بقلم د. محمد أبوالغار | الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠١٤ -
١٦:
٠٧ ص +02:00 EET
صوره تعبيريه
فى عام ٢٠٠٤ دعانى المهندس سميح ساويرس مع السيدة شمس الإتربى والدكتورة هدى الصدة والراحل د. محمد السيد السعيد ود. جابر عصفور فى منزله لمناقشة إنشاء جائزة ثقافية للأدباء المصريين، للكبار والشباب على أن تكون الجوائز بقيمة بلغت مائة ألف جنيه لكل فائز أول ومبالغ أقل للفائز الثانى. وتكون مجلس أمناء للجوائز من المجموعة التى حضرت هذا الاجتماع واختيرت لجنة تحكيم من كبار المتخصصين، وفى الأعوام التالية أضيف للرواية جوائز للسيناريو ثم المسرح، وأخيراً النقد. وانضم للمجلس الأستاذ عصام المغربى. ويتم تسليم الجوائز فى حفل يقام فى دار الأوبرا كل عام، وأقيم الحفل هذا العام فى يوم ٧ يناير.
والحقيقة أن المجتمع المدنى المصرى له تاريخ عريق فى مصر وأنشئت أول جمعية لنشر وتشجيع الثقافة فى مصر فى عام ١٨٦٨ فى عهد الخديو إسماعيل ورأسها محمد عارف باشا، وبعد ذلك بعشرة أعوام أنشأ الأديب والصحفى والمناضل الكبير عبدالله النديم الجمعية الخيرية الإسلامية وكان هدفها فتح المدارس والتمثيل المسرحى. وفى عام ١٨٩٢ تم تأسيس جمعية المساعى المشكورة برئاسة محمود باشا أبوحسين بالمنوفية والتى أنشأت ٢٠ مدرسة بنهاية القرن التاسع عشر فى المنوفية أدت إلى انتشار التعليم بدرجة تفوق بقية أنحاء مصر. وأسس يعقوب بك تكلا جمعية الاقتصاد القبطية وأسس سليم عطاالله جمعية الابتهاج الأدبى بالإسكندرية. واضح أن مصر كانت خلاقة ومتقدمة ومتفوقة فى القرن التاسع عشر، وكان المجتمع المدنى والعمل الأهلى هو صاحب المبادرات فى رعاية الفنون والآداب، وفى القرن العشرين ساهم مصطفى كامل وسعد زغلول ويوسف أرتين ولطفى السيد فى إنشاء الجامعة الأهلية المصرية التى تحولت بعد ذلك إلى جامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) بتبرعات من الشعب كله.
وشارك الشعب المصرى بقروشه القليلة فى التبرع لإقامة تمثال نهضة مصر للفنان القدير مختار. هذه النهضة الكبيرة فى رعاية الجمال والفن والأدب كانت السبب الأكبر فى تفوق مصر فى الأدب والسينما والمسرح، وقد ساهم فى هذه النهضة إنشاء وزارة الثقافة ووزيرها الأهم ثروت عكاشة، الذى ربط مصر بالفنون العالمية حين أسس معاهد الكونسرفتوار والباليه والسينما والمسرح وأوركسترا القاهرة السيمفونى وكل الفنون الحديثة وشجعها.
الآن هناك خطورة كبيرة على ريادة مصر فى هذا المجال لأن المشاكل الاقتصادية أدت إلى تخفيض موازنة الثقافة. وفى نفس الوقت تخلى معظم رجال الأعمال المصريين عن مساندة الثقافة والفن وذلك بعد أن تغيرت طبقة الأغنياء المصريين من أغنياء مثقفين مولعين بالفن إلى أغنياء علاقتهم بالثقافة والفن محدودة أو حتى هم رافضون للفن، وروح التبرع والعطاء للعمل العام غير موجودة عندهم، الآن مصر فى مفترق الطرق ونحن نحتاج إلى رعاية الفنون فى كل مكان وعلى الجامعة بالاشتراك مع وزارة الثقافة البدء فوراً فى إحياء مسابقات المسرح الجامعى ورعاية الفنون التشكيلية فى الجامعات وإحياء الأنشطة الموسيقية وكل هذه الأنشطة كانت تأخذ اهتماماً كبيراً منا ونحن طلبة وعلى وزارة الثقافة إعطاء الأولوية لتشغيل معظم قصور الثقافة المهملة والمغلقة وفتح مسارحها ومكتباتها، ويمكن عمل بروتوكول تعاون مع بعض الجمعيات الأهلية أو منظمات المجتمع المدنى لتقوم بتشغيلها وترفع المشكلة عن عاتق وزارة الثقافة وعن البيروقراطية الحكومية. أدعو رجال الأعمال المستنيرين الوطنيين لتبنى هذا المشروع بالتعاون مع الوزارة، وهذا سوف يفتح طاقة ومكانا للمبدعين المصريين لعرض إنتاجهم وإبداعهم، ويساهم فى رفعة درجة الوعى. شكراً لسميح ساويرس والعائلة والمؤسسة على رعايتهم للمبدعين المصريين. قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع