الأقباط متحدون - الحب والتقديس .. والفرق بين رئيس ورئيس
أخر تحديث ٠٣:٥٢ | السبت ٤ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٢٦ | العدد ٣٠٦١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الحب والتقديس .. والفرق بين رئيس ورئيس

 نيلسون مانديلا
نيلسون مانديلا

 بقلم سميرحبشي

يا إخوتى : إن العالم مملوء بالزعماء والرؤساء والقادة الكثيرين ، إلا أن القادة المخلصين الذين كانوا أحلام الناس قليلون وقليلون جدا ، ولكن الذين هم  مثل أحلام الناس التى  سقطت وانهارت فهم كثيرون ، فالقائد الخادم لا المخدوم هو الذى يكتب التاريخ اسمه مزينا بأنواط الشرف والعزة والكرامة ، التى هى أكثر قيمـــة من شـــهاداتهم العلميــــة أونياشينهم العسكرية ، والتاريخ يذكر دائما  تضحياته وأعماله وقيادته الناجحة ، كما أيضا يسطر لمن كان حلم الشعب المكسور فشله ، وعدم إخلاصه وأخطائه الفادحة.
 
أعلن رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما وفاة نيلسون مانديلا بطل النضال قائلا : الأمة فقدت أشهر أبنائها ، لقد توفي بهدوء وشعبنا خسر أبا .. لقد خسرنا أحد الرجال الأكثر تأثيرا والأكثر شجاعــة ، وأحـــد أطيب الأشخـــاص على هذه الارض . وأضــاف : بفضـل عزة نفسه ،  وإرادته الصلبة للتضحية بحريته من أجل حرية الآخرين ، قام بتغيير جنوب افريقيا وأثَر فينا جميعا. نُعبر عن إمتناننا العميق لحياة عاشها في خدمة الناسفي هذا البلد ، وفي خدمة دائمة مؤكدة ، إنها لحظة حزن  ، وسنحبك دائما يا مانديلا. ولم ينتهى الحديث عن تكريم مانديلا على هذا الحد ، ولكن إهتز العالم كله لوفاته ، وسار وراء نعشه أشهر وأكبر زعماء العالـــم .. قال عنه  الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنه "مقاوم إستثنائي ومقاتل رائع ." وقرر هولاند تنكيس الاعلام في فرنسا حدادا.، وأشادت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بمانديلا معتبرة أنه اسم ساهم الى الأبد في المعركة ضد قمع شعبه ، واسمه سيبقى إلى الابد ملازما للمعركة ضد قمع شعبه والنصر على نظام الفصل العنصري. وكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «في ساعة مبكرة من صباح اليوم انطفأ نور عظيم في العالم». " كان مانديلا بطلا لعصرنا "، وأمر بتنكيس العلم فوق مقر الحكومة. وهذه يا إخوتى نماذج قليلة عما كتب عنه .
 
فى مصرنا الحبيبه وشعبها الذى عاش من هوجة العسكر التى أعطوها اسم ثورة فى عام 1952 ، وإلى يومنا هذا مع قيادات كسرت وشوهت كل أحلامه وأمانيه  ، أصبح الشعب هذه الأيام يتطلع إلى حلم مستقبل أبنائه فى شخص زعيم ، ورئيس ما زال فى علم المستقبل فى إخلاص الزعيم مانديلا .. ينتصر على الفساد ويقود العباد بأمانة وإخلاص ، لأن فساد الرئيس تماما كنقطة الحبر فى كوب من اللبن ، ينتشر فيه حتى يتلوث الكوب كله ،  أما القول بأن الفساد يبدأ من "أسفل" أي من السواد الأعظم للأمة،  ثم يصل إلى "فوق" أصبح حجة ضعيفة ، بعد أن كشف التاريخ منذ قيام الدول والمجتمعات أن الفساد يبدأ من القيادات وأصحاب القرار . ومصر الغالية مثل واضح بين الأمم ، سار شعبها قهرا فى موكب الحياة نحو الشقاء ثلاثين عاما تحت قيادة ظلت تعذب شعب مصر بمطامعها ، وملاحقة مكاسبها الشخصية ، حتى أصبح الإنسان فى مصر أسيرا ومثقلا بقيود الحياة ، لا يستطيع أن يلاحق هبوب نسمات الحرية .. ولكن يا إخوتى كان صمته أصعب من الكلام  ، وكانت الثورات الهائلة تضطرم داخل القلوب ، وتكوَن فكرا بدأ مرتعشا فى قلوب أبناء مصر ، فكرا ألقى بهم بين ماضــى تعيس ، ومستقبل يجب أن يحفروا  أخدوده بأظافرهم .. وخرجت الكلمات هادرة " إرحل " .. وخرج الشعب يطلب الحياة ولا يهاب الموت .. خلع الشعب المصري بغالبيته مبارك في 25 يناير 2011 ، وأجبره على التنحى ، لأنه وجد فيه ما يهدد حاضره و مستقبله ، و يعتدي على خبزه و حريته و كرامته الإنسانية ، بعد أن طال إفتراء واعتداء مبارك على عشرات الملايين من بني وطنه .. والفرق واضح بين حب الشعب لرئيس ورئيس .. فعندما كان مانديلا مريضا فى المستشفى كان يجتمع الشعب حتى الأطفال بالشموع حول المستشفى فى صلاة حارة وإبتهالات حتى الصباح يوميا طالبين بدموع الحب من الله له الشفاء .. وعندما مثل مبارك دور المريض تجمع الشعب فى الميادين مطالبين بمحاكمته .
 
إن كل الذين حكموا مصر في الستين عاماً الماضية نعم أخطأوا، وكانت أخطاءهم بالرغم من بشاعتها محتملة  ، لأنهم كانوا يعرفون ويدركون أنهم يحكمون بلداً ذات تاريخ ، بلدا كبيراً ومهاباً وله ثقله بين دول العالم ، ولكن للأسف عندما لعب الشيطان والأمريكان لعبتهم ، ووضعا مرسى العياط برباط على سدة الحكم لينفذ كل أغراضهم كان رمزا للخيانة ،  لا أخلص لبلده ولا لشعبها ، وكان يجهل تماما حجم وكنه  "مصر" التي يريد أن يحكمها هو وجماعته!! . لقد كان يريدها  خرابا تنفيذا لأوامر أسياده .. مع إنعدام الرؤية تماما عند قيادة البلد .. وانتهى دوره ، فلم يكن في الحقيقة إلا سلعة للاستخدام الذى لم يطول بأمر الشعب الذى ترجم مواده عمليا جيش مصر الباسل ، ففي كل طلعة شمس يتأكد لكل المصريين أن مرسي العياط كان مجرد سمسار، يبيع ما لا يملك لمن لا يستحق ، يبيع بلداً من المنبع إلى المصب  .. نعم خائن، ولذا خرج المصريون لقتاله هو وجماعته الفاشية ، وانتهى به المقام وراء القضبان يفترش "  البرش  " فى الوقت الذى خرج عظماء العالم يودعون الرئيس المخلص مانديلا .
وما حدث لمبارك ومرسى العياط رسالة لكل الخونة والمأجورين الذين يتآمرون على البلاد وافساد العباد ، هذا هو مصيرهم  ونهايتهم بلا رجعة .. وكلاهما  قد خسرا شعبه ، وتبرأ منهما حتى الشيطان والأمريكان .
 
إن القيادة المخلصة الحكيمة الفعّالة لا تقتصر على إلقاء الخطابات أو نيل الإعجاب ، ولكن تحددها النتائج ، لا شيء يهمّ سوى النتائج ، النتائج هي ما لا نستطيع النقاش به . القائد العظيــم يقود أخيراً فريقه نحو النصر ،  والنصر في قمة الأهمية ، إنه أهم صفات القائد العظيم ،  ومصر الآن وهى فى وسط البحر والموج العالى ، تحتاج إلى ربان قادر أن يجنح بها إلى شط الأمان ، تحتاج رئيس يعرف قيمة الحزم والحسم والقدرة ، تحتاج إلى قائد ومدير وإنسان يستطيع إنهاء التخريب ، والحرق والتدمير ، وإنقاذ البلد من الأيادى الإرهابية الغاشمة الحاقدة الخائنة .. رئيس قادر أن يطعم أفواه الفقراء قبل أن يشتريهم المخربون والخــائنون تحت ذل الإحتيــاج .. رئيس قــوى يضــع حلول جذريــة حاسمــة لتفعيـــل القانون ، ويقضى على مهزلة الجلسات العرفية .. رئيس قادر أن يضرب بأيدى من حديد على المجرمين ، وإقامة المحاكمات العاجلة والسريعة للقتلة .. وأخيرا وهذا هو الأهم مصر تحتاج رئيسا يعرف جيدا ويؤمن بأن عرش الرئيس الحقيقى هو قلوب شعبه وليس منصة الحكم .. 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter