليا قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة، ويُنشر فى الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.
(مادة ٧٧)
مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة تالية.
(مادة ٨٨)
يحدد القانون الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجلس الشعب ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء.
وتتولى لجنة عليا ذات تشكيل قضائى كامل الإشراف على الانتخاب والاستفتاء بدءاً من القيد بجداول الانتخاب وحتى إعلان نتيجته، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون.
ويجرى الاقتراع والفرز تحت إشراف أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم مجالسها العليا، ويصدر باختيارهم قرار من اللجنة العليا.
(مادة ٩٣)
تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب.
وتقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وتفصل المحكمة فى الطعن خلال تسعين يوماً من تاريخ وروده إليها.وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ مجلس الشعب بقرار المحكمة.
(مادة ١٣٩)
يُعين رئيس الجمهورية خلال ستين يوماً على الأكثر من مباشرته مهام منصبه، نائباً له أو أكثر ويحدد اختصاصاته، فإذا اقتضى الحال إعفاءه من منصبه وجب أن يُعين غيره. وتسرى الشروط الواجب توافرها فى رئيس الجمهورية والقواعد المنظمة لمساءلته على نواب رئيس الجمهورية.
(مادة ١٤٨)
يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه.فإذا تم الإعلان فى غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه وذلك بمراعاة الميعاد المنصوص عليه فى الفقرة السابقة.
وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول اجتماع له.
ويجب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ.
وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك.
(مادة ١٧٩)
تلغى
(مادة ١٨٩) فقرة أخيرة مضافة
ولكل من رئيس الجمهورية، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسى الشعب والشورى، طلب إصدار دستور جديد، وتتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو، ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين من غير المعينين فى اجتماع مشترك، إعداد مشروع الدستور فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض رئيس الجمهورية المشروع خلال خمسة عشر يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه فى شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء.
(المادة ١٨٩) مكرراً
يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة أشهر من انتخابهم، وذلك كله وفقاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة ١٨٩.
(المادة ١٨٩) مكرراً١
يمارس أول مجلس شورى بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور، بأعضائه المنتخبين، اختصاصاته. ويتولى رئيس الجمهورية، فور انتخابه، استكمال تشكيل المجلس بتعيين ثلث أعضائه، ويكون تعيين هؤلاء لاستكمال المدة الباقية للمجلس على النحو المبين بالقانون.
 
التعليق على التعديلات الدستورية سالفة البيان
 
أولا: تعليقا على مبدأ التعديل في ذاته 
 
1-  الثورات تسقط الدساتير
إن الثورة بوصفها حركة التغيير السياسى والاجتماعى والاقتصادى الشاملة لنظام الدولة واستهدافا لتحقيق المصلحة العامة للجماعة هى تعبير عن انتهاء العقد الاجتماعى بين الحاكم والمحكوم، فوفقا لنظرية سيادة الأمة يسقط الدستور بنجاح الثورة، فالأمة هى التى ارتضت الدستور ميثاقا لها، وهى بالثورة تسحب هذا الرضا وتعبر عن مقاومتها له ومن ثم تعلن نهايته بالكامل وسقوط آثاره، وبذلك فإن ثورة الشعب المصرى فى 25 يناير 2011 قد أسقطت دستور 1971 فلم يبق منه سوى المبادئ الدستورية ذات الصلة بالحريات وحقوق الإنسان حتى يقيم الشعب دستوره الجديد.
 
2- مدى جواز تعطيل أحكام دستور النظام الساقط، وهل تقبل الأحكام الساقطة أو المعطلة تعديلا يمكن طرحه على الشعب للاستفتاء؟ 
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإعلان الدستورى فى 13 فبراير 2011 «بتعطيل العمل بالدستور» ولا نجد سندا لتعديل دستور معطل سوى حكم المادة (189) منه، التى تتطلب لتعديل مادة أو أكثر من الدستور أن يتولاها رئيس الجمهورية وقد سقط بسقوط النظام، أو أن يتولاها مجلس الشعب وقد سقط كذلك بسقوط النظام وأكد سقوطه الإعلان الدستورى الصادر فى 13 من فبراير سنة 2011 بحله، وحتى لو قيل إن التعديل الدستورى لا يتم على سند من الشرعية الدستورية وإنما يتم على سند من الشرعية الثورية، فالثابت أن تلك الشرعية الثورية قامت ولاتزال على مطلب رئيسى للثورة وهو تشكيل جمعية تأسيسية وطنية منتخبة لوضع دستور جديد وليس تعديلا لدستور يكرس السلطات ويدعم الاستبداد.
 
ثانيا: ملاحظات عامة على التعديلات.
 
إن التعديلات التي أدخلتها اللجنة بها أخطاء في الصياغة وتصطدم مع نصوص أحكام أخرى في الدستور، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 75 بأنه "يُشترط فيمن يُنتخب رئيساً للجمهورية...."، والصياغة السليمة هي "يُشترط فيمن يُرشح لمنصب رئيس الجمهورية...". والمادة 77 منه تحدد مدة رئيس الجمهورية بأربع سنوات، في حين أنه وفقاً للمادة 190 فإن مدة الرئاسة ست سنوات.
 
ثالثا: تعليقا على المواد المعدلة والمطروحة للاستفتاء عليه في 19/ 3/ 2011 
 
 
1-  الملاحظات على تعديل المادة (75) من التعديلات الدستورية :
أ ــ من المقرر أن فكرة الجنسية ترتبط ارتباطا لصيقا بمبدأ سيادة الدولة، ولذلك فإن شرط الولاء المتفرد هو أمر ضرورى فى العديد من الوظائف ومنها وظائف السلكين الدبلوماسى والقنصلى فكان من باب أولى أن يتطلب الدستور هذا الشرط فى رئيس الجمهورية، ورغم ذلك فإننا كنا نفضل لاعتبارات عملية أن يقترن هذا الشرط بمدة محددة سابقة للترشيح كأن يكون النص بألا يكون قد حمل أو أى من والديه جنسية دولة أخرى قبل ترشحه للرئاسة بعشر سنوات على الأقل، معالجة لحالات التجنس القسري للبعض وتلافيا لحالات التحايل بالتنازل الشكلى أو المؤقت عن الجنسية الأخرى.
 
ب ــ العديد من القوانين السارية تشددت فى شرط الجنسية المصرية بتطلبها أن يكون الشخص مصريا أصليا بغير طريق التجنس فاستوجبت فى المرشح للانخراط فى السلك العسكرى أن يكون (مصريا من أبوين مصريين يتمتعان بالجنسية المصرية عن غير طريق التجنس) مثل قانون هيئة الشرطة، وقانون النظام الأساسى للكلية الفنية العسكرية، وقانون النظام الأساسى للمعهد الفنى للقوات المسلحة، وقانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة.
 
ج ــ الدستور محل التعديل ذاته لا يتسق مع الشروط الواردة بالمادة (75) منه، فلم يشترط لتعيين الوزير أو نائبه فى المادة (154) من الدستور سوى أن يكون مصريا، ولم يشترط فى رئيس مجلس الوزراء أو نوابه حتى شرط أن يكون مصريا!
 
د ــ إن شرط ألا يكون المرشح متزوجا من أجنبية ـــ ولو كانت عربية ـــ هو شرط وإن رأى فيه البعض كثيرا من التشدد إلا أنه شرط يتعلق بالأمن القومي وحماية الوطن.
 
2-  الملاحظات على تعديل المادة (76) من التعديلات الدستورية:
 
خالف التعديل حكم المادة (40) من الدستور التى أكدت أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، وذلك لاعتبارات أهمها:
أ-  فيما يتعلق بشروط  قبول الترشيح للرئاسة.
1ــ أن الخيارات الثلاثة للمرشح للرئاسة ليست ذات وزن قيمى واحد فلن يستوى وزنا من يحصل على تأييد 30 عضوا من نواب البرلمان، مع من يحصل على تأييد 30 ألف مواطن، مع الحاصل حزبه على مقعد واحد بأى من مجلسى الشعب والشورى، وهو ما يهدر مبدأ المساواة بين المرشحين. 
 
2ــ فى غيبة إطلاق حرية تكوين الأحزاب لن يبقى من خيار يحقق المساواة بين كل من المرشحين لرئاسة الجمهورية سوى شرط تأييد عدد من المواطنين، وأعتقد أن التخفيف من قيد العدد المقترح سيكون عادلا بأن يتعدل العدد إلى عشرة آلاف مواطن مثلا دون تخوف من كثرة من يستطيع عملا الحصول على هذا العدد.
 
ب- عدم دستورية تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة:
لقد أحسن التعديل الدستورى أن أسند الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءا من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب إلى لجنة قضائية عليا (لجنة الانتخابات الرئاسية) إلا أننا لا ندرى سببا لتبنى مساوئ المادة (76) التى مثلت نقطة سوداء فى جبين المشروعية الدستورية طيلة 4 سنوات، فيتم الإبقاء على النص بما يشمله من أن تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها‏،‏ غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة‏،‏ فقد أهدر النص حكم الفقرة الثانية من المادة (68) من الدستور التى نصت على (ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء) وكان الأحرى ألا يرى هذا النص النور فى ظل فترة انتقالية ثورية أراد فيها الشعب أن يطهر ثوبه من رجس التسلط والاستبداد والتوريث.
ولا يجوز تبرير النص بتحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة بمقولة إنها لجنة مكونة من شيوخ رجال القضاء وهى لجنة موثوق بها، فثمة فارق كبير بين القاضى حين يحكم ويصدر أحكاما أو قرارات قضائية وبينه حين يصدر قرارات إدارية بما له من سلطة إدارية تقررت له بموجب القوانين واللوائح، فاللجنة لا تعدو أن تكون لجنة إدارية أو لجنة قضائية ذات اختصاص إدارى لا تفصل فى منازعة قضائية ومن ثم ما كان يجوز للدستور أن ينص على تحصين تلك القرارات بأى حال.
 
ج-  عدم دستورية تحصين القانون المنظم للانتخابات الرئاسية من الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا بدعوى تحقق الرقابة السابقة على دستوريته:
 
إن تحصين القانون المنظم للانتخابات الرئاسية من الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا بدعوى تحقق الرقابة السابقة على دستوريته، جاء مخالفا للدستور ذاته وللمبادئ العامة التى يقوم عليها من وجهين:
الأول ــ أن منهج المشرع الدستورى لا يعرف نظام الرقابة السابقة لدستورية القوانين وإنما تتم الرقابة وفقا لحكم المادة (175) من الدستور وكل من المادة (25) والمادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا.
 
الثانى ــ أن الرقابة القضائية المسبقة على دستورية القوانين لها مثالبها العديدة فهى رقابة لا تنصب على تطبيق للنص أو على منازعة حول تطبيقه، وإنما هى رقابة نظرية، لا تقوم على نص يكون قد أثار خلافا فى التطبيق بما يفقدها قيمتها القانونية. 
 
3-  الملاحظات على المادة 77 من التعديلات الدستورية:
التعديل المقترح للمادة 77 جاء جيدا،ومع ذلك هناك رأي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يذهب إلى أن هذا التعديل يناسب بصورة أفضل الدستور الجديد، الذي تضعه هيئة تأسيسية. أما طبيعة هذه الفترة الانتقالية "الثانية"، فإنها تتطلب انتخاب رئيس بمواصفات خاصة لهذه الفترة، ولمدة واحدة فقط، قد تكون أربع سنوات –مثلما اقترح التعديل- أو أقل، أي ثلاث سنوات. على أن تكون المهمة الرئيسية للرئيس "الانتقالي"، هى الإشراف على وضع أسس انتقال مصر إلى دولة ديمقراطية ناهضة، تحترم حقوق الإنسان في إطار الاتفاقيات والإعلانات الدولية، بما يتطلبه ذلك من وضع دستور جديد، وتفكيك مرتكزات الدولة البوليسية، ومن بناء وتحرير مؤسسات الديمقراطية، وعلى رأسها مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية والأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والمنظمات غير الحكومية.
 
4-  الملاحظات على المادة 88 من التعديلات الدستورية:
على الرغم من اتجاه التعديلات المقترحة للاستجابة إلى المطالب الداعية للإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية، إلا أن التعديل المقترح للمادة 88 ينص على مشاركة "هيئات قضائية" في الإشراف على الانتخابات، بدلا من حصره بالقضاء الجالس، الأمر الذي يفتح الباب أمام مشاركة هيئات قضائية لا تتمتع بالاستقلالية الكافية مثل هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة (وفقا لقانون الهيئات القضائية المعيب الذي تم وضعه سنة 2008).
5-  الملاحظات على المادة 139من التعديلات الدستورية:
 
كان من الأفضل أن يتبنى تعديل المادة 139 إخضاع منصب نائب رئيس الجمهورية للانتخاب، وليس التعيين من قبل رئيس الجمهورية، بحيث يتجه التعديل لأن يتم التصويت على منصب رئيس الجمهورية ونائبه في عملية واحدة.
 
6-  الملاحظات على المادة 148 من التعديلات :
فيما يتعلق بهذه المادة الخاصة بإعلان حالة الطوارىء فقد كان من الأصوب إلغائها تماما والاكتفاء بقانون العقوبات وبه مواد رادعة تصل لحد الإعدام لأى جريمة إرهابية. كما أن مواد قانون الطوارئ لا تخرج عن كونها صورة من الأحكام العرفية التى صدرت فى مصر عام ١٩١٤.
المقترح الذي نتبناه لعبور هذه المرحلة والوصول إلى دستور جديد
 
لا يصلح الدستور الساقط -حتى مع التعديلات المقترحة- لأن يكون إعلاناً دستورياً وللوصول إلى دستور جديد في هذه المرحلة الانتقالية يقترح الأستاذ الدكتور جورجي شفيق ساري أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة المنصورة .خارطة الطريق نتبناها ونطالب بتنفيذها وتتلخص فيما يلي:
أولاً: إصدار إعلان دستوري يتضمن المواد الأساسية لإدارة شئون البلاد لحين وضع دستور جديد للبلاد. 
 
ثانياً: تشكيل مجلس رئاسي من اثنين من المدنيين وواحد عسكري لإدارة شئون البلاد خلال فترة انتقالية مدتها ستة شهور على الأكثر، يكون من صلاحياته إصدار مراسيم بقوانين، ومن بينها مرسومٌ بقانون ينظم إنشاء الأحزاب السياسية. 
 
ثالثاً: تشكيل لجنة من حوالي 50 عضواً من السياسيين والمفكرين وأساتذة القانون الدستوري لإعداد مشروع دستور جديد كامل للبلاد خلال شهر على الأكثر، والأمر لا يستغرق أكثر من هذا، حيث إن المشاريع موجودة وكثيرة، وتتم فقط المفاضلة بينها، فلا يجوز التحجج بضيق الوقت، ثم حتى على فرض أنها سوف تستغرق وقتاً أطول، فلم لا، ولماذا "السربعة" ونحن نضع لبنات مجتمع جديد. 
 
رابعاً: يتم طرح مشروع الدستور في الصياغة المقترحة من قبل اللجنة للنقاش الشعبي العام ومن كافة القوى السياسية خلال 15 يوماً. 
 
خامساً: يتم إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد خلال 15 يوم من انتهاء اللجنة من صياغته النهائية بعد إجراء النقاش الشعبي العام. 
 
سادساً: إجراء انتخابات مجلس الشعب (بالنسبة لمجلس الشورى، يقترح إما منحه اختصاصات تشريعية كاملة على غرار المجلس الثاني في برلمانات الدول المتقدمة، وإما إلغاءه تماماً، وهو الأفضل) خلال مدة شهرين، 
 
سابعاً: إجراء انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه، خلال شهر من انتخابات مجلس الشعب. 
 
هذه هي اقتراحات أ.د جورجي شفيق أستاذ القانون الدستوري والتي نرى ضرورة تنفيذها إذا كنا بالفعل جادين في بناء مجتمع جديد على أسس قوية صحيحة ديمقراطية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter