الأقباط متحدون - يوسف زيدان من عزازيل إلى ابن تيمية
أخر تحديث ٢٢:٤٠ | السبت ١٨ يناير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ١٠ | العدد ٣٠٧٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

يوسف زيدان من عزازيل إلى ابن تيمية

الحرية
الحرية

 حافظ ألمان

ما أكثرالمثقفين الذين يُشرونَ في زماننا، يبدعون ويختارون الحريّة طريقاً، وما إن تلمع أسماؤهم، حتى يطلبوا ثمناً غالياً لبيع أنفسهم، فكم من شاعر باع عواطفه ومشاعره لقاتل ومغتصب، وكم من أديب أشهد قلمه زوراً على براءة أعداء الإنسانيّة والحضارة، وكم من ممثّل أدى دوراً لا يليق به و لا بتاريخه، إرضاءً لجهة ظلاميّة، تعمل على نشر تخلفها وجهلها، محولة ضحاياها إلى أشباه أناس، بعد أن كانوا سادة في العلم والأدب، و تشهد لهم بذلك الأهرامات التي بنوها والقلاع و المعابد والنقوش الجداريّة التي مازلت تقهر الردّة، وتصحّح التاريخ، وتحمي ما تبقى من صدقه . رغم هذه اللوحة السوداويّة، مازال هناك متسع للأمل، وما زال هناك مبدعون أحرار، ومثقفون حقيقيون يقولون ويفعلون، لا يجاملون الناس في أخطائهم، يستشعرون الخطر ويعملون على درئه، ومن أولئك، على سبيل المثال لا الحصر، الأديب يوسف زيدان صاحب رواية عزازيل، الذي لم تبهره الأضواء والشهرة، ولم تسرقه الألقاب، ظلّ متمسكاً بتراث الآباء والاجداد، و ظلّ وفيّاً لجذوره ومنبته، محافظاًعلى أخلاقه وخطّه ومشروعه. ففي روايته عزازيل، جسّد زيدان الأصالة بكل معانيها والحب بكل حالاته، مسخراً موهبته، وسعة معرفته، للتشهير والنيل من الدين المسيحي، مشكّكاً في صدقه و في كونه ديناً سماويّاً، ولم يبتغ من ذلك إلا مرضاة الله وإعلاء كلمته. وكم فرحنا بهذه الرواية، وكم حاججنا بها خصومنا، وكم تفاخرنا عليهم، بأنّ ديننا الإسلامي هو الدين الحق، الذي تكفل الله بحمايته من أي تزوير أو تحريف. ولا أخفي عليكم بأنني توجست من هذه الرواية، ومن أن يكون يوسف زيدان قد باع ضميره وأخلاقه وباع أخرته بحطام الدنيا، فنقده للمسيحيّة نقد للدين الإسلامي، وتشكيك بفكرة التوحيد من أساسها، وكم خفت أن يكون هذا ما قصده زيدان، وما أراد إيصاله الينا. إلاّ أنّ زيدان أحسّ بما يجول في خاطري وخواطر الغيورين على دين الله، وأساءه فهمنا الخاطئ لأفكاره، ووضعه في صف العلمانيين، فانتفض كالأسد الجسور، صارخاً في وجه كل من أوّل كلامه حسب أهوائه وأحلامه، ليعيد الأمور إلى نصابها، والعقول إلى رؤوسها، وليعلن على الملأ أنّه مازال في خطه ومشروعه الإسلامي، وأنّه لا يُشرى، ولا يهادن أعداءالله، ففي كتابه ( اللاهوت العربي وأصول العنف) لم يترك مجالاً للتشكيك في صدق نوياه مع الله ومع عباده المؤمنين حيث قال صراحة:(العلمانية وهم ولا يمكن فصل الدين عن السياسة) لينزل هذا الكلام على العلمانيين كالصاعقة، ويصيبهم بالشلل والصمم، فالمساكين حاولوا ومازالوا يحاولون أن يثبتوا أنّ الدين وهم والعلمانية هي الحل، ونسوا أنّ لله رجالاً مخلصين صادقين، يقفون في وجههم، وفي وجه مشاريعهم التخريبيّة البعيدة عن الله وعن الانسانيّة والأخلاق، فما أروعك وما أنقاك وما أطهرك أيها الشيخ يوسف زيدان، اسمح لي أن أناديك بهذا اللقب، فأنت تستحقه، بعد أن نصرت دين الله وأخزيت أعداءه. ولم يكتفِ الشيخ يوسف زيدان بالكتابة وحدها، دفاعاً عن الدين السياسي، بل ظهر بكل عظمته وتواضعه في مقابلات تلفزيونية، مؤكداً على ثوابته ومدافعاً عنها وعن رجال الله، رجال الحق، ففي إحدى المقابلات تكلم بصدقه المعهود وبما يمليه عليه الواجب والأخلاق، معدّداً مناقب شيخ الإسلام ابن تيميّة، وعندما حاولت الإعلاميّة هالة سرحان أن تؤثر عليه، وأن تثنيه عمّا قاله بحق ابن تيميّة، بقيّ مصرّاً على موقفه، ودافع دفاع الأبطال ودفاع العشّاق عن معشوقه حيث قال:( ابن تيميّة رجل عظيم جداً،وهو اكثرفقيه متوسع في الأحكام المتعلّقة بالنّساء، وهو بعمله هذا يوسع على النّاس،هومتشدّد في الأصول الأولى، وأخذ موقفاً صارماً من النصيريين الذين يقتلون الناس الأن في سوريا، لأنهم كانوا يتعاملون مع الصليبيين، وكان يأخذ مواقف جهاديّة، هوشخص حقيقي وفي عمله لمعات ذكية، وإنّنا محتاجون الأن إلى ابن تيميّة حقيقي ). ما أصدقك أيها الشيخ المجاهد يوسف زيدان، وما أكرمك، وما أعدلك، فقد أعدت إحياء فتوة قديمة للشيخ ابن تيميّة، بعد أن أدخلتها إلى عقلك الكبير، لتخرجها حضاريّة مدنيّة، ولتكون كالسيف على رقاب المارقين والمرتدين وعملاء الصليبيين و أعداء الله. وفي مقابلة تلفزيونية أخرى، تابع الشيخ المجاهد زيدان دفاعه عن رموز الإسلام، فتكلم بشوق ولهفة عن الشيخ أسامة بن لادن حيث قال: (أسامة بن لادن مسكين، وفي عينيه انكسار وحزن شديد، وأنا أشك أن يكون قتل شخصاً في حياته). معك حق أيها الشيخ المجاهد زيدان أن تشك بأن يكون ابن لادن قتل شخصاً بيده، فهوكما يبدو طيب القلب ومرهف الإحسّاس، وإن كان أفتى بقتل الكثيريين، فكلهم من أعداءالله، وأنت بكلامك هذا تجاهد بلسانك دفاعاً عن الشيخ ابن لادن وعن دين الله ، و لن ينساك الله من كرمه ورحمته. وصدقت حين قلت، وأنت الصدق عينه، إنّنا بحاجة إلى ابن تيميّة حقيقي، وليس إلى فولتير كما يردّد العلمانيّون، ولن نجد أفضل منك وأصدق منك ليقودنا على نهج ابن تيميّة، فاملك أمرنا، واشرح لنا صدرنا، وأفتِ لنا، وأمرنا أن نقتل أيّ أحدٍ تراه عاصيّاً ومتآمرا، ولن تجد منّا إلّا السمع والطاعة، فنحن جندك وطوع أمرك، وإذا اضطررت أحياناً الى الكلام ضدنا، فلا تتردّد، فنحن نفهمك ونفهم أسلوبك ونقدر ظرفك، ولكن لا تنسى في النهاية أن تخصّنا بأطايب الطعام وبالجوهر والذهب، واترك للعلمانيين الفتات وما لا يسدّ رمقهم. امضي بنا على بركة الله أيّها الشيخ المجاهد يوسف بن زيدان، لتنير دربنا ولترسم مستقبلنا، فاقبل دعوتنا واقبل أن تكون أميرنا وسيّدنا ، وأجرك على الله. هل عرفتم الآن لماذا نقتل بعضنا البعض؟ هل عرفتم الآن سبب هذه الردّة الجاهليّة؟ هل عرفتم الآن سبب تخلّفنا وجهلنا، وسبب انحطاطنا الفكري و الأخلاقي؟ أرجو ذلك . 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter