الأقباط متحدون - قراءة في دستور 2014 والموقف من الاستفتاء
أخر تحديث ٠٦:٣٧ | الاثنين ١٣ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٠٦٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قراءة في دستور 2014 والموقف من الاستفتاء

ارشيفيه
ارشيفيه

 بقلم :صفاء زكي مراد 

إن الوثيقة الدستورية التي تمت دعوة المصريين للاستفتاء عليها خلال اليومين القادمين 14و15يناير 2014 ليست دستور الثورة العظيمة التي قام بها المصريون في 28 يناير 2011 وفي 30 يونية 2013، هي الوثيقة الدستورية الجديدة المعدلة لدستور 2012 المعطل وفقا لخريطة الطريق الانتقالية التي طرحت وتم التوافق عليها في أعقاب الانتفاضة الثورية الكبرى ضد حكم جماعة الإخوان في 30 يونية 2013،  وبالتالي فالإجابة واجبة على سؤال أيهما أفضل للمصريين الآن دستور 2012 المعطل أم الوثيقة  الدستورية الجديدة المعدلة له والمطروحة للاستفتاء؟ 
 
وللإجابة على هذا السؤال لابد أولاً من تحديد أهم وأخطر سوءات دستور2012 وهي تتركز فيما يلى:
1- أن الكيان المؤسس له لم يكن معبرا عن جميع المصريين، وإنما انحصر في جماعة الإخوان وباقي تيار الإسلام السياسي وانعكس ذلك بوضوح على مواد الدستور وأحكامه بما جعله دستورا لجماعة الإخوان وليس دستورا للأمة والمصريين كافة. 
2- أن دستور الإخوان المعطل أسس لأول مرة في تاريخ الدساتير المصرية منذ أكثر من مائة وعشرين عاما للدولة الدينية وولاية الفقيه. ( المواد 3، 4، 10، 76، 81، و219 في دستور الإخوان المعطل).
3- أن دستور الإخوان المعطل أرسى لأول مرة في تاريخ الدساتير المصرية منذ أكثر من مائة وعشرين عاما وضعا دستوريا خاصا للمؤسسة العسكرية بما جعلها مؤسسة قائمة بذاتها ومستقلة عن سلطات الدولة الثلاثة التنفيذية، التشريعية، والقضائية. (المواد 195، 196، 197، و198 في دستور الإخوان المعطل). 

وقد عدلت الوثيقة الدستورية الجديدة هذه المثالب الثلاثة في دستور الإخوان بدرجات متفاوتة، 
ففيما يتعلق بالكيان المؤسس للوثيقة الدستورية الجديدة، فإن لجنة الخمسين جاءت ممثلة إلى حد كبير جدا لكل مكونات الأمة المصرية، والقوى المجتمعية، والتيارات السياسية، وقطاعات وفئات المجتمع المختلفة والمؤسسات الرسمية. وهو ما انعكس على مواد وأحكام الوثيقة الدستورية الجديدة المعدلة لدستور الإخوان بما جعلها بحق وثيقة دستورية معبرة عن جميع المصريين أفرادا وقطاعات وفئات وجماعات. 
وفيما يتعلق بالتأسيس للدولة الدينية وولاية الفقيه الذي أرساه دستور الإخوان فقد نجحت الوثيقة الدستورية الجديدة المعدلة له في هدم هذا الأساس إلى حد كبير جدا، ومع ذلك فلازالت بعض المواد المتعلقة بحرية المعتقد الديني بعيدة عن معايير مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان. 
وفيما يتعلق بالوضع الدستوري الخاص للمؤسسة العسكرية الذي أرساه دستور الإخوان بما جعلها مؤسسة قائمة بذاتها ومستقلة عن سلطات الدولة الثلاثة التنفيذية، التشريعية، والقضائية، فلم تنجح الوثيقة الدستورية الجديدة المعدلة في خلخلته بل إنه زاد وتعمق استنادا إلى العبرة المستفادة من اختطاف جماعة الإخوان للدولة على مدى عام كامل هو عمر حكمها للبلاد، واستنادا لإرهاب تنظيم الإخوان الحالي المنتشر في ربوع البلاد. 

لذا أعترض على بعض مواد الوثيقة الدستورية الجديدة وأهمها المواد 201، 202، 203، 204، و234 وهي تلك التي تدشن وضعا خاصا للمؤسسة العسكرية يجعلها كيانا قائما بذاته وليس جزءً من الدولة، والمادتين 76 و237 اللتين قد تفتحان المجال أمام المشرع القانوني للتقييد من حرية إنشاء النقابات المستقلة، أو لتقييد الحريات باسم مكافحة الإرهاب، ومع ذلك فإنني أرى جيدا وبوضوح الطفرة الكبرى التي قدمتها الوثيقة الدستورية الجديدة المعدلة لدستور الإخوان في باب الدولة خاصة المواد 1، 4، 5، و6 وهي المواد المتعلقة بالمواطنة وسيادة القانون، وفي باب المقومات الأساسية للمجتمع وخاصة المواد 11، 13، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24 ، 37، و38 وهي المواد المتعلقة بحقوق المرأة وحقوق العمال وبالتأمين والضمان الاجتماعي وبالحق في الرعاية الصحية وبالحق في التعليم، وكل مواد المقومات الثقافية، وأغلب مواد باب الحقوق والحريات وأهمها المواد 51، 52، 63، 74، 78، 79، 80، 81، 92، و93 وكلها مواد مستحدثة تتعلق بحماية الحق في الكرامة وبتجريم التعذيب والتهجير القسري وبحظر النشاط السياسي على أساس ديني وبالحق في السكن الملائم وفي الغذاء الصحي وبحقوق الأطفال وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وبحظر تقييد القوانين للحقوق والحريات الواردة في الدستور وبالتزام الدولة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

 وفي كثير من مواد باب نظام الحكم التي قلصت سلطات رئيس الجمهورية، ونظمت طريقة محاسبته ومحاكمته وعلى الأخص المواد 131، 150، 161 وهي تلك التي تتعلق بحق مجلس النواب في سحب الثقة من الوزراء ومن مجلس الوزراء بالكامل، وباشتراك مجلس الوزراء مع رئيس الجمهورية في وضع سياسة الدولة ، وبحق مجلس النواب في سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وفي فصل الإدارة المحلية المواد 176، 177، 178، و180 وهي تلك التي تدعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية، وتماشى مع نماذج الديمقراطية التشاركية التي تعطي المجالس المحلية سلطة محاسبة الجهاز التنفيذي، وتضمن تمثيل جيدا للشباب والنساء والعمال والفلاحين في المحليات.

 وفي باب الأحكام الانتقالية تأتي المادة 226 كأهم إيجابيات هذا الباب  فيما تضمنته من حظر تعديل نصوص الدستور المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية ، أو بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات.   
 لذا وحيث أدرك جيدا حقيقة أن كتابة الدستورعملية يحكمها توازن القوى السياسية والاجتماعية وأن وزن كل طرف هو الذي يحدد قوته ومدى قدرته في سن النصوص الدستورية، وأن الوثيقة الدستورية الجديدة قد جاءت معبرة عن القوى التي تلاقت إرادتها في 30 يونيه 2013 على استرداد البلاد من قبضة جماعة الإخوان  وهي المؤسسة العسكرية، قوى اليمين الديني ممثلا في حزب النور والمؤسسات الدينية الرسمية،  قوى اليمين المدني الديمقراطي والمحافظ ، والقوى الثورية الباحثة عن العدالة والحرية، فإن كلً على قدر وزن قوته على أرض الواقع السياسي والاجتماعي حقق جزءً كبر أو صغرمما ابتغاه في الدستور. 
 
وعلى ضوء التمسك بالعمل على إستكمال خريطة  الطريق وإنجاح مسار المرحلة الانتقالية بعد 30 يونية 2013  إدراكا مسئولا  للفتنة التي تهدد أمتنا وللحظة الدقيقة التي تمر بها بلادنا فإن الوثيقة الدستورية الجديدة المطروحة للاستفتاء إنما هي خطوة إلى الأمام تنقل مصر من عثرتها الحالية إلى وضع أكثر استقرار وتنقل المصريين نحو الوضع الأفضل لاستمرار الثورة ولإحياء السياسة، فهو المحطة التي ستنقلنا إلى وضع يفتح الباب أمام تطور سياسي واجتماعي يمكن من استكمال مهام الثورة وإلحاق الهزيمة السياسية بتنظيم الإخوان الذي مع كونه قاعدة للرجعية والعنصرية فإن خطره الأكبر تجلى في تحالفه مع قوى الاستعمار العالمي لإعادة رسم خريطة المنطقة على أسس طائفية ومذهبية. 
لكل ما تقدم ومع رفضي لبعض المواد الدستورية وأهمها تلك المتعلقة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين والوضعية الخاصة للمؤسسة العسكرية  والقيد الوارد على  التعددية النقابية .
سأصوت بنعم على الوثيقة الدستورية الجديدة المعدلة لدستور الإخوان المعطل وليستمر نضالنا من أجل تغيير المواد التي نرفضها ومن أجل تحقيق أهداف ثورة شعبنا العظيم في 28يناير 2011 وفي 30 يونية 2013.    
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter