السبت ١١ يناير ٢٠١٤ -
٤٦:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم المحامي نوري إيشوع
في صباحي الباكر من إيام الصيف القارس و البارد برودة القلوب المظلمة و الأفئدة المفحمة بالكراهية و الحقد، نظرتُ من نافذتي الى الفضاء الخارجي، فلم أرى إلا ضباباً كثيفاً كغمامةٍ سوداء غطت المكان، لم أسمع من خلالها إلا أصواتاً باهتةً، اصوات أطفال و نساء و شيوخ و المشردين بدون مأوى و كل الذين طالهم الظلم و الإهمال، أسرى أبرياء محكومين بالإعدام يطلبون النجدة، ينشدون الرحمة، يطلبون المأوى يشحدون اللقمة.
حملتُ فانوسي و زيتي و سرت في أزقة النهار، أشعلتُ شمعة و عيوني تمطر دمعة، لإنني كنتُ وحيداً دون معين أو صديق، تعثرتُ في مشيتي لوعورة الطريق و أنا واثق بانني أعرف حق المعرفة دروب الأحبة و معالم الطريق وزرعتُ بإيادي سهول الوطن و أنقذتُ بوفائي مليون غريق!
هبت عاصفة الشر قاصدةً فانوسي و إشعال الحريق، أشعلتُ فانوسي ثانيةً، فتشتُ عن رجال تطفئ الحريق و تنقذ الغريق، تحنو عالأطفال تطعم الجياع و تعطف عالشيوخ و تحمي الصديق لا أصوات إلا أصوات غراب يزيد النعيق.
شاهدتُ في الطريق ملايين الرقيق، طاعة و عبادة و في الأقتتال ألف فريق و فريق، أكملتُ الطريق، أميال من المسير، لا رجال في الطريق، بل أشباه رجال
باعوا أرواحهم للحور و المال، هذا عابد لحية و ذاك يركع لصخلة و الآخر راكب بغلة، ليسوا برجالٍ بل أشباه رجال! شنوا عالإنسانية حملة و العذر فلوس موزة و فتاوي يدعي العبادة لله والأخر رجب طاب له مرافقة قملة.
عدتُ بإداراجي إلى ملاذي، أغلقتُ نوافذي و قتلتُ تاريخ ميلادي في عالمٍ إختفت فيه الرجولة، أسدلتُ ستارة نهاري و رجعتُ الى عالمي الحالم كالعادة.
كان يا ما كان، كان في غابر الأزمان رجالاً، كان لهم كلمة و في ساحات الوغى جولات و في النخوة كانوا في لٌحمة و اليوم إختفوا كوطاويط الليل في الظلمة.