بقلم: عـادل عطيـة
شارل ديجول: جنرال، ورجل سياسة، والأب الروحي للجمهورية الفرنسية الخامسة.
بعد إنتصار الحلفاء على دول وجيوش المحور في الحرب العالمية الثانية، اجتمع بأركان الدولة الفرنسية، وسأل عن أحوال البلاد، فأخبروه: بأن الخراب والدمار يضرب في أعناق المؤسسات والمرافق.
فسأل ثانية: وماذا عن القضاء؟!..
اندهش معاونوه من السؤال، واجابوه في ذهول: ان القضاء بخير!
فابتسم ديجول، وكأنه يشعر لأول مرة بمذاق الانتصار، وقال: طالما أن القضاء بخير، وطالما أن شعبنا يحترمه ويوقره؛ فان فرنسا كلها بخير!
يأخذنا هذا الموقف، إلى القضاء الإيطالي..
فحين اشتدت أزمة الفساد الإداري في إيطاليا في بداية السبعينات، وكادت عصابات الجريمة المنظمة، تضع كل إيطاليا في جيبها، ظهرت حركة: "الأيادي النظيفة"، وبدأت نواتها التي تشكلت من أنزه القضاة الإيطاليين تتسع وتكبر، حتى قُبر الفساد في كل إيطاليا؛ لإجماع الشعب على محاربته، وانحيازه إلى جهة النزاهة!
تلك التجربة يفخر بها كل إيطالي، وقد دونها العالم كله كوسيلة ناجعة لمعالجة السرطانيات السياسية، والإجتماعية، التي يمكن أن تضرب هنا وهناك، أو حيث تجد ثغرة!
أليس من الجدير بنا، ونحن نعاني من تراث من الفساد والإرهاب، أن ننظر بجدية إلى تجربة الشعب الإيطالي، فنشكل نواة للأيدي النظيفة من قضاة لا ينتمون إلى القضاء والقدر، ولا يستشعرون الحرج، وينسحبون من أمام الأرهاب الذي يحاول بعضهم تثبيته بأصابع قذرة؛ علنا نكنس أرضية دارنا من أدران العبث الأشد خطراً على مقدراتنا، ونمسح عن جدران مصرنا كل ملامح للفساد المزري؟!
هنا، أستعيد قولاً مأثوراً لشارل ديجول:
"لا يمكن تحقيق أي شيء عظيم دون عظماء،ولا يكون العظماء عظماء إلا إذا كانوا عاقدي العزم على أن يكونوا عظماء"!...