الأقباط متحدون - الإسكندرية.. كمان وكمان!!
أخر تحديث ٢١:٠٧ | السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٣ | ١٩ كيهك ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٥٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإسكندرية.. كمان وكمان!!

د.سعد الدين ابراهيم
د.سعد الدين ابراهيم

 أنا مدين فى هذا العنوان للفنان المصرى الكبير يوسف شاهين ابن الإسكندرية، الذى خلّدها فى إحدى روائعه السينمائية: الإسكندرية كمان وكمان. فأنا ألح فى هذا المقال على التنويه بأفضال العاصمة الثانية لمصر، بل التى تتفوق على القاهرة بمبادئها طيلة القرنين الأخيرين.

 
وقد قمت فعلاً بزيارة الإسكندرية ثلاث مرات مُتتالية خلال شهر ديسمبر ٢٠١٣، تلبية لدعوات كريمة من منظماتها الأهلية، ذات المُبادرات المُبدعة فى التنمية والرعاية الاجتماعية. وفى مقدمتها جمعية المُنتزه للتنمية الثقافية، التى يرعاها رجل الأعمال المعطاء المهندس لويس لُطفى، وجمعية الحلم الجديد، التى تقودها شخصية نسائية مُبدعة، هى السيدة محمد أحمد، والناشط السياسى والاجتماعى حسام الدين ناصف والفنانة الثورية سالى فؤاد.
 
وفى كل زيارة إلى تلك المدينة العريقة، أكتشف مزيداً من القيادات والإبداعات. وفى الزيارة الأخيرة (٢٠ ديسمبر) التقيت قيادتين شبابيتين من جمعية الزهراء، هما الأخوان محمد ومحمود حامد، اللذان نظما مؤتمراً حاشداً لمُناقشة مشروع الدستور الجديد، الذى دعانا الرئيس عدلى منصور للاستفتاء عليه يومى ١٤و١٥ يناير ٢٠١٤.
 
واللافت للنظر أن نشطاء الإسكندرية من كل الأعمار، يدخلون مُباشرة فى موضوعات اللقاء، على الأقل خلال الساعة الأولى من المُناقشات ثم يتطرقون إلى القضايا الأخرى ذات العلاقة بالموضوع. وعادة ما تشمل هذه الأخيرة: الإخوان المسلمين، والسلفيين (حزب النور)، وأمريكا، وروسيا، وقطر. وفى اللقاء الأخير فرض الموضوع السورى نفسه، واستأثر بجزء كبير من النقاش.
 
واتضح أن الإسكندرية تضم جالية سورية كبيرة، وأن ذلك يعود إلى أوائل القرن التاسع عشر، حيث كانت الإسكندرية على علاقة تجارية وثيقة بموانئ بر الشام.
 
كما استضافنا السيد مصطفى إبراهيم طلعت فى سهرة مُمتعة بمركز إبراهيم طلعت لحقوق الإنسان. ورغم أن الدعوة كانت فى ساعة مُتأخرة، بعد يوم شاق، إلا أننى لبيتها، احتراماً واعتزازا بالراحل إبراهيم طلعت، الذى كان مُحامياً فذاً، والذى شاركنى فى تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، قبل ثلاثين عاماً. وسعدت أن نجله مصطفى إبراهيم طلعت، حافظ على تراث أسرته الوفدية من ناحية، وعطائها لقضية حقوق الإنسان من ناحية أخرى.
 
واستمر عتاب نشطاء الإسكندرية على استئثار القاهرة بنصيب الأسد حركياً وإعلامياً. ولكن الإعلامى النابه أسامة كمال، استجاب هذه المرة للعتاب، فأرسل فريقاً من قناة (On Tv) لتغطية أنشطة ذلك الأسبوع فى الإسكندرية. ثم اتضح بعد ذلك أنه من الخلايا السكندرية النائمة فى القاهرة! ولا شك أن القاهرة مليئة بمثل هذه الخلايا النائمة. لذلك نقترح على كل القنوات التليفزيونية العامة والخاصة أن تفرد ساعة على الأقل، أسبوعياً، لتغطية أخبار وأنشطة الإسكندرية. ففضلاً عن جامعتها العتيدة، ومكتبتها الرائعة، ومتاحفها وآثارها اليونانية ـ الرومانية المُبهرة، فإن بها حركة فنية متنوعة، تعود جذورها إلى سيد درويش وبيرم التونسى، منذ ثورة ١٩١٩.
 
كما أن أشهر مُمثلينا ومُخرجينا العالميين، وهما عُمر الشريف، ويوسف شاهين، هما سكندريان، وكذا أشهر عُلمائنا. فصاحب نوبل، الدكتور أحمد زويل، هو خريج جامعة الإسكندرية. وكتب نجيب محفوظ بعضاً من أهم رواياته، التى حاز عليها جائزة نوبل، فى مدينة الإسكندرية، مثل السمان والخريف، واللص والكلاب.
 
ومن وحى الهموم والعتابات السكندرية، وُلدت حركة جديدة، هى الحركة المصرية الشعبية، التى نذرت نفسها لهدف رئيسى واحد، هو تعميق مفاهيم ومُمارسات الدولة المدنية الحديثة، التى هى دولة لكل أبناء الوطن، من نساء ورجال، متساوين فى الحقوق والواجبات، دون أدنى تمييز بسبب الدين، أو المذهب، أو النوع، أو التفضيلات الفكرية والعقائدية.
 
واختار المجتمعون لجنة تنسيقية مؤقتة للحركة، تضم رجال الأعمال المهندس لويس لُطفى، ورجل الأعمال الليبرالى حسام الدين ناصف، والسيدة محمد أحمد (المعروفة بأم ماندو)، والأخوين محمد ومحمود حامد، والفنان د.حسن البحر درويش.
 
ومن التجليات السكندرية ما تقوم به السيدة أم ماندو فى مُحاربة التسول، وخاصة بين البنات والنساء، والذى عادة ما يكون أحد الأبواب الخلفية للرذيلة وجرائم وانحرافات أخرى. وهى تفعل ذلك من خلال جمعية الجيل الجديد. وقد جعلت شعار هذه المُبادرة «التحوّل خير من التسول». ومضمونها تعليم السيدات والبنات المتسولات حِرفة، يتكسبن منها، أو تشجيعهن للعودة إلى مقاعد الدراسة وإنهاء تعليمهن المهنى أو الأكاديمى، والبحث لهن عن أعمال مُحترمة فى القطاع الخاص أو القطاع العام. وقد وصل عدد من أهلتهن الجمعية خلال السنوات الثلاث الماضية، أكثر من خمسمائة امرأة وفتاة. ولا تتخلى المُستفيدات عن خدمات جمعية الجيل الجديد بالتبرع بجزء من دخولهن للجمعية، للمُساعدة فى تأهيل أخريات من المتسولات السابقات.
 
فشكراً لأم ماندو على مُبادرتها الجليلة، وهنيئاً للإسكندرية إبداع أبنائها فى شتى الأنشطة. وإلى تنويهات دورية بكل ما هو جديد عن شعب الإسكندرية العظيم.

نقلا عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع