الأقباط متحدون - داري على شمعتك
أخر تحديث ١٣:٥٠ | الخميس ٩ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ١ | العدد ٣٠٦٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

داري على شمعتك


بقلم علي سالم

 داري على شمعتك تقيد، مثل مصري قديم عند تحويله إلى صورة من أجل فهمه، لا بد أن نتصور شخصا يمشي في مكان مظلم وقد أوقد شمعة وهي بالطبع عرضة للانطفاء بسبب تيارات الهواء لذلك تراه يحمي الشعلة بكفه، أي يداريها.

 
عدد كبير منا يمشي في شوارع الدنيا المظلمة وقد أوقد شمعة، وحتى لو كان الهواء ساكنا، فلا بد أن تكون أنفاس الناس قوية إلى الدرجة التي تطفئ شمعتك ولذلك عليك أن تداري عليها. المثل لا يطالبك بإخفاء حقيقتك بل يطلب منك بذل مجهود لحماية هذه الحقيقة. كان من الصعب عليّ ولسنوات طويلة الأخذ بهذا المثل ومراعاة تنفيذه في حياتي، ربما بدافع من الغرور أو الإحساس الزائد بالثقة بالنفس وكأنه لا يوجد على الأرض من هو قادر على إطفاء شمعتي، أما الآن فأستطيع أن أقول لك بافتراض أنني قد حصلت درجة معقولة من النضج، أنه يوجد دائما من هو قادر على إطفاء شمعتك وشمعة من هو أتخن منك، وأن الطريقة الوحيدة للحفاظ على ما توفره لك من ضوء هو أن تداري عليها.
 
هنا أنتقل بك إلى فضيلة التواضع؛ عندما تكون قويا ولامعا وغنيا ومؤثرا لا تقل بصوت مرتفع على الملأ.. أنا حلو قوي.. أنا محترف جدا.. أنا لا أعرف الخوف.. أنا ما حدش يعرف يصدني ولا يردني.. أنا ماليش سقف.. أنا طويل قوي وأعرف أخرم أي سقف.. هكذا تكون قد أمسكت بألف شمعة ومشيت بها في مواجهة الرياح والأعاصير. لا أحد يستطيع حماية شعلته في ألف شمعة، لذلك سيظهر لك حتما من هو قادر على إطفائها جميعا. كلمات أشبه بهذه قالها مقدم برامج شهير لزميلة له في برنامجها فأغلقوا له برنامجه، وتفرق دمه بين قبائل الحكومة وسراديبها وتطلب الأمر حدوث ثورة وزوال نظام ليعود أمام الكاميرا.
 
في أفلام فريد شوقي القديمة يوجد مشهد ثابت؛ يتحرش به أحد الفتوات في صفاقة فيرد عليه فريد في مسكنة: يا عم أنا غلبان.. هو أنا قدك يا عم.. سامحني.. حقك عليّ..
 
ولكن الفتوة يواصل التحرش به بينما فريد يرد عليه بأنه غلبان جدا وعند لحظة معينة من تصاعد المشهد يمسك به فريد ويضربه بالروسية في حركة مفاجئة ثم ينهال عليه ضربا هو ومن يتعرض له، عندها يصيح الجمهور في انتصار وفرحة. هو ليس معجبا بفريد لأنه ضرب الفتوة بل لأنه تظاهر بالضعف طويلا ثم أعلن عن قوته الساحقة. عندما تكون قويا فمن المؤكد أن الناس جميعا تعرف ذلك، فلا داعي لأن تذكرهم بضعفهم.
 
عندما تكون غزالا جميلا، ذا لحم لذيذ وفير، فهذه هي طبيعتك وهويتك، أنت عاجز عن تغيير مواصفاتك، ولكنك قادر ويجب أن تكون قادرا على عدم التباهي بطيب لحمك أمام الذئاب لأن ذلك يفجر بداخلهم رغبة قوية في التهامك. المباهاة أمر خطير للغاية.. في اللحظة التي تقول فيها للآخرين: أنا حلو قوي.. فلا بد أن يكون ردهم عليك: «طب تعالى يا حلو لما ناكلك».
نقلأ عن الشرق الأوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع