د. سعد الدين إبراهيم | السبت ٢٥ يناير ٢٠١٤ -
٤٦:
١٠ ص +02:00 EET
الأخوان
بقلم د. سعد الدين إبراهيم
يعرف القاصى والدانى كيف دافعت عن جماعة الإخوان فى الماضى أثناء محنتهم فى ظل الأنظمة السابقة، بل كيف كنت همزة وصل بينهم وبين الدول الغربية عموماً، وأمريكا خصوصاً. وقد فعلت ذلك من مُنطلق حقوقى- إنسانى. فهم فصيل وطنى، يمكن أن نتفق أو نختلف معه سياسياً. شأنهم فى ذلك شأن أعضاء الحزب الوطنى السابق والشيوعيين واليساريين والليبراليين، لهم حقوق، وعليهم واجبات المواطنة.
وحينما وصل الإخوان إلى السُلطة، بعد انتخابات ٢٠١٢، وبدأت تظهر عيوب أدائهم فى إدارة شؤون الدولة والمجتمع، فإننى لم أتردد فى نقدهم، وتشهد على ذلك مقالاتى الأسبوعية فى «المصرى اليوم»، ومقالاتى المُتناثرة فى «التحرير». ولكنهم مثل أسرة البربورن، التى حكمت فرنسا فى القرن الثامن عشر، وثار عليهم الشعب بسبب فسادهم وفُجرهم، وقال عنهم المؤرخون إنهم لا ينسون شيئاً ولا يتعلمون شيئاً. لذلك قامت على الإخوان قيامة الشعب المصرى، ووصلت ذروتها يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وهو ما أدى إلى تدخل الجيش، وإزاحة رئيسهم- د. محمد مرسى- من السُلطة.
ولأن كوادرهم المزروعة لم تقبل الأمر الواقع ومارست أعمالاً إرهابية وأخرى ابتزازية، تفاقمت معها الأمور وأدت فى النهاية إلى قرار الدولة بحل جماعة الإخوان ومُصادرة مقارها وأموالها والقبض على قياداتها، للتحقيق معهم ومحاكمتهم على أعمال التحريض والاعتداء على المؤسسات العامة والخاصة، بما فى ذلك الكنائس ودور العبادة.
ولكن جرائم وانحرافات تنظيم جماعة الإخوان شىء- وهى مُدانة ولا يمكن تبريرها- وهذه الجرائم والانحرافات ليست، وينبغى ألا تكون، مُبررا لأن يؤخذ غيرهم بالشُبهات. وكالعادة، انتهز بعض ضِعاف النفوس إعلان الدولة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابى، فسارعوا بالإبلاغ واتهام مواطنين شُرفاء بأنهم أعضاء فى الجماعة، أو أنهم من المُتعاطفين معها لتسوية حسابات شخصية، أو لأحقاد مهنية، أو مُنافسات سياسية. ولأن بعض المسؤولين لا يُريدون التورّط فى شُبهة التستر على من يُظنّ أو يُتهم بأنه عضو فى جماعة الإخوان المسلمين، أو حتى مُتعاطف معهم، فقد بادروا بتجميد حساباتهم فى البنوك دون انتظار إجراءات الإحالة للتحقيق من النيابة العامة، أو المحاكمة أو أحكام باتة ونهائية!!
وحينما قُمت بزيارة مدينتى الجميلة، المنصورة، فى أعقاب قيام مُتعاطفين مع الإخوان بتفجير مبنى مُديرية أمن الدقهلية، فقد راعنى حجم الدمار، وعلمت من اللواء محمد جمال شوقى، مُدير إدارة المفرقعات بوزارة الداخلية، أن قُنبلة ارتجاجية، زنة نصف طن، تم وضعها فى شارع جانبى ضيق خلف مبنى المديرية، وتم تفجير القنبلة عن بُعد، فأحدثت ما أحدثته من دمار للمبنى، ولعدة منازل قريبة منه.
ولكن رُب ضارة نافعة. فقد وحّد هذا الحادث الإخوانى للإخوان كل أبناء المنصورة، فاندفعوا للتبرع بالأموال أو التطوع بالمجهود لإقامة مبنى جديد لمُديرية الأمن فى موقع أكثر أماناً، على أن يُقام فى موقع المُديرية السابق فندق سياحى، خمس نجوم، ومحطة بداية فى مشروع المترو الطائر الذى يصل بين المدينة المُكتظة بسُكانها ومدينة المنصورة الجديدة، على الساحل الشمالى، بجوار مصب جمصة.
ولكن راعنى أيضاً جو الكآبة والشكوك التى خلّفها حادث التفجير، واستمرار الإخوان فى إشاعة الرُعب من ناحية، وفى المُقابل اتهام مواطنين شُرفاء، أو المُحافظ عُمر الشوادفى باتخاذ إجراءات عقابية ضدهم دون تحقيق أو محاكمات عادلة. ومن ذلك أن رجل الأعمال النابه المهندس مصطفى عمّار تم تجميد حساباته فى البنوك، وتعذر صرف رواتب حوالى مائتين من العاملين فى شركاته. وهو الأمر الذى يتطلب تدخلاً سريعاً من مُحافظ الدقهلية اللواء عُمر الشوادفى، ومن النائب العام، المستشار هشام بركات، إما بسرعة التحقيق وإبراء ذمة الرجل، أو الإفراج عن حسابات شركات المهندس مصطفى عمار لكى يتسنى صرف رواتب العاملين فى شركاته، إلى أن ينتهى التحقيق. فهؤلاء العاملون لا ذنب لهم حتى يُعانوا، وتُعانى معهم عائلاتهم، خاصة أولئك الذين لهم أبناء فى المدارس والجامعات، ونحن فى إجازات نصف العام!
لقد التقيت عدة مرات بكل من د. كمال الهلباوى، والمحامى ثروت الخرباوى، والناشط إبراهيم الهضيبى، وثلاثتهم من الإخوان المسلمين، الذين انشقوا على الجماعة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وقدموا انتقادات عديدة للجماعة تباعاً، أهمها: السرية، والغرور، والاستكبار. ولم أجد فى المهندس مصطفى عمّار أياً من هذه الصفات. أما أن له صداقات وزمالات عمل بالإخوان، فإن هذا لا يُضيره. فأنا شخصياً لى صداقات بإخوان مسلمين سابقين وحاليين، فمن منا ليس له مثل هذه الصداقات أو الزمالات أو علاقات العمل؟ من ذلك أننا فى مركز ابن خلدون، المدنى العلمانى، لدينا دائماً عضو أو أكثر من كهول أو شباب الإخوان المسلمين.
أى أن حالة المهندس مصطفى عمار ليست هى الوحيدة من نوعها فى محافظة الدقهلية أو فى عموم القُطر المصرى.. فلكل من يُهمه الأمر أوجه هذا النداء: لا تأخذوا الناس بالشُبهات، وليكن المبدأ هو أن كل مواطن برىء إلى أن يثبت العكس، وأن يكون هذا العكس بمقتضى حُكم بات ونهائى من أعلى محاكم الديار المصرية.
وعلى الله قصد السبيل
نقلأ عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع