حددت محكمة استئناف القاهرة جلسة ١٦ فبراير المقبل لنظر أولى جلسات محاكمة محمد مرسى، رئيس الجمهورية السابق، ومحمد بديع، المرشد العام للجماعة، ونائبيه خيرت الشاطر، ومحمود عزت، ومحمد سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب السابق، و«محمد البلتاجى وعصام العريان وسعد الحسينى» أعضاء مكتب الإرشاد، ومحمد رفاعة الطهطاوى، الرئيس السابق لديوان رئاسة الجمهورية ونائبه أسعد الشيخه، وأحمد عبدالعاطى، مدير مكتب الرئيس السابق، عضو التنظيم الدولى للإخوان، و٢٥ متهما آخرين من قيادات الجماعة وأعضاء التنظيم الدولى للإخوان أمام الدائرة ١٥ جنايات شمال القاهرة، لارتكابهم جرائم التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد.
حصلت «المصرى اليوم» على تفاصيل جديدة من التحقيقات مع المتهمين وتحريات الأمن الوطنى والمخابرات العامة والحربية فى قضية التخابر التى وصفتها النيابة العامه بأنها الأخطر فى تاريخ مصر. كشفت التحقيقات أن جماعة الإخوان المسلمين تمكنت من اختراق المجلس العسكرى فى الفترة الانتقالية، وتجسست على اجتماعاته، قبل وبعد تولى مرسى رئاسة الدولة، وتنصتوا على مكالمات جرت بين اللواء حسن الروينى، قائد المنطقة المركزية العسكرية سابقا، والمشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع السابق، وجاء فى المكالمه: «الروينى» يقول للمشير: «إحنا وسطنا خائن ولازم نكشفه، لأنه بينقل كل معلوماتنا إلى الإخوان ومرسى». فرد المشير: «إحنا عملنا اللى علينا وخلاص.. وإحنا ما سلمناش البلد للإخوان والشعب هو اللى سلم نفسه لهم». وقال الروينى: «إحنا مش هنستنى لما مرسى يمشينا.. إحنا لازم نرد ونقدم استقالتنا». وفى مكالمة أخرى قال فيها «الروينى» لـ«طنطاوى»: «أنا خلاص عرفت مين اللى بينخور جوانا، وبينقل معلوماتنا للإخوان». كما كشفت التحقيقات أن الشاطر، بالتعاون مع احد المحامين قريب الصلة بمستشارين فى المحكمة الدستورية- تمكن من التنصت على لقاءات خاصة باللجنة العليا لانتخابات الرئاسة التى فاز بها مرسى.
كما كشفت التحقيقات أن جهاز المخابرات الحربية تمكن من كشف تفاصيل لقاءات دارت فى سوريا ولبنان وتركيا، بين قيادات الإخوان وحماس وحزب الله فى يناير ٢٠١١، وتدارسوا فيه رد الفعل الأمريكى والغربى، وكيفية استغلال ذلك لإنجاح الثورة فى مصر. وخلاله طلب الإخوان من قيادات حماس وحزب الله زيادة التعاون مع الإخوان فى مصر ودعمهم بالعناصر الإرهابية المتطرفة لاقتحام السجون وقتل المتظاهرين لإحداث حالة من الانفلات الأمنى فى البلاد، لإجبار «مبارك» على الرحيل.
وأفادت التحقيقات بأن «الشاطر» حاول تجنيد مسؤولين كبارا فى الجيش والشرطة، وطلب منهم التعاون مع مؤسسة الرئاسة، معللا ذلك بأن «مرسى» لديه معلومات تؤكد قيام مسؤولين فى تلك الجهتين الأمنيتين بالعمل على إسقاط «مرسى» وإعادة فلول الحزب الوطنى المنحل. وبالفعل تواصل «الشاطر» مع أحد قيادات المخابرات الحربية. وحدد معه لقاء للتقابل للاتفاق على كيفية التعاون، إلا أن المسؤول بالمخابرات الحربية أبلغ الفريق عبدالفتاح السيسى بتلك المحاولات. وطلب «السيسى» من المسؤول بالجهاز أن يجارى «الشاطر». وأثناء التجهيز للقاء بينهما انتظر «السيسى» فى مكتب المسؤول بالجهاز، وعندما دخل «الشاطر» فوجئ به فى وجهه، فعلل قدومه للسؤال عن معلومات عن أحد أقاربه المقبوض عليهم فى إحدى القضايا.
وكشفت التحقيقات تفاصيل كثيرة جرت بين قيادات الجماعة وعناصر من المخابرات الأمريكية وحماس وفلسطين وحزب الله اللبنانى والحرس الثورى الإيرانى. وأفادت التحريات بأن «الشاطر» أجرى تعديلا على نظام الاتصالات فى قصر الاتحادية، حتى يتسنى له تسجيل المكالمات التى تدور فى القصر، وأنشأ مركزا آخر للتسجيل كان مقره فى منزل بجوار مكتب الإرشاد.
وأفاد ملف القضية بأن أجهزة الأمن رصدت لقاءات ومقابلات جرت بين مرسى وقيادات من الإخوان، فى ٢٠١٠، مع مسؤول فى المخابرات الأمريكية، وهو ما تسبب فى سوء العلاقة بين مصر وأمريكا، منذ ذلك التوقيت.
وكشفت التحريات التى أجراها ضباط فى الأمن الوطنى والمخابرات العامة تعاونا واجتماعات مباشرة بين قيادات الإخوان، خلال الفترة من ٢٠١٠- ٢٠١٢، حيث وضح حرص الإخوان، قبل الثورة، على التحرك بحساب داخل مصر، فيما يتعلق بعلاقتهم مع واشنطن، وأنهم كانوا يعملون بحرص فى مصر، بسبب القبضة الحديدية وقتها للأمن المصرى، واكتفوا بتهريب أجهزة كشف التجسس.
وتبين من أوراق القضية أن أجهزة التنصت كانت قادمة معظمها من ألمانيا، حيث يستثمر الإخوان أموالا طائلة فى الاقتصاد الألمانى، كما أن لديهم أعدادا كبيرة من الأعضاء الذين يعملون فى شركات الاتصالات بألمانيا، ويمتلك إخوان شركات عملت فى هذا المجال هناك، ولما رصدوا أجهزة تجسس الأمن المصرى عليهم تركوا هذه الأجهزة فى أماكنها، ولم يحاولوا إزالتها أو الشوشرة على مكالماتهم المرصودة، خاصة فى مقر الإرشاد القديم بالمنيل وشقتين فى نفس المبنى تتبعان مكتب المرشد، وأداروا اجتماعات شكلية فى مقرهم، وكانوا يتعمدون خلالها قول ما يريدون توصيله للأمن، حيث كان الإخوان يجتمعون فى تلك المكاتب، ويتفقون على أشياء، ثم يجتمعون بعد ذلك فى مكان آخر، ويغيرون من مواقفهم. وضربت التحريات مثلا على ذلك بأن الإخوان كانوا قد صوتوا على موافقتهم على دخول الانتخابات البرلمانية، فى ٢٠١٠ بعدد محدد، كما اتفق معهم الأمن المصرى فى لقاءات سرية بينهم، والذى كان وسيطا فيها المحامى محمد سليم العوا، ومنذ تلك المرحلة التزم الإخوان بأن تكون اجتماعاتهم السرية فى أماكن مفتوحة، فى إطار احتفالات عائلية كالأفراح أو حفلات رجال أعمال منهم فى حدائق بيوتهم، وحتى تلك الأحاديث كانت تجرى بينهم بشكل غامض وبأسلوب لا يفهمه غير من حضروا تلك اللقاءات.
وأكدت التحقيقات أن الإخوان استغلوا فترة الانفلات الأمنى وقت ثورة ٢٥ يناير، وقاموا بتكليف أعضاء قدامى من المتخصصين فى مجال الاتصالات بالحصول على تقنيات حديثة تتيح لهم التجسس على هواتف وتحركات الفصائل السياسية والمسؤولين بالمجلس العسكرى والدولة.
وأفادت التحريات بأن خيرت الشاطر كان يتولى مسألة متابعة المراقبة والتجسس، حيث اختار خبيرين من أعضاء الجماعة القدامى، لتحديد أجهزة تنصت معينة، واستيرادها، ثم تشغيلها لاحقا والإشراف على الجانب الفنى، وفريق إدارة العملية الذى جرى تشكيله من مجموعات مدربة، وقد استقروا على الحصول على الأجهزة المطلوبة من ألمانيا.
وقالت التحريات إن أمريكا علمت بأن قيادات الإخوان اشترت صفقة كبيرة من أجهزة التنصت، حيث إن الشركات الموزعة لهذه الأجهزة تبلغ الأمن الأمريكى بأى أجهزة مباعة، خاصة الأجهزة فائقة التقنية، وهوية المشترى وقيمة المبالغ المدفوعة، وهو إجراء جرى العمل به بعد الهجمات الإرهابية على أمريكا.
وتبين أن قيادات الإخوان اعتمدوا على كادرين قديمين متخصصين فى الهندسة الإلكترونية، واستخدموا أجهزة التنصت، بعد وصول المعدات فى ثلاثة أماكن رئيسية فى مصر، كان الأساسى فيها المقر الجديد للإخوان بالمقطم وبالقرب منه كمكان ممتد فى ذات المنطقة، وتم تأمينه أولاً، وكانت هواتف ومكاتب من أرادوا التجسس عليهم متاحة لهم، ولم يكتفوا بملاحقة وتسجيل المكالمات، بل تضمنت هذه العملية لاحقا التجسس على المسؤولين فى مكاتبهم، بما فى ذلك مكتب النائب العام، وهو الأمر الذى وضح، عندما كشف مرسى عن نتائج التحقيقات فى قضية أحداث قصر الاتحادية، دون أن تكون النيابة قد انتهت إلى ذلك، وهو ما تسبب فى أزمة بين المستشار مصطفى خاطر، المحامى العام، والمستشار طلعت عبدالله، النائب العام، وقتها.
وكشفت التحقيقات أن «مرسى» سمح لقيادات أمريكية بوضع مجسات مراقبة فى سيناء تدار بإشراف أمريكى، فى ديسمبر الماضى، والموافقة على شروط وإجراءات كان الرئيس السابق حسنى مبارك يرفضها، رغم تحالفه الوثيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كما وافق على أن تتحمل مصر مسؤولية منع تهريب السلاح والمعدات وقطع الغيار والصواريخ عبر الأنفاق إلى غزة، على أن تتولى القوات متعددة الجنسيات، تحت القيادة الأمريكية، مراقبة منع تهريب السلاح، وأن يكون لها الحق فى وضع مجسات وأجهزة استشعار إلكترونية فائقة التقدم، قادرة على الرصد الدقيق لسيناء بالكامل، على مدار الساعة.
وأفادت التحريات بتكليف محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، عصام الحداد، فى ٥ ديسمبر ٢٠١٢، بالتوجه إلى البيت الأبيض، ومعه الإخوانى حسين القزاز، حيث أجريا محادثات تضمنت الاجتماع مع قيادات بالأمن القومى الأمريكى، وحيث جرى تدبير دخول الرئيس الأمريكى إلى أحد هذه الاجتماعات بالبيت الأبيض، فتنحى فى محادثات جانبية مع «الحداد» لمدة ساعة إلا الربع، وتناول الاجتماع زيارة مرتقبة لمرسى إلى واشنطن لم تتم بعد ذلك. وضمت التحريات معلومات خطيرة عن موقف مصر مما يجرى فى دارفور، وهو ما أدى إلى سوء العلاقة بين مصر والسودان، كما نقل «الحداد» معلومات أمنية عن بريطانيا إلى أمريكا، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات بين مصر وبريطانيا.
وكشفت التحقيقات أن تحريات الجهات الأمنية والسيادية توصلت إلى تورط ٢٧٩ متهما من قيادات الإخوان وأعضاء التنظيم الدولى، وأن أدلة الإدانة شملت ٣٥ متهما تمت إحالتهم للمحكمة، بينهم «مرسى»، وأن ١٩ منهم محبوسون، بينما الآخرون خارج البلاد.
وتوصلت التحقيقات إلى أن محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، ونائبه خيرت الشاطر، والقيادى سعد الحسينى، اتفقوا مع قيادات بحركة حماس، فى قطاع غزة، على إرسال مجموعات من عناصر الإخوان إلى القطاع لتلقى تدريبات هناك على كيفية مهاجمة أفراد الشرطة والجيش.
وبحسب التقارير التى تسلمتها نيابة أمن الدولة العليا، فإن قيادات الإخوان كانوا يطلقون على تلك المجموعات، فى اتصالاتهم بقيادات حماس، بـ«المجموعات الساخنة»، وأن قائمة أدلة الثبوت بحق المتهمين ضمت قرابة ٢٥ رسالة، أرسل بها أحمد عبدالعاطى، مدير مكتب الرئيس المعزول، إلى أعضاء التنظيم الدولى فى لندن، وضمت تقارير أمنية أعدتها وزارة الداخلية والمخابرات العامة عن الأوضاع الأمنية فى البلاد وقت أن كان مرسى رئيسا للبلاد.
وواجهت النيابة المتهم «مرسى» داخل محبسه بالاتهامات المنسوبة إليه، إلا أنه رفض الإجابة كعادته فى كل جلسات التحقيق التى جرت معه فى قضايا أخرى، وحذرته النيابة من أن صمته وعدم الدفاع عن نفسه فى الاتهامات المنسوبة له يهدر حقه فى إبطال الاتهامات، إلا أنه رفض الإجابة، وأثبتت النيابة ذلك فى المحضر، حيث واجهته بـ٤٨ سؤالا.
وقالت مصادر قضائية بالنيابة إن المتهم كان هادئًا أثناء التحقيق معه، ولم يردد ما كان يقوله فى الجلسات السابقة للتحقيق بأنه مازال الرئيس الشرعى للبلاد.
وأفادت التحقيقات التى أشرف عليها المستشاران تامر الفرجانى، المحامى العام الأول لنيابات أمن الدولة العليا، وخالد ضياء، المحامى العام، بأن أدلة الثبوت توافرت بحق المتهمين المدانين الذين تمت إحالتهم أمس الأول، بقرار من النائب العام، بينما لم تتوصل التحقيقات إلى أدلة جديدة بحق٢٤٣ متهما آخرين من قيادات الإخوان وأعضائها.
وأفادت التحقيقات بأن أدلة الثبوت ضمت أيضا اعتراف سعد الكتاتنى، وأحمد عبدالعاطى، وأسعد الشيخة، بارتكاب الجريمة، وأوضحت أنه تم التحقيق مع الكتاتنى، على سبيل الاستدلال فى بداية التحقيقات، واعترف بأنه كان على تواصل مع قيادات حماس قبل ثورة ٢٥ يناير، وقال فى التحقيقات إن كل قيادات الجماعة كانوا على تواصل مع أعضاء من حماس وحزب الله اللبنانى، وكانت اللقاءات تجرى بين الطرفين فى القاهرة وعدة دول أخرى، واكتشفت النيابة تورط الكتاتنى فى تلك القضية فأدخلته متهما فيها، وواجهته بالاتهامات وما قاله من اعترافات، فعاد، وأنكر كل ما قاله. وضمت التحقيقات اعترافات لأحمد عبدالعاطى، ورفاعة الطهطاوى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية سابقا، ونائبه أسعد الشيخة، بإرسالهم تقارير لأعضاء فى التنظيم الدولى للإخوان بلندن، وكانت تلك التقارير عبارة عن معلومات أمنية أرسلتها جهات أمنية وسيادية إلى الرئيس المعزول، وواجهتهما النيابة بتلك الرسائل، فاعترفا بإرسالها للخارج، وأكدا أنهما المسؤولان عن تلك الأجهزة التى تم إرسال الرسائل منها، لكنهما نفيا علمهما بما جاء فيها. وكشفت مصادر قضائية أن نيابة أمن الدولة تلقت تحريات تكميلية فى قضية التخابر المتهم فيها المهندس الأردنى «بشار أبوزيد»، حيث تبين تورط قيادات من جماعة الإخوان المسلمين مع المتهم فى تلك القضية، الذى اتهمته النيابة بزرع أجهزة تنصت ومجسات فى سيناء للتجسس على أجهزة الأمن بسيناء.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.