الأقباط متحدون - أتحسس عقلي
أخر تحديث ٠٠:٥١ | الاربعاء ٥ فبراير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٢٨ | العدد ٣٠٩١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أتحسس عقلي

 

مينا ملاك عازر
تزعجني كثيراً تلك الانتهاكات الحادثة لمهنية الصحافة المصرية، صحيح تداركت الصحف خصوصية المتهمين، فأصبح نشر صورهم مموهة وأسماءهم بالحروف الأولى حتى وإن كانوا متهمين في قضايا إرهاب، لكن يؤلمني نشرهم اسماء ضباط الشرطة كاملة مما يشعرني أنه ينقصهم نشر صور بطاقاتهم الشخصية وصور شخصية لضباط الشرطة مرفق لها عناوينهم وأرقام هواتفهم، ورسوم كروكية لمحل إقامتهم، وكأنهم يريدون بنشر اسماء الضباط تسهيل مهمة الإرهابيين الذين سبق لهم واخترقوا الأجهزة الأمنية بحصولهم على كثير من الملفات الشخصية لأولائك الضباط.

الأكثر إزعاجاً لي في مجال المهنية ما يدعيه أحد الصحفيين مدعي الحيادية والباحثين عن الحرية في جريدته التي كان ينشر بها مقالاته، فالصحفي الثائر كما يزعم لم يأبه بأن مقاله التي أوقفته له الجريدة عن النشر به معلومات ثبت خطأها وأنه اعتمد في صلب المقال على معلومات لم يتأكد صحتها للآن، ومن ثم فلا يجب نشر المقال بعد أن تأكدت إدارة الجريدة من خطأ المعلومات الواردة بها، وهو ما يقودنا لأمر خطير أكثر أسفاً وألماً وليس إزعاجاً فقط، ويتمثل في أن الكثير من الصحف حاليا تنشر أخباراً  تشعر احيانا بخياليتها كتلك الأخبار المسربة عن مرسي في محبسه تستطيع أن تشعر أن معظمها نتاج خيال واسع من صحفي يريد أن ينشر، وجريدة تريد زيادة نسبة التوزيع، المؤسف في هذا كله أن معظم الناس يصدقون تلك الحكاوي التي معظمها غير ذي جدوى، ناهيك عن بعده عن الحقيقة، فتجد أيضاً أن الكُتاب والصحفيين يعتمدون على تلك الأخبار في مقالاتهم دون أن يحاولوا التثبت منها، وإن سلمنا أنه ليس من مهمتمهم أن يفعلوا هذا، لكن على الأقل على الكاتب أن يكتب مقالته ويقول أنه يكتب رأيه هذا فيما لو ثبتت تلك المعلومات المستند عليها في كتابة مقاله بمعنى أنه يشير إلى احتمالية عدم صحة هذه المعلومات حتى يخلي مسؤوليته، وإذا نبهته الجريدة بخطأه عليه أن يقبل هذا،  ويقبل منع المقال أو يقنعهم برأيه أو ينشره ويقول إن صح ما أستند إليه من معلومات لكن لا يخرج ويندد بجريدته هكذا، فهذه ليست مهنية.

يا سادة أن أحد أشهر الصحفيين الذين وإن اختلفت معه في الكثير من الأمور إلا أني أقدر تاريخه المهني، وهو السيد محمد حسنين هيكل إذ يحكو قصة تقول أنه أثناء وجوده بساليزبورج بأحد الفنادق الصغيرة، جاءته صاحبة الفندق تطلب منه أن ينفذ ما قرأته بالصحف، من أنه سيلتقي كيسنجر المتواجد بنفس المدينة في نفس الوقت في فندقها ليحدث رواجاً بفندقها، فنفى ما قرأته بالصحف فسألته ألست أنت الصحفي المعني، فقال نعم، ولكن لأنني أنا صحفي أقول لك لا تصدقي كل ما تقرأيه في الصحف.
 أرأيت صديقي القارئ أن عليك وأثناء قراءتك الكثير من الأخبار في الكثير من الصحف المصرية الكبرى منها والصغرى أن تفعل مثلي حين أقرأها إذ تجدني أتحسس عقلي.
المختصر المفيد ليس كل ما يُقرأ صحيح، وليس كل ما ينشر خطأ، ولكن هناك مصالح تتحكم في ذلك.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter