الأقباط متحدون - بني أموية بين الورع والعدالة, والفسق والنذالة
أخر تحديث ٠٤:٤٥ | الاربعاء ١٢ فبراير ٢٠١٤ | أمشير ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٠٩٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بني أموية بين الورع والعدالة, والفسق والنذالة

صوره تعبيريه
صوره تعبيريه

فاروق عطيه

   امتدت دولة الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ أو دولة بني أمية حوالى 91 عاما هجريا (41 - 132 هـ ) أو 88 عاما ميلادبا ( 662 - 750 م), وهي ثاني وأكبرخلافة في التاريخ الإسلامي, وكانت مدبنة دمشق عاصمة الدولة. بلغت ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك، إذ امتدت حدودها من أطراف الصين شرقاً حتى جنوب فرنسا غرباً، وتمكنت من فتح شمال إفريقية (المغرب) والأندلس وجنوب الغال (فرنسا) والسند وما وراء النهر

  يرجع نسب الأمويون إلى أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف من قبيلة قريش. وكان لهم دورٌ هام في الجاهلية وبداية العهد الإسلامي. فقد أسلَم معاوية بن أبي سفيان في عهد الرسول محمد، وتأسست الدولة الأموية على يده، كان واليًا على الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، نشب نزاع بينه وبين علي بن أبي طالب بعد فتنة مقتل عثمان، حتى تنازل ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية بعد مقتل أبيه، فتأسست يذاك الدولة الأموية. أخذ معاوية عن البيزنطيين بعض مظاهر الحكم والإدارة إذ جعل الخلافة وراثيَّة عندما عهد لابنه يزيد بولاية العهد، واتخذ عرشًا وحراسًا وأحاط نفسه بأبَّهة الملك، وبنى لنفسه مقصورة خاصَّة في المسجد، كما أنشأ ديوان الخاتم ونظام البريد. بعد وفاة يزيد اضطربت الأمور، فطالب ابن الزبير بالخلافة، ثم تمكن عبد الملك بن مروان بن الحكم من هزمه وقتله في مكة سنة 73 هـ، فاستقرت الدولة مجدداً.

   جرت أكبر الفتوحات الأموية في عهد الوليد بن عبد الملك، الذي استكمل فتح المغرب، وفتح الأندلس بكاملها، وفتح السند وبلاد ما وراء النهر. خلفه سليمان بن عبد الملك الذي توفي على أرض المعركة خلال قيادته حصار القسطنطينية، ثم الخليفة عمر بن عبد العزيز، الذي يعد من أفضل الخلفاء الأمويين سيرة. وجاء بعده ابن عمه يزيد، ثم هشام، الذي فتح في عهده جنوب فرنسا، وكان عهده طويلاً وكثير الاستقرار. وبعد موته دخلت الدولة في حالة من الاضطراب الشديد، حتى سيطر مروان بن محمد على الخلافة، فأخذ يتنقل بين الأقاليم ويقمع الثورات والاضطرابات، ثم التقى مع العباسيين في معركة الزاب فهُزٍم وقُتٍل، وكانت نهاية الدولة الأموية.

   شهدت الدولة الأموية ثورات وفتناً كثيرة، وكان منفذوا أغلبها إما الخوارج أو الشيعة. من أبرز تلك الثورات ثورة الحسين بن علي على يزيد بن معاوية، الذي طالب بالخلافة، والتقي بجيوش الأمويين في معركة كربلاء التي انتهت بمقتله. وقامت بعدها ثورات شيعية كثيرة للثأر له، منها ثورة التوابين وثورة المختار الثقفي، ثم هدأوا بعد قمعهما أكثر من نصف قرن حتى ثورة زيد بن علي. كما ثار الخوارج مراراً وتكراراً، ولم يهدأوا إلا حوالي عشرين عاماً بين أواسط عهد عبد الملك وبداية عهد يزيد. وقد كان لأشهر ولاة الأمويين الحجاج بن يوسف الثقفي دور كبير في إخماد هذه الثورات وتهدئتها خلال أواخر القرن الأول الهجري، حينما كان واليا علي العراق والمشرق، التي كانت - وخصوصاً مدينة الكوفة - ألد أعداء الحكم الأموي. من أشرس الثورات التي قامت على الدولة الأموية أيضاً ثورتا عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الأشعث. وفي هذا المقال سألقي يقعة من الضوء علي قطبين متضادين ومختلفين كل الاختلاف من خلفاء بني أميه وهما عمر به عبد العزبز ثامن الخلفاء الأمويين والوليد بن يزيد الخليفة الحادي عشر.

   عمر بن عبد العزيز ويكنى بأبي حفص. هو ثامن الخلفاء الأمويين، ويعتبرونه خامس الخلفاء الراشدين، أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وبذلك يكون الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة عمر بن عبد العزيز. ويرجح أنه ولد عام 61هـ (681م)  بالمدينة. وتلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان في المدينة المنورة واستفاد كثيراً من علمائها, استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى دمشق عاصمة الدولة وزوجه ابنته فاطمة وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب تسمى دير سمعان وظل والياً عليها حتى ولاّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة المنورة سنة 86 هـ، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91 هـ. وبذلك صار واليآ على الحجاز كلها ثم عينه الخليفة  سليمان بن عبد الملك وزيراً في عهده. بويع بالخلافة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي في الناس بالصلاة، فاجتمع الناس إلى المسجد، فلما اكتملت جموعهم، قام فيهم خطيبًا، فحمد الله ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال: أيها الناس إني قد ابتليت بهذا الأمر على غير رأي مني فيه ولا طلب له ولا مشورة من المسلمين، وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم خليفة ترضونه. فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك، فَوَّلِ أمرنا باليمن والبركة. فأخذ يحض الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في الآخرة، ثم قال لهم: " أيها الناس من أطاع الله وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له على أحد، أيها الناس أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر. شتهرت خلافة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء في أرجاء البلاد الإسلامية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله فيبحث عن الفقراء فلا يجد من في حاجةإليها. توفي سنة 101 هـ (720م)  ودفن في منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام (سوريا).

   الوليد بن يزيد (الوليد الثاني بن يزيد الثاني) وهو الخلبفة الحادي عشر من خلفاء بني أمية يكني بأبي العباس, ولد سنة 88 هـ (707م). حكم سنة واحدة وشهرين من 743 إلى 744 م. أمه أم الحجاج بنت محمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج. تولى الحكم في دمشق بعد وفاة عمه هشام بن عبد الملك، عرف باستحلاله لكل حرمة، وارتكابه لكل بدعة، واقترافه لكل موبقة, وفي مصادر التاريخ من أفعاله وأشعاره ما يأباه الذوق والعرف الاجتماعي، انتشرت في زمانه بيوت الدعارة والحانات، وقيل أنه عزم على أن يبني أعلى الكعبة قبّة يشرب فيها الخمر، ويشرف منها سكرانا منتشياً على الطائفين ببيت الله الحرام وقيل أنه أخذ يومًا المصحف وفتحه فأول ما طلع له "واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيدٍ" فقال‏:‏ "أتتوعدني؟" ثم علقه ولا زال يضربه بالنشاب حتى خرقه ومزقه وهو ينشد‏:‏

"أتتوعد كل جبار عنيد، فهأنذاك جبار عنيد ** **  إذا لاقيت ربك يوم حشرٍ، فقل لله مزقني الوليد!‏"
وذكر محمد بن يزيد المبرد "النحوي" أن الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبي وأن الوحي لم يأته عن ربه، ومن ذلك الشعر:
«تلعّب بالخلافة هاشمي ** ** بلا وحي أتاه ولا كتاب
فقل لله يمنعني طعامي ** ** وقل لله يمنعني شرابي »

من أشعاره أيضا:
كفرت يداً من منعم لو شكرتها جزاك بها الرحمن بالفضل والمن.
رأيتك تبني جاهداً في قطيعتي ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني.
أراك على الباقين تجني ضغينة فيا ويحهم إن مت من شر ما تجني.
كأني بهم يوماً وأكثر قيلهم ألا ليت أنا حين يا ليت لا تغني.
وحدث أنه كان يواقع جارية وهو سكران, وجاءه صوت المؤذن بالصلاة , فحلف ألا يصلى بالناس إلا الجارية, فلبست ثياب الخليفة وتنكرت وصلت هذه الجارية بالمسلمين وهى جنب و سكرى.

وكان الوليد مولعا أيضا بمواقعة الغلمان وقال في ذلك شعرا:
أدنيا مني خليلي ... "عبد لا " دون الإزار
فلقد أيقنت أني ... غير مبعوثٍ لنار
واتركا من يطلب الجن ... ة يسعى في خسار
سأروض الناس حتى ... يركبوا دين الحمار
   وقتله جنده في الحرب التي وقعت بينه وبين ابن عمه يزيد بن الوليد سنة 126 هـ‍ (744 م) وكان على رأسهم محمد بن خالد القسري البجلي وكان ذلك في قصر النعمان بن بشير بالبخراء، وحمل رأسه إلى دمشق فنصب بالجامع، وعرض رأسه على أخيه سليمان بن يزيد فقال: بعداً له أشهد أنه كان شروباً للخمر ماجناً حتي أنه راودني عن نفسي.








 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter