الأقباط متحدون - المحاكمات الكنسية في التعليم
أخر تحديث ٠٨:٥٤ | الاربعاء ٢٩ يناير ٢٠١٤ | طوبة١٧٣٠ ش ٢١ | العدد ٣٠٨٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

المحاكمات الكنسية في التعليم

 المحاكمات الكنسية في التعليم
المحاكمات الكنسية في التعليم
بقلم : مينا اسعد كامل
مدرس اللاهوت الدفاعي
مطرانية شبرا الخيمة
 
حمل الكتاب المقدس نصوصا صريحة لمراجعه التعاليم الغريبة المخالفة للايمان المسلم من القديسين بل وأعلن نوعية العقوبات الخاصة بها فيقول :
: "إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام لأن من يسلم عليه، يشترك في أعماله الشريرة" (رسالة يوحنا الثانية 10 و يقول القديس بولس الرسول: "الرجل المبتدع ـ بعد الإنذار مرة ومرتين ـ اعرض عنه. عالمًا أن مثل هذا قد انحرف وهو يخطئ، محكوما عليه من نفسه" (تيطس 3: 10، 11). ويقول أيضًا "انذروا الذين بلا ترتيب" (رساله تسالونيكى الأولى 5: 4). وأيضًا: "نوصيكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح: أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم الذي أخذه منا" (رسالة تسالونيكي الثانية 3: 6).)
« إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه فى البيت ولا تقولوا له سـلام » ( 2 يو 10 ) ..
لقد حذرتنا كلمة الله مراراً من التعاليم المنحرفة ( غل 1: 8 ، 1تى 4:1، 2 بط 2: 1 ) ولكن يجب أن نميز بين تعاليم خاطئة تعارض حقائق الإيمان الرئيسية وبين تعاليم أيضاً خاطئة ولكنها لا تخص أساسيات الإيمان .. الأُولي تقابلها الكنيسة بحزم وبممارسة سلطان الربط والحل ( المنع والسماح ) أما الثانيـة فتعالجهـا بطـول الأنـاة تجاه من يروجونها معطية للروح القدس الوقت أن يصحـح أفكارهم ( فى 2: 15 ) وفى ذات الوقت تحرص ألا تحدث مواجهات معهم تُعثِرهم أو تتسبب فى وقوع انقسامات ( رو 14 ) ..
وفي سفر الرؤيا التهديد الإلهي الواضح لمن يترك مهرطقا  : حيث يطلب من الأسقف أن يتوب عن تركه المهرطقين وإلا.. رؤ 2: 13-16
13- انا عارف اعمالك و اين تسكن حيث كرسي الشيطان و أنت متمسك باسمي و لم تنكر إيماني حتى في الايام التي فيها كان انتيباس شهيدي الامين الذي قتل عندكم حيث الشيطان يسكن.
14- و لكن عندي عليك قليل ان عندك هناك قوما متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يعلم بالاق ان يلقي معثرة امام بني اسرائيل ان ياكلوا ما ذبح للاوثان و يزنوا.
15- هكذا عندك انت ايضا قوم متمسكين بتعاليم النقولاويين الذي ابغضه.
16- فتب و الا فاني اتيك سريعا و أحاربهم بسيف فمي.
 
 لذا حافظت الكنيسة على مر العصور على إيمانها وعقيدتها حتى إننا الآن نقول وبكل ثقة أن ما تؤمن به المسيحية هو ذاته ما سلمه المسيح له المجد للتلاميذ وسلموه لنا .. 
ولو لم يكن هناك تلك الإجراءات التي تفحص وتدقق في التعاليم والتصرفات لكانت تشتت الكنيسة وتفرقت وسط الهراطقة والمبتدعون وأعداء الإيمان الصحيح .
لذا فقد رأت الكنيسة منذ البدء أن تهتم بفحص وتدقيق كل من يقدم تعليما غريبا مخالفا لما هو بين أيدينا .. وعمليه الفحص هي محاكمة لهذه الأفكار.
حسب قوانين هيبوليتوس القبطية يقول في قانون 1:
1- قبل كل شئ نتكلم لأجل الأمانة المقدسة الصحيح بربنا يسوع المسيح ابن الله الحي ووضعناها بأمانه ونحن راضون بها بكل حرص ....
2- والذين جسروا وتكلموا بما لا يجب لأجل كلمه الله كما تكلم عن هؤلاء ربنا يسوع المسيح فاجتمعنا بالاكثر جدا بقوة الله وافرزناهم لانهم لا يتفقون مع الكتب المقدسة نطق الله ولا معنا نحن تلاميذ الكتب فلأجل هذا افرزناهم من الكنيسة وجعلنا أرهم لله الذي يدين كل البرية بالعدل"
 
وحسب قول الكتاب المقدس :
6: 4 فان كان لكم محاكم في امور هذه الحياة فاجلسوا المحتقرين في الكنيسة قضاة "
ويقول عنها القس انطونيوس فكري : المحتقرين = أي من تنظرون إليهم في احتقار، وهم من رجال الكنيسة والمعنى أن أحقر من في الكنيسة لهو أفضل من الظالمين فهو مرتشد بالروح القدس. إذًا اتخذوا قضاتكم من رجال الكنيسة فهذا أفضل من عُباد الأوثان.
لذا فكان تكليف الأساقفة بقيادة هذه المحاكمات بأمر الكتاب المقدس وبامر الرسل ففي الدسقولية أو تعاليم الرسل يعطي مهام الأساقفة قائلا : في الكتاب الثاني من مجموعه كتب المراسيم الرسولية "وأنت إذا رأيت الذي اخطأ فاغضب غضبا يسيرا ومٌر أن يخرج فإذا خرج فليوبخه الشمامسة ويطلبوه ويمسكون خارج الكنيسة ......." ثم يوقع الأسقف العقوبات مع مختلف أنواعها ويستكمل في النهاية قائلا " وبعد هذا إذا تابوا نقبلهم إلينا كما يقبل الآباء أبناءهم إليهم"
ونستطيع ان نقول ان أول محاكمة لأفكار واجتماع مجمعي للأساقفة كان حوالي سنة 51 في أورشليم كان أول مجمع كنسي يعقد ويعتبر نواة للمجامع الكنسية التي عقدت بعده، وإن اختلفت عنها كثيرا...
وأول هرطوقي قابلته الكنيسة أول ما نلتقي به في سفر الأعمال، حيث نقرأ أنه كان "يستعمل السحر ويدهش شعب السامرة قائلا أنه شيء عظيم. وكان الجميع يتبعونه من الصغير إلى الكبير قائلين: هذا هو قوة الله العظيمة. وكانوا يتبعونه لكونهم قد اندهشوا زمانا طويلا بسحره".... ثم لما أتي الرسولان بطرس ويوحنا إلي السامرة ليمنحا الروح القدس للمعمدين، ورأي سيمون العجائب التي كانت تجري على أيديهما، قدَّم لهم دراهم قائلا "أعطياني أنا أيضًا هذا السلطان، حتى أي من وضعت عليه يدي يقبل الروح القدس" فانتهره بطرس قائلا له "لتكن فضتك معك للهلاك لأنك ظننت أن تقتني موهبة الله بدراهم، ليس لك نصيب ولا قرعه في هذا الأمر. لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام الله.." (أع 8:9 –21).
التاريخ الكنسي والمعلمين الأوائل يذكرون سيمون على أنه رأس الهرطقة و"منشئ كل بدعة" بحسب تعبير يوسابيوس المؤرخ.
 
ومن أشهر من حوكموا في تاريخ الكنيسة أريوس الليبي والذي نادي بتعليم غريب عن الإيمان وبعد نشره لتعاليمه الغريبة ذهب الكثيرون من أفراد الشعب يشكون للبابا الكسندروس انحراف أريوس عن الإيمان فعقدت مجامع لمناقشة تعاليمه الغريبة .. وغيرهم ..
إن وجود المحاكمات الكنسية للتعليم يؤكد لنا :
عدم عصمة رجال الدين والاكليروس والميزان والحكم للتعليم المسلم من القديسين وان الكل يخضع لهذا الميزان
اهتمام الكنيسة بسلامة التعليم وفحصه بتدقيق
كما أن  السماح بتداول الأخطاء التفسيرية والعقيدية يؤدي إلي هرطقات كبيرة لذا فقد أكدت الدراسات التاريخية والعقيدية والعلماء أن هرطقة كالاريوسيه لم تولد من فراغ بل كانت نتيجة هرطقات وأفكار سابقة مهدت لها الطريق حتى تطور الفكر إلي ما آلت إليه الاريوسية مثل هرطقة الانتحاليه وهرطقة بولس السموساطي وأخطاء أوريجانوس وفهم خاطئ من تعاليم البابا ديوناسيوس السكندري  فكان تزاوج كل هؤلاء مع الابتعاد عن التسليم الكتابي واللجوء للفلسفة اليونانية رضيعا شيطانيا نشكر الله انه مات في مهده هي بدعه أريوس 
 ولنتناول مثالا حديثا إلي ما تؤل إليه الأفكار الخاطئة
من المحالين قريبا للمحاكمة الأب اندراوس اسكندر الذي وقفة نيافة الأنبا باخوميوس ..
من ضمن التعاليم التي سيحاكم عليها قوله – "     مفهوم  الحل  والربط  وانه  لربط  الشيطان  وحل  الإنسان  من  يدي  الشيطان  وعلى  الآباء  إلا  يربطوا  البني  ادمين  !!" وان الإنسان يستطيع بسلطان ربط الشر لإنسان أخر وحل الخير ...
إن هذا التعليم المخالف لميزان الكتاب المقدسي يؤدي إلي  التهاون  في  التوبة  !  ..  والإحساس  بالقدرة  الزائفة  وتعظم  النفس  بدون  ممارسة الوسائط  فتكون النتيجة لمن يؤمن بهذا التعليم أن يتساءل لماذا  إذن  نعترف  ؟  ونصوم  ؟  ونصلي  ؟  ونمارس  السلطان الإغريقي   إن  كان  هذا  السلطان  الإغريقي  بين  يدي  الكاهن  والخادم  !!!!
ثم  يأتي  جانب  أخر  كراثي  في  هذا  التعليم  هو  لا  يدعو  ولا  ينادي  لأحد  بان  يترك  كنيسته  ..  بل  وهو  متشح  بالسواد  الذي  للكهنوت  الحقيقي  يقلل  من  عمل  الكهنوت  ومن  ممارسة  الوسائط  (  والفضائل  التي  يتحدث  عنها  لا  تغني  عن  الوسائط  بل  والحق  الوسائط  هي  التي  تعطي  وتمنح  القدرة  على  ممارسة  الفضائل  فكيف  تكون  متضعا  إن  لم  تذل  جسدك  بالصوم  على  سبيل  المثال)  فيهرب  الشباب  عن  الكنيسة  وتسقط الكنيسة .. وهو ما لن يحدث أبدا ..
وعن هذا الأمر يكتب الرسول بولس إلي التسالونيكيين قائلاً :
« نوصيكم أيها الإخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التعليم الذي أخذه منا... لأننا نسمع أن قوماً يسلكون بينكم بلا ترتيب لا يشتغلون شيئاً بل هم فضوليون » ( 2 تس 3 : 6 ، 11 ) ..
في ذلك الوقت قام بعض مؤمني كنيسة تسالونيكى بتصرف شاذ .. امتنعوا عن أداء أعمالهم بدعوي أن هذا يناسب حالة كل من ينتظر مجيء الرب الذي اقترب ، فكتب الرسول بولس إلي هذه الكنيسة كي تستخدم سلطانها في المنع والسماح .. فلتمنع مخالطة هؤلاء الذين وصفهم بولس بأنهم يسلكون « بلا ترتيب ».. وهذا التعبير هو ترجمة للكلمة اليونانية « ataktoos » التي كانت تُستخدم كمصطلح عسكري يُطلق علي الجندي الذي يخرج عن الصف أو علي الجيش الذي يتقدم في فوضي . نعم لابد أن تقف الكنيسة موقفاً حازماً مع كل عضو من أعضائها يتصرف مثل هذا الجندي ..كمثل اندراوس اسكندر
 و يقول الرسول بولس :
« اعزلوا الخبيث من بينكم » ( 1 كو 5 : 13 ) ..
إن كلمة « خبيث » هي باليونانية « poneros » .. وفى العهد الجديد توجد كلمتان تعنيـان « شـرير » « evil » الأُولي هي « kakos» والثانيـة « poneros » .. الأُولي تطلق علي شخص مكتفى بتدمير ذاته في فساده أما الثانية فعلي شخص يريد أن يجذب الآخرين إلي فساده) .. وهى ذات الكلمة التي أطلقها الرب يسوع علي إبليس « نجنا من الشرير [ poneros ] » ( مت 6 : 13 ) .. هذا الشخص الذي يترك إبليس يسـتخدمه من وقت لآخر في جذب المؤمنين إلي الفساد الواقع فيه يجب أن تؤدبه الكنيسة بكل حزم ، فتعزله عن اجتماعات العبادة وعن مائدة الرب إلي أن يتوب .
وبعد تحويل الأب اندراوس اسكندر إلي الإيقاف عن ممارسة عمله الكهنوتي استعدادا لمحاكمته ترددت بعض الدعوات إلي تنظيم وقفة احتجاجية يوم محاكمته !!!
أن هذه الدعوة وهذه الطريقة في المساندة هي اكبر دليل على أن تعاليم القس الموقوف بلا سند كتابي أو تعليمي .. كل ما لها فقط إنها أتت على هوا البعض ..
وهؤلاء أصحاب الأهواء لا يستطيعون الرد على التعليم بالتعليم وعلى الإثبات بالإثبات ومقارعه الحجة بالحجة !!
فلو كان تعليم اندراوس صحيحا أين أدلتهم على هذا ؟
لو كان تعليم اندراوس كتابيا أين اقتباساتهم على هذا ؟ أين تعاليمه من أقوال الآباء ؟ أين تعاليمه من طقوس الكنيسة ؟؟؟
لم نجد من هؤلاء مقالا واحدا أو حتى تعليقا واحدا يحتوي مادة علمية أو حتى شبه مادة علمية للدفاع عن تعاليم اندراوس اسكندر
وهل يتوقع هؤلاء انه لو تم القبض على سارق مدان في ذات الفعل هل تصلح لإثبات براءته !!
إننا ندعو المتمسكين بتعليم الأب اندراوس اسكندر الي مقارعه الفكر بالفكر .. أعطونا أدلتكم على استقامة تعليمه ! .. وقفتكم خير إعلان وأدانه لتعاليم هذا الرجل .. فليس بالوقفات يؤخذ العلم
 
البعض يقول أن عقوبات القطع من الكنيسة للمنحرفين تعليميا تجور على حرية الفكر والعقيدة !!
وردا على هؤلاء نقول أن الحرية هي أمر شخصي فكل حر فيما يؤمن به ويمارسه .. ولكننا أيضا لنا حرية أن نمنع هؤلاء من التواجد بيننا ..
لا توجد حرية مطلقة .. فأنت عزيزي القارئ لن تسمح لأحد أن يدخل بيتك ويغني بصوت نشاز مرتفع .. فغن كان حقه أن يغني بنشاز فأنت أيضا حقك أن تحافظ على هدوء بيتك .. فليغن المهرطقين والمبتعدين بعيدا عنا ..
وخلال الأعوام الماضية كان مسؤلا مسؤولية كاملة عن هذا الأمر نيافة الأنبا بيشوي قائما بعمل أثانسيوس الرسولي في الحفاظ على التعليم السليم .. وهذا ما أثار الكثير ممن يطلق عليهم إعلاميا مطاريد الكنيسة فعلت الأصوات ضده و أكيلت الاتهامات الكاذبة أمامه .. وهذا الأمر وهذه الأحداث تؤكد انه كان على صواب فيما يتخذه من إجراءات .. ولمزيد من التوضيح نقول أن أي قاضي في أيه محكمة هو يفصل بين  متنازعين .. وهذا التنازع غالبا ما ينتهي لأحدهم ضد الأخر ..
فتخيلوا معنا إن أحضرنا جميع من خسروا قضاياهم من لصوص وزناه وقتله وسارقين أمام هذا القاضي الذي طبق القانون وكان آمينا عليه وسألناهم  عن رأيهم فيه .. بالتأكيد ستعلو الأصوات مهاجمه إياه لدرجات تصل حتى إلي السب المباشر ...
وقد كان الأنبا بيشوي هذا القاضي الذي نفذ قانون كنيستنا وتعاليم الكتاب المقدس إلي المنتهى ..
 
وكما اهتمت قوانين الكنيسة بمحاربة التعليم الخاطئ اهتمت أيضا بالسيرة الحسنة لرجال والاكليروس قبل اختيارهم  وبعد اختيارهم  أي أثناء توليهم المهام المكلفة إليهم .. رأت القوانين الكنسية ان رجال الدين بحكم أنهم القدوة والمعلم فيجب ان يكونوا مثالا صالحا للمؤمنين فشددت على مراقبة أموالهم وتصرفاتهم الكبير منها والصغير بخلاف فحص تعاليمهم بصورة دائمة ومستمرة ومن يخالف السيرة الحسنة يتم محاكمته فورا وفي حاله إدانته يقطع فورا من رتبته.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع