الأقباط متحدون - حقيقة النموذج التركى
أخر تحديث ١٩:٤٠ | الاثنين ٦ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٢٨ | العدد ٣٠٦٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حقيقة النموذج التركى

اردوغان
اردوغان

 المتتبع لوسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية يجد هذه الأيام تحولاً فى موقفها من تركيا، فخلال السنوات الثلاث الماضية كانت تروج للتجربة التركية باعتبارها النموذج الذى يجب أن تحتذى به الدول العربية فى عملية التحول الديمقراطى، وخاصة دمج الإسلاميين فى النظام السياسى. اليوم ومع تزايد مظاهرات الاحتجاج ضد أردوجان والكشف عن فضائح الفساد فى حكومته وتراجع معدلات الأداء الاقتصادى، نجد البعض يتحدث عن نهاية النموذج التركى، بل إن مجلة الإيكونومست الشهيرة ذكرت فى عددها الأخير أنه بدلاً من أن تصبح تركيا نموذجاً للعالم العربى فإنها سلكت الطريق العربى القديم المتمثل فى الفساد والاستبداد.

 
وبغض النظر عن هذه الرؤية الغربية وتراجع شعبية حكومة أردوجان، فقد كان لدىّ دائماً توجس وعدم قناعة بما يسمى النموذج التركى وإمكانية تطبيقه فى مصر وذلك لسببين أساسيين:
 
السبب الأول يتعلق بخطأ الافتراضات التى يستند إليها من يروج لهذا النموذج وخاصة ما يتعلق بدمج الإسلاميين. فتطور الحركة الإسلامية فى تركيا لم يحدث فقط من خلال الدمج بل تم فى أحيان كثيرة عن طريق الإقصاء والعزل، فتم حل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية مرتين (حزب الرفاه عام ١٩٩٨ وحزب الفضيلة عام ٢٠٠١) لمخالفتهما النصوص الدستورية التى تحظر خلط الدين بالسياسة، وتم تجميد النشاط السياسى لقيادتهما لعدة سنوات. وقد أدى ذلك لمراجعات فكرية ضخمة لدى الإسلاميين، وأصبح حزب العدالة والتنمية - الذى خلف هذين الحزبين والذى يحكم تركيا الآن- يصف نفسه بأنه حزب ديمقراطى محافظ وليس حزباً إسلامياً، وأن هذا الجانب المحافظ يقتصر فقط على القضايا الأخلاقية والاجتماعية. أى أن الدولة التركية القوية ساهمت فى هذا التحول وفرضت على القوى الإسلامية القواعد التى جعلتها تتكيف وتتوافق مع الأسس التى قامت عليها الدولة، أما الإسلاميون فى مصر فتمسكوا بمرجعيتهم الدينية وسعوا لتفكيك الدولة القائمة وفرض قيمهم عليها وعلى الجميع.
 
السبب الثانى للتشكك فى النموذج التركى هو ارتباطه بحسابات استراتيجية غربية سعت لزيادة النفوذ التركى فى الشرق الأوسط، وفى أحيان كثيرة على حساب الدور والمصالح المصرية. وتوافق ذلك مع الرؤية التركية بأن فتح أبواب الاتحاد الأوروبى الموصدة أمامها لن يتم إلا عندما تدرك أوروبا أهمية الوزن الإقليمى لتركيا فى الشرق الأوسط، واحتياجها إليها للتعامل مع دول هذه المنطقة. وجاءت أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربى لتعطى لتركيا فرصة ذهبية لتطبيق رؤيتها، فساندت قوى الإسلام السياسى وساعدتها للوصول للحكم، وبدأ الغرب يتحدث عن النموذج التركى ودوره المأمول فى المنطقة، ودعم من ذلك قبول الإخوان المسلمين فى مصر لهذا الدور وتبعيتهم للقيادة التركية.
 
خلاصة القول إن النموذج التركى عليه العديد من علامات الاستفهام، وإن دولة بثقل وتاريخ مصر لا يمكن أن تقبل به، وعليها أن تطور نموذجها الخاص وأن تسعى لاستعادة مكانتها فى المنطقة استناداً لهذا النموذج.

نقلا عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع