الأقباط متحدون - ليست قصة للتسلية وإنما
أخر تحديث ٠٠:٠٢ | السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٣ | ١٩ كيهك ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٥٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ليست قصة للتسلية وإنما

مينا ملاك عازر
 
في إحدى الأحياء المزدحمة بالسكان وفي إحدى العقارات المأهولة والتي لديها حارس عقار، ورغم هذا كله دق الباب على إحدى المواطنات –سيدة خمسينية- وفتحت الباب دون أن تعتني بمسألة أن تعرف من الذي على الباب، وفوجئت بشابين، يقولان لها أنهما من شركة سيزار التي تعمل تحت إشراف وزارة الصحة، وأتيا ليرشا البيت مجاناً، وسيتركا رقم تليفون للاتصال بهم إذا ما أعجبتها الخدمة، وقبلت السيدة الخمسينية عرضهما وأدخلتهما البيت، وهناك بدءا يرشان وفجأة أنهيا دورهما وتركا الزجاجة التي يسكبان منها المبيد، وخرجا من البيت وسط ريبة من أهل البيت حتى مر اليوم والكل لا يفهم ماذا جرى؟ ولماذا؟ وما أن جاء صباح اليوم التالي حتى انقشع الضباب وتكشف أن الشابين ما هما إلا لصان سرقا لاب توب كان موجوداً على مكتب بصالون المنزل، وفرا فور نيلهم غنيمتهما، ووسط ضيقة الكل بدأ الكل ينقل الخبر للناس حتى لا يغرر بآخرين، ففوجئوا أن هناك سيدة أخرى تعرضت لنفس الموقف، وتم سرقة علبة مشغولات ذهبية منها بنفس الطريقة.
 
هذه القصة ليست للتسلية حضرتك، فرؤيتك الهادئة لها تستطيع استنتاج عدة أمور مهمة منها أنه لم يزل هناك مواطنين يثقوا بأن هناك دولة، ولدى تلك الدولة حكومة تعمل وتهتم بهذه المسائل التي قد تبدو مهمة في نظر أولائك المواطنون ولكنه من سفاسف الأمور في نظر تلك الحكومة العاجزة في أبسط الأشياء، تستطيع أن تستنتج أيضاً أنه عندما زاد معدل الجوع بالبلد خاطر شابين بكامل صحتهما وقادران على العمل الشاق إلى أن يدخلا بيتاً ويقتحمانه ويسرقانه للعوز ولعجزهما عن العمل أو لاستسهالهما ولك أن تختار ما شئت من أسباب دفعتهما لفعلتهما هذه، كما تستطيع أن تستنتج أن الناس لو حذرا بعضهما بعضاً لما وقع الآخرون في أفعال وأخطاء سبق للبعض الوقوع فيها، فلو كانت السيدة التي سُرِق منها علبة المشغولات الذهبية ابلغت المحيطين بها وتم تناقل الخبر لما سُرق اللاب توب، وأيضاً يمكنك أن تتبين أن ثمة خطر محدق بالبلد، وذلك من خلال انشغال الشرطة بفض مظاهرات الإخوان المختلون اللذين لم يزالوا يحلمون بعودة ما يسمونه الشرعية أي عودة الجاسوس لممارسة عمله كجاسوس، ومتخابر مع الجهات التي يتخابر معهم.
 
تلك القصة ليست للتسلية صدقني، فيمكنك أن تضع يديك على حقائق كثيرة ليس فقط السابقة الذكر، وإنما حقائق أخرى مثل أنه لو قام حارس العقار بوظيفته، وهو فرد في منظومة كاملة بل في بلد باكملها، معظم من بها يقصرون في القيام بدورهم ووظيفتهم، وذلك لأنه يقوم بوظائف جانبية بجوار وظيفته الأساسية لأن العائد الذي يعود عليه من وظيفته الأساسية لا يكفيه ليعيش أو لأنه متراخي مثله مثل كثيرين بالبلد، كذلك تستطيع أيضاً أن تدرك من تلك القصة، أنه لم يزل هناك أُناس تقلق على الآخرين وتحذرهم حرصاً عليهم كما فعلت تلك الأسرة التي رغم ضيقها انشغلت بتحذير الآخرين مثلها مثل هذا الكاتب الذي يكتب هذا المقال، الذي يكتب أيضاً لتحذيرك، وهذا سبب كافي لي لكتابة هذه القصة التي أكرر أنها ليست للتسلية.
المختصر المفيد ربنا يستر علينا.
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter