بقلم يوسف سيدهم
إذا التزمت رئاسة الجمهورية بالتاريخ المحدد في مقدمة قانون الانتخابات
الرئاسية,يصدر هذا القانون اليوم-9فبراير- ويعمل به في اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية,وبذلك تمضي مصر قدما إلي مسار انتخاب رئيس الجمهورية وهو التحدي الثاني بعد الدستور في خريطة الطريق التي أفرزتها ثورة30يونية2013 والتي اندلعت لتصحيح مسار25يناير2011.
أشعر أن القانون المذكور كتب بتأن وحكمة ونجح في أن يرسم الطريق بوضوح فيما يخص كافة ملابسات وتفاصيل انتخاب رئيس الجمهورية,لكن يقلقني أنه في الوقت الذي نال فيه القانون نصيبا وافرا من المناقشات والحوارات والاجتهادات الإعلامية وعلي الأخصالتليفزيونية منها,لم يهتم الكثيرون-بل الكثيرون جدا جدا!!-بقراءة أحكامه بأنفسهم...وهذه ظاهرة تستحق الدراسة,أن الكافة من المتعلمين باتوا يحجمون عن القراءة والفحص المباشرين للأمور المهمة في حياتنا السياسية والتشريعية,ويكتفون بالجلوس أمام شاشة التليفزيون يستمدون منها تقييمهم ويبلورون من خلالها آراءهم ومواقفهم...وذلك في حد ذاته سلاح ذو حدين له جانب إيجابي متمثل في التعرف علي تحليل الخبراء والمتخصصين,بينما له جانب سلبي في تعطيل النضج السياسي للمواطن وأسره في موقع المتلقي غير القادر علي الفحص أو التقييم أو اتخاذ القرار.
لمست ذلك الشهر الماضي قبل خروج المصريين للاستفتاء علي الدستور فبالرغم من توفر النسخ المطبوعة من نص الدستور بكميات سخية في متناول يد جميع المصريين تعجبت أن أسمع من الكثيرين أنهم لم يهتموا بقراءته واستسلموا بدلا من ذلك لمتابعة البرامج المخصصة لمناقشة مواده,والأسوأ من هؤلاء أولئك الذين لم يترددوا في الجهر دون خجل أنهم لا حاجة بهم لقراءة الدستور فهم عاقدون العزم علي الاصطفاف أمام لجان الاستفتاء لإقرار الدستور تأكيدا علي رفضهم للإخوان المسلمين ورغبتهم في دفع مصر إلي الأمام...صحيح أن الدافع الوطني لهم يستحق التقدير,لكن الأهم والأفضل أن يصاحب ذلك ويسبقه اجتهاد الفحص والتدقيق والعلم والاقتناع.
ليس هذا مجال نشر مواد قانون الانتخابات الرئاسية,لكن كما حرصت سابقا أحرص اليوم علي تسليط الضوء علي ما أراه ضمن أهم مواده ضمانا لتعريف من لم يقرأه بالتفاصيل والحقوق والواجبات التي ينطوي عليها...فإلي جولة سريعة بين مواد القانون:
مادة(1):...يشترط فيمن يترشح رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين وألا يكون يحمل أو أي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخري...وألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية.
مادة(2):...يزكي المترشح عشرون عضوا علي الأقل من أعضاء مجلس النواب أو يؤيده مالا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة علي الأقل وبحد أدني ألف مؤيد من كل محافظة منها,وفي جميع الأحوال لايجوز تزكية أو تأييد أكثر من مرشح.
مادة(3) تشكل لجنة الانتخابات الرئاسية برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية كل من:رئيس محكمة استئناف القاهرة,أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية,أقدم نواب رئيس محكمة النقض,أقدم نواب رئيس مجلس الدولة...
مادة(15):تتولي لجنة الانتخابات الرئاسية إعداد قائمة نهائية بالمرشحين وتقوم بإعلان هذه القائمة بطريق النشر في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار,وذلك قبل خمسة وعشرين يوما علي الأقل من اليوم المحدد للانتخابات.
مادة(18):يجب الالتزام في الدعاية الانتخابية بأحكام الدستور والقانون وبالقواعد الآتية:
عدم التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأي من المرشحين.الالتزام بالمحافظة علي الوحدة الوطنية والامتناع عن استخدام الشعارات الدينية.الامتناع عن استخدام العنف أو التهديد باستخدامه.حظر تقديم هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية.حظر استخدام المنشآت المملوكة للدولة.حظر استخدام المصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة والمدارس والجامعات ومقار الجمعيات والمؤسسات الأهلية.حظر استخدام المال العام في أغراض الدعاية.
مادة(20):يجب أن يتضمن ما تذيعه أو تنشره وسائل الإعلام من استطلاعات للرأي حول الانتخابات الرئاسية,المعلومات الكاملة عن الجهة التي قامت بالاستطلاع,والجهة الممولة له,والأسئلة التي اشتمل عليها,وحجم العينة المشاركة فيه ومكانها,وأسلوب إجرائه,وطريقة جمع بياناته وتاريخ القيام به, ونسبة الخطأ المحتملة في نتائجه.
مادة(23):يحظر تلقي أية مساهمات أو دعم نقدي أو عيني للحملة الانتخابية من أي شخص أجنبي أو من أي دولة أو جهة أجنبية أو منظمة دولية أو أي جهة يسهم في رأس مالها شخص أجنبي أو شخصية اعتبارية أجنبية.
مادة(26):يجري الاقتراع في يوم واحد تحت الإشراف الكامل للجنة الانتخابات الرئاسية ويجوز في حالة الضرورة أن يجري الاقتراع علي يومين متتاليين.
مادة(30):يكون الإدلاء بالصوت في الانتخاب بالتأشير علي البطاقة المعدة لذلك,وعلي رئيس اللجنة أن يسلم لكل ناخب بطاقة مفتوحة علي ظهرها خاتم لجنة الانتخابات الرئيسية وتاريخ الإقتراع...
مادة(35):يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتي لو تقدم للترشح مرشح واحد,أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقي المرشحين,وفي هذه الحالة يعلن فوز المرشح الحاصل علي الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة.فإذا لم يحصل المرشح علي هذه الأغلبية تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشيح لانتخابات أخري خلال خمسة عشر يوما علي الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة,ويجري الانتخاب في هذه الحالة وفقا لأحكام هذا القانون.
مادة(38):يعلن انتخاب رئيس الجمهورية بحصول المرشح علي الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة,فإذا لم يحصل أي من المرشحين علي هذه الأغلبية,أعيد الانتخاب بعد سبعة أيام علي الأقل بين المرشحين اللذين حصلا علي أكبر عدد من الأصوات,فإذا تساوي مع ثانيهما غيره في عدد الأصوات الصحيحة,اشترك في انتخابات الإعادة,وفي هذه الحالة يعلن فوز من يحصل علي أكبر عدد من الأصوات.
مادة(42):يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في اتنخاب رئيس الجمهورية.
مادة(57):يكون لكل رئيس من رؤساء لجان انتخاب رئيس الجمهورية السلطة المخولة لمأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بإثبات الجرائم التي تقع في قاعة اللجنة.
مادة(59):ينشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره.
تلك هي الملامح الرئيسية للقانون الذي يرسم طريق وأحكام انتخاب رئيس مصر القادم...وأرجو لفت النظر إلي خطورة الارتكان إلي الاطمئنان إلي أي نتيجة بعينها فيؤدي ذلك بالمواطن إلي التقاعس عن المشاركة...فالمخاطر ماتزال تحدق بمصر علي أيدي المتربصين بها وأعداء استقرارها...ولتكن الانتخابات المقبلة-مثلها مثل الاستفتاء علي الدستور-بمثابة بروفة لاكتساب اللياقة السياسية لأعقد وأخطر مرحلة في خارطة الطريق وهي انتخاب البرلمان.