السبت ٤ يناير ٢٠١٤ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
ارشيفيه
بقلم مينا ملاك عازر
لم تتح لقداسة البابا تواضروس ذات الفرصة التي أتيحت له في رأس العام الماضي بالذهاب لكنيسة القديسين ليصل هناك بين مئات الأقباط الذين أتوا ليس فقط احتفالاً بعاماً قد هل عليهم لكن ايضاً ليجتروا ذكريات لم تفارقهم قط ذكريات دموية وكانت قد مرت حينها السنة الثانية لذكرى انفجار عصف بقلب الوطن لم يكن له سابقة بمصر، وإنما سبقته إليه العراق في كنيسة سيدة النجاة بشكل أكثر فجاجة، لم يكن أحد يتخيل أن مصر ستشهد ما اقترب منه، فالأجواء لم تكن هكذا اللهم إلا بعض التفاهات والحماقات من بعض السلفيين، ولم يكن الإخوان في الصورة حيال قداسة البابا شنودة - نيح الله روحه- وبعض المناوشات بين الكنيسة وبين الأمن بسبب كنيسة العمرانية في نهاية عام 2010 فتحمس شباب الأقباط وهتفوا ولأول مرة ضد النظام، وكرروها بأكثر حدة حتى تهددت ولأول مرة على أيدي مسيحيين كرامة بعض مسؤولي الدولة الذين أتوا ليعزوا في شهداء كنيسة القديسين وذلك أثناء الجنازة، وهتف الأقباط في الكنيسة ضد مبارك نفسه الذي كانوا ينادوه فيما سبق لينجدهم فسقط بعدها مبارك، وبعد ذلك بعامين انتقل قداسة البابا تواضروس للأسكندرية ليحتفل وسط بنيه المكلومين للآن - لعدم إتمام القصاص لذويهم - بذكرى رحيل شهداء الكنيسة وباستقبال سنة جديدة لم يكن أحد ينتظر منها ما قدمته إذ كانت بشائرها قد هلت من نهاية العام الذي سبقها بالاستفتاء على دستور سخيف وضيع وضعه الإخوان لأنفسهم بمعونة سلفية محضة.
وكانت الأحداث الدامية المكللة للعام الفائت هى مجزرة بورسعيد والاتحادية الثانية إلى أن قرر القدر الاستجابة لصرخات الأقباط والمصريين فتجاوب معهم وجعل الأخوان يسلط عليهم من أعمالهم ويستفزوا الجيش بحماقة، فلم يعد أمام الجيش إلا الاستجابة هو الآخر لمطالب الشعب، ففعلها، وكان الثلاثين من يونيو، ورغم أن البابا كان واحداً من صناع تلك اللحظة التاريخية بالإطاحة بالإخوان نزولاً على طلب شعبي إلا أن الجيش لم يدعه يذهب لكنيسة القديسين ليفعل ما فعله سابقاً أو قل هو لم يشء فعل ذلك لعدم الإثقال على الجيش والشرطة، شأنه في ذلك شأن معظم الكنائس التي اختارت تخفيف الحمل على الشرطة بتقليل مدة الصلاة بها لألا تئن الشرطة، لكن الإخوان أبوا أن يمر الاحتفال على خير فاختاروا كنيسة بعين شمس ليخطوا بها خطاً جديداً من الدماء بهجوم على الكنيسة أدى لمصرع شاب بل شهادته ليس فقط لدموية إخوانية وإنما أيضاً لتقصير طبي لاقاه الشهيد من عدم وجود عربة إسعاف وعدم وجود سرير له في احد المستشفيات ولا عناية مركزة بمستشفى أخرى، وأخذ الشهيد يتنقل بين مستشفى لأخرى إلى أن اختار القدر أن يريحه، وأخذه إلى جانبه لينضم للصارخين بالقصاص بيد الله من قاتليهم منذ الكشح ومن قبلهم ومروراً بشهداء نجع حمادي وانتهاءاً به بإذن الله.
أخيراً، تحية لكل دم ذكي بذل لأجل الوطن، ولكل عام مرة دونما دم، وحتى الذي مر مكللاً بالدم، فكل دماء تبذل تحرر وطن، هي دماء حارقة لقاتلها وسافكها ولذا تجد الأقباط يذهبون يتقوون، والقتلى يذهبون يضمحلون.
المختصر المفيد تعازي لأهل إيهاب غطاس الشهيد الذي كلل بدمه عام 2014.