بقلم : نبيل المقدس
لم ألحظ عندما ذهبت لكي أدلي بصوتي في عملية الإستفتاء علي دستور الثورة أن هناك نقص في الشباب للمشاركة بأصواتهم .. لأنني بالصدفة البحتة وفي طريقي إلي مكان اللجنة الخاصة بي تقابلت عند بوابة العمارة بإثنين من شبابها أحدهما طالب في كلية الطب وعمره حوالي 22 سنة , و لجنته هي نفس لجنتي .. والآخر حديث التخرج من كلية التجارة منذ سنتين و عمره حوالي 25 سنة أقام هو وصديق له مشروعا عبارة عن محل لبيع بعض الملابس الجاهزة في نفس المنطقة التي فيها مكان استفتائه بجوار بيته ووجدت أنه يمسك بعلم مصر مكتوب عليه كلمة " نعم للدستور " لكي يعلقه علي باب محله , وفهمت منه أنه سوف يتولي ادارة المحل صباحا لأن شريكه سوف يذهب إلي لجنته في شبرا أولا , وعند مجيئه سوف يبدل معه إدارة المحل ويذهب هو إلي لجنته للإستفتاء.
أخذت الشاب الأول الطالب في كلية الطب , وكان وقتها يتحادث في الموبايل وانا معه في الطريق فهمت أنه بيوصف مكان لجنة معينة لزميلته الموجودة علي الطرف الآخر من الموبايل .. وفهمت منه أنه سوف يقابلها هي وبعض الزملاء عند محطة كوبري القبة لأنهم علي موعد مع معيد في كلية الطب لأخذ درس خصوصي عنده . وصلنا اللجنة ووجدنا طابور طويل .. ثم قال لي : " تسمح لي يا أنكل أن أضع كتفي عليك علي أساس انك من الكبار المسموح لهم بالدخول الأول وإعتبرني انني معك لكي اسندك ... ضحكت جدا علي الفكرة وعلي حماسه وإصراره لكي يدلي بصوته .. قلت له أنا موافق ودخلنا سويا , وخرجنا سويا بعد 15 دقيقة .
إلي هذه اللحظة لم أفكر أن الشباب قد غاب عن المشاركة .. ذهبت إلي مكان عملي وانا في الطريق مررت علي 7 مدارس بها اكثر من لجان فرعية .. وجدت فيهم الشباب والسيدات " بأعداد كبيرة " ورجال وشيوخ من جميع الطبقات والفئات. وصلت إلي مكان عملي . وعندما بدأ الليل يأتي بدأت اسمع وانا في المحل أن الشباب لم يشاركوا في الإستفتاء مما يدل علي عدم الرضا إما عن الدستور أو تكليف السيسي ليكون رئيسا . إندهشت جدا من هذه الأقاويل .. وبعد الساعة الرابعة رجعت إلي منزلي ومررت علي اللجان السبعة , ووجدت الإقبال علي اللجان ضعيف جدا . وهذا أمر طبيعي لأن موظفي الدولة تعودوا الرجوع إلي منازلهم لكي يتناولوا الغذاء والنوم وكباية الشاي " إللي تعدل الدماغ "علي حسب قولهم .
أخذت بعضي ونزلت حوالي الساعة السادسة ووجدت شارعنا الرئيسي طوابير من العربيات الملاكي راكبيها من الشباب والشابات بالإضافة إلي مجموعة من التوك توك محملة بطريقة عشوائية شبابا بالأعلام يهتفون للدستور .. بالإضافة لبعض الهتافات تهتف "كمل يا سيسي" ..
تكرر اليوم الثاني علي نفس المنوال .. وكل ما يأتي ميعاد إغلاق ابواب اللجان تزداد الإشاعات في الميديا وفي الشارع أن الشباب غاب عن الإستفتاء . واضح جدا وانا شاهد عيان أن الطابور الخامس بالإضافة إلي الجماعات الإرهابية بدأوا يلعبون لعبتهم الأخيرة والرخيصة ويوهموا الشعب أن الشباب لم ينزل للإستفتاء علي الدستور . هذا طبيعي فالذي يغرق يحاول أن يتعلق بقشة لكي ينجو .. هكذا حاولت هذه الفئات عمله .
علينا أن ندرك تماما إن كان هناك 40 % أو حتي 60 % من الشباب لم يذهب إلي الإستفتاء فهي لأسباب مختلفة .. منها اولا أن الطلبة في هذه الفترة كانت علي ابواب الإمتحانات , ومنهم كان سيبدأ الإمتحانات بعد الإنتهاء مباشرة من الإستفتاء . كثيرون من الشباب في الجامعة والمغتربين حاولوا وكافحوا إلي أن وصلوا إلي لجان الوافدين , والبعض الآخر لم يوفق في الوصول إليها وهذا علي يدي وانا شاهد عيّان عماكان يحدث لأن جميع اللجان تقريبا حول بيتي .
لكن علينا أن نعرف مَنْ هو الشاب او الشابة .. هل هم فقط طلبة الجامعات ... هل هم الـ 50 شابا من النشطاء السياسيين الذين كانوا يظهرون كل حين وحين علي شاشات الميديا عموما ليظهرون مدي سخطهم علي الجيش وعلي نظام حسني مبارك ؟؟؟ هل بعد ما إختفوا ومنعوا أنفسهم من هذا العرس الجميل نعتبرهم فقط هم الشباب في حين ان حوالي 40 % من الشباب نزلوا عن ايمان وطني حقيقي للإستفتاء ؟؟ هل نعتبر شباب النشطاء هم فقط شباب مصر..؟؟ هذا يكشف تماما أن أغلب هؤلاء النشطاء كانت لهم أهداف أخري أو أجندة خاصة ظهرت حقيقتها بعد الثورة الثانية 30 – 6 , حيث كانوا يأملون في أن يشاركون في التورتة بالجزء الأكبر ؟؟
أليس الأفراد من ذوي الأعمار ما بين الـ 30 والـ 40 عاما هم أيضا شباب وأغلبهم ذهبوا طواعية إلي صناديق الإستفتاء !. ألم يدرس هؤلاء الذين يحقدون علي هذه النتيجةالمذهلة أن نسبة الإقبال علي هذا الإستفتاء كان أكثر من اي استفتاء حدث من قبل في مصر او حتي في عمليات الإنتخابات السابقة ؟؟ ولو درسنا بالتدقيق سوف نجد ظاهرة الزحام التي كانت تتكالب علي صناديق الإنتخابات في زمن نظام المعزول نجدهم عبارة عن شباب بلا هوية فقط أتوا لكي يفتعلوا زحاما وزخما وحشودا علي الفاضي امام اللجان .. لتعطيل المصريين المستقلين من ابداء رأيهم .
واضح جدا أن مفعول الـ 30 مليار يورو بدأ يعمل .. فقد تعاقدت هذه الحركة الإرهابية والموجودون خارج مصر بمساعدة هذه الدويلة التي يطلقون عليها قطر وهذا القردخان التركي مع رئيسهم الإسود أوباما .. وما يؤسفني أيضا أن هناك مَنْ كنا نثق في وطنيتهم وحبهم لمصر بدون مقابل او أهداف شخصية ساروا في توازي مع هذه العصابة لتشويه سمعة نتائج الإستفتاء . فعندما لم يجدوا ثقب ابرة يدخلون منها حيث كان النظام والرقي والفرحة بدون تخريب والحشود التي ظهرت بمظاهر الشياكة وبهويتهم المصرية الأصيلة هي التي غلبت المشهد في اللجان ... راحوا يبحثون عن تبرير ووقيعة بين الشعب .. فبدأوا بموضوع غياب الشباب عن الإستفتاء .
عندي كلمة لهؤلاء الجهلاء أن جميع طوائف وفئات وأعمار مصر قد اتخذوا فعلا طريق المستقبل هدفا لهم . سوف لا يلتفتون إلي هذه المهاترات .. نعم انتصارات الشعب المصري حتي الآن هي صفعات مذهلة علي "قفي" كل من كان يتسبب في تعطيل المسيرة إلي مصر الجديدة الديموقراطية المدنية .
أخيرا لا أنسي بالمناسبة تأثير نزول المرأة إلي صناديق الإستفتاء ... وهذا لس بغريب .. فالمرأة المصرية عندما تجد مصر وابنائها في خطر تترك كل شيء وتقف حائلا ومانعا لأي مَنْ يريد تخريب مصر .
توحدوا يا شعب مصر فأمامنا معركتين وتصبح مصـــــر للمصريين ... لك السلامة يا مصر ومباركة دائما من السما .