اشتداد المواجهة في أنقرة بين الحكومة والقضاء حول الفساد
شهدت جلسة البرلمان التركي أمس مشاجرة بين أعضاء البرلمان التركي بالأيدي وتراشقوا بزجاجات المياه أثناء مناقشة بخصوص صلاحيات الحكومة في تعيين القضاة وممثلي الادعاء مع تصاعد الخلاف حول طريقة تعامل الحزب الحاكم مع فضيحة فساد.
وقال مراسل «رويترز» في البرلمان إن أحد النواب قفز على طاولة وأخذ يركل برجله في الهواء، في حين تشاجر آخرون وتبادلوا اللكمات بينما تطايرت في الهواء ملفات أوراق وعبوات مياه بلاستيكية بل وأيضا جهاز آيباد.
وعند اندلاع المشاجرات كانت لجنة العدل بالبرلمان مجتمعة لمناقشة مشروع قانون قدمه حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان ليمنحه سلطة أكبر على القضاء.
وقال شهود إن الشجار نشب حين وصل ممثل جمعية قضائية ومعه التماس مكتوب يصف مشروع القانون بأنه غير دستوري لكن لم يسمح له بالتحدث.
وقال عمر فاروق أمين أغا أوغلو رئيس جمعية القضاة وممثلي الادعاء التركية بعد المشاجرة: «حين أتعرض للركل هنا وأنا ممثل للقضاة فإن كافة ممثلي الادعاء والقضاة سيسحقون عند إقرار هذا القانون.
وتحولت المواجهة بين الحكومة التركية والقضاء إلى حرب مفتوحة، فيما بدأ البرلمان مناقشة مشروع قانون مثير للخلاف لتعزيز السيطرة السياسية على القضاء، أول من أمس، وذلك في خضم فضيحة فساد. وتظاهر آلاف الأشخاص أمس في أنقرة ضد الحكومة الإسلامية المحافظة التي يرأسها رجب طيب إردوغان والتي تتخبط في فضيحة فساد غير مسبوقة.
وخرج المجلس الأعلى للقضاة الذي يطاله مشروع القانون بشكل مباشر، إحدى أبرز المؤسسات القضائية في تركيا، عن صمته للتنديد بالنيات «غير الدستورية» لرئيس الوزراء رجب طيب إردوغان. وعد المجلس في بيان أن «الاقتراح يخالف مبدأ دولة القانون». وأضاف المجلس الذي يعين القضاة أن هذا التعديل يجعل المجلس خاضعا لوزارة العدل. وهذا التعديل مخالف للدستور. ويرمي مشروع القانون الذي أعده حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى منح وزارة العدل الكلمة الأخيرة المتعلقة بتعيين القضاة في مؤسسات قضائية مثل المحكمة الدستورية. وبدأ البحث في مشروع القانون بعد ظهر أول من أمس في أجواء متوترة شهدت جدلا بين الغالبية والمعارضة التي تنتقد الإصلاح إذ تعده مخالفا «لاستقلال القضاء».
وأعرب وزير العدل بكير بوزداغ عن استعداده للقبول بـ«تسوية». ورد عليه نائب من حزب الشعب الجمهوري أنجين التاي «إذا كنتم مستعدون للتعاون عليكم سحب مشروعكم». ومن المفترض أن يعرض النص منذ الأسبوع المقبل أمام البرلمان حيث يحظى حزب العدالة والتنمية بغالبية واسعة. وبعد ثلاثة أسابيع على حملة مكافحة الفساد في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تشكل هذه البادرة آخر حلقات محاولة السيطرة على القضاء التي تقوم بها السلطة الإسلامية المحافظة للتصدي للتحقيق الذي يستهدفها.
والتحقيقات التي يجريها مكتب مدعي إسطنبول أسفرت حتى الآن عن سجن نحو 20 رجل أعمال وصاحب مؤسسة ونواب، وهم من المقربين من النظام، وذلك بتهم الفساد والتزوير وتبييض الأموال، ودفعت بثلاثة وزراء إلى الاستقالة وسرعت بإجراء تعديل حكومي واسع. وأكد وزير العدل أول من أمس أنه تلقى طلبا لرفع الحصانة عن أربع وزراء سابقين. وصرح بوزداغ «سندرس هذه الملفات وسنقوم باللازم بعد المراجعة».
ويشتبه إردوغان في أن جمعية الداعية الإسلامي فتح الله غولن التي تشن حربا مفتوحة عليه قد اخترقت صفوف الشرطة والقضاء، وتتلاعب بالتحقيق الحالي حول مكافحة الفساد للإطاحة به قبل أشهر من الانتخابات البلدية في مارس (آذار) والرئاسية في أغسطس (آب).
وفي الأسابيع الأخيرة، قامت حكومته بحملة تطهير غير مسبوقة في أجهزة الأمن الوطني وأقالت مئات من كبار الضباط والضباط العاديين في كل أنحاء البلاد.
وتم أيضا نقل عدد كبير من القضاة أو أقيلوا، كالمدعيين اللذين كانا يشرفان على التحقيق حول مكافحة الفساد في إسطنبول، مما أثار عددا كبيرا من ردود الفعل القضائية ضد «الضغوط» التي تمارسها الحكومة. ومع أن رئيس البرلمان جميل جيشك عضو في الحزب الحاكم إلا أنه أعلن فتح تحقيق ضد وزير الجمهورية الذي يتهمه أحد القضاة بتهديده.
وأول من أمس أيضا تم توجيه تهم الاحتيال والفساد إلى 14 شخصا من أصل 25 أوقفوا في خمس مدن الثلاثاء الماضي وذلك في قضية استدراج عروض لهيئة السكك الحديد العامة. وفور إعلان الإصلاح القضائي، عمد شركاء تركيا الأوروبيون إلى انتقاده. وقال مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا في بروكسل نيل موزنيك إنه يشكل «ضربة قوية لاستقلال القضاء في تركيا». وبعد بروكسل، أعربت واشنطن أيضا الخميس الماضي عن «قلقها» للمنحى الذي سلكته الأحداث وذكرت بدعمها «رغبة الشعب التركي التمتع بنظام قضائي عادل وشفاف». وبالإضافة إلى تأثيرها على العملة الوطنية والأسواق المالية، تهدد العاصفة السياسية - القضائية في تركيا أيضا مستقبل إردوغان الذي يحكم البلاد منذ 2002. فقد كشف استطلاع للرأي الخميس تراجع نيات التصويت لحزبه الذي سيحصل على 42 في المائة من الأصوات إذا ما أجريت على الفور انتخابات تشريعية، وذلك بتراجع 2 في المائة بالمقارنة مع يوليو (تموز).
وتظاهر آلاف الأشخاص أمس في أنقرة ضد حكومة إردوغان والتي تتخبط في فضيحة فساد غير مسبوقة. وأفاد مصور وكالة الصحافة الفرنسية عن تجمع 20 ألف متظاهر تلبية لدعوة نقابات ومنظمات غير حكومية في ساحة بأنقرة مرددين «الثورة ستنظف هذه القاذورات» و«إنهم لصوص» في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم. ورفع متظاهرون صور دولارات رسم عليها وجه إردوغان. وأعادت فضيحة الفساد التي يشتبه بأن مقربين من رئيس الوزراء التركي متورطون فيها، حركة الاحتجاج ضد الحكومة بعد ستة أشهر من التظاهرات الحاشدة التي هزت تركيا.
من جهة أخرى ألقت شرطة مدينة إسطنبول التركية القبض على أنجيلوس فيليبيديس الرئيس السابق لبنك البريد اليوناني لاتهامه بتسهيل منح البنك قروضا معدومة بقيمة 400 مليون يورو، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الألمانية أمس. وأكد القنصل العام اليوناني في إسطنبول أمس في تصريح لوكالة أنباء «إيه إن إيه - إم بي إيه» ومقرها أثينا خبر القبض على فيليبيديس. وكان أمر الفضيحة التي قام رئيس البنك السابق بالدور الأكبر فيها قد ذاع أول من أمس بعد نشر الصحافة اليونانية وثيقة للادعاء العام في أثينا بشأنها. وجاء في الخبر بصورة تفصيلية كيف منح البنك بين عامي 2007 و2012 قروضا إلى عدد من المستثمرين دون أن يأخذ ضمانات بها.
وقالت وسائل الإعلام اليونانية إن «مجموع المستثمرين الذين وردت أسماؤهم في عريضة الدعوى بلغ 25 شخصا صدر بحق سبعة منهم مذكرات اعتقال من بينهم ديميتريوس كونتوميناس أحد أشهر المستثمرين في اليونان. ومن المقرر أن يمثل أول المتهمين بعد غد الاثنين أمام المحكمة»
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.