الأقباط متحدون - واقعية مجتمع وهمي
أخر تحديث ١١:٣٠ | الجمعة ٢٨ فبراير ٢٠١٤ | أمشير ١٧٣٠ ش ٢١ | العدد ٣١١٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

واقعية مجتمع وهمي

 واقعية مجتمع وهمي
واقعية مجتمع وهمي
بقلم : مايكل دانيال

".. هو أنت أسمك أيه علي الفيس بوك "
يتردد هذا السؤال كثيراً خاصة بين الشباب من الجنسين ، و من يتمعن جيداً في صيغة السؤال يجدها تنم علي ان من يسأل ينتظر جواباً واحداً و بلا خيار آخر و كأنه متأكد تماما من وجود هذا الحساب كما لو كان الامر اجبارياً ان يكون لكل شخص حساب علي موقع التواصل الاجتماعي الاشهر بدل من ان يكون السؤال هكذا :
 " .. انت عندك حساب شخصي علي موقع الفيس بوك ؟ " !!
 
مما لا شك فيه - و في عصر الهواتف الذكية - ان تكون التكنولوجيا هي محور حياتنا و قد اصبحت البرامج الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي علي رأس قائمة البرامج الموجود علي تلك الهواتف و ذلك لأن مجتمع الفيس بوك اصبح مجتمع موازي للحياه الواقعية .. و لا يقل عنها في واقعيته - رغم ان له قواعده الخاصة جدا -  كما انه اصبح جزء لا يتجزأ من روتين الحياه اليومية للكثيرين و بذلك خرج عن نطاق كونه في الاساس "مجتمع وهمي" !
سؤال هام ..
هل الجميع يتعامل في هذا العالم الافتراضي مع من يعرفهم فقط ؟
الاجابة هنا هي (لا) فالبعض يعجبه مشاركات الاخرين في صفحات عامة فيرسل لهم طلبات للصداقة لتكون هذه هي اللبنه الاولي لعلاقات تنشأ بين اطراف لا يعرفون شيئاً عن بعضهم البعض .. 
قد يتعجب البعض قائلين : ".. ما هي المشكلة في ان يصبح الفيس بوك  وسيلة للتعارف مثله مثل النادي او مجال العمل او .. الخ  "  ، و قد يكون هذا الكلام مناقضاً لما هو متعارف عليه حيث ان اللقاء المباشر (Face to Face) هو أكثر واقعية حيث يكون للغة الجسد (Body Language) دور هام جدا في التقارب او التباعد ما بين الاشخاص بعضهم البعض ، و لهذا فأنه من الغريب اننا نجد (حميمية) بين الاصدقاء علي صفحات التواصل الاجتماعي – و هو ما يعطي واقعية لهذا المجتمع الوهمي - رغم ان كثيرين منهم قد لا يعرفون بعضهم بعضاً من قبل ، بل و قد يكونوا من بلدان مختلفة و قد يمتد مقدار هذه الحميميمه الي لقاء (واقعي) يوماً ما لتنتج عنه صداقه رائعة تدوم طويلاً بينما و في بعض الاحيان يتبع ذلك اللقاء تغييراً جذرياً الي نقيض الصورة الذهنية التي كانت مرتبطه بهذا الشخص قبل اللقاء.
 
وقد اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي واقعاً في حياتنا اليومية - كما ذكرت سلفا - يقضي الكثيرين ساعات طويلة بين صفحاتها و لكن هل للجميع نفس الافكار و نفس اسباب الانضمام لهذه المواقع ؟  
 المشكلة اننا نجد بعض الفتايات ينضمون لهذا المواقع  بحثاً عن علاقات دافئة ربما تبعدهم و لو قليلاً عن مشاكل زوجية او لتفصلهم برهه من الزمن عن ما نشأوا عليه من تقاليد و عادات صارمة كان لها أثراً عكسياً عليهم فجعلتهم يبحثون عن الثمرة المحرمة بشوق و قليل منهم هم من يبحثون عن شاب مناسب للأرتباط – و هو حق قد يكون مشروعاً – و لكن في الاغلب تنتهي مثل هذه الحالات كلها بكوارث انسانية الا فيما ندر  .
 بينما نجد البعض من الشباب و الذي قد لا تسمح له أمكانياته بالزواج يبحث عن علاقات يشبع بها رغباته ، بينما يستغل البعض منهم سذاجة بعض الفتايات لايقاعهم في شباكهم لأرضاء غرور بداخلهم ثم يتركونهم يعانوا من الوجع ليبحثون عن غيرهم و هكذا !
و قبل ان يهاجمني أحد علي ما كتبت في السطور السابقة ، او يسألني احد اصدقائي سؤال متوقع و هو ".. اذا كنت تري مواقع التواصل الاجتماعي بهذا السوء او تري كثيرين ممن هم علي صفاحتها لديهم افكار قد تكون غير سويه ،  فلماذا تحتفظ بصفحة شخصية لك علي "الفيس بوك"  و لديك ما يزيد عن الفين صديق قد لا تعرف نصفهم علي الاقل " !!
و هنا ستكون اجابتي علي هذا التساؤل هي محور مقال اليوم ..
فأنا لا أنكر ان الفيس بوك وسيلة جيده للتعارف كما لا انكر ايضاً ان بعض الزيجات التي تمت نتيجة تعارف شخصي كان من خلال موقع التواصل الاجتماعي الشهير قد تكللت بالنجاح .. و لكن لا انكر ايضاً ان هناك نسبة ليست بالقليله قد تحطمت حياتهم بسبب نفس الموقع !
 
فأستخدامنا للتقنيات الحديثة و تكنولوجيا التواصل تعتمد كلياً علي مفاهيمنا الداخليه و كلها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمقدار الايمان بداخلنا .. و لذلك لا يصح التعميم .
 فالبعض يعتبر هذه المواقع فقط (منبراً) لنشر افكاره او مقالاته للكثير من رواده و قد ينجح في جذب الكثيرين لمتابعه افكاره ، و نجد البعض آلأخر يرفض بقوة فكرة التعارف الشخصي و يكتفي فقط بمتابعة منشورات  للأخرين ليستمتع بالقراءة و خصوصاً و ان تلك المواقع مادة خصبة جدا للمعرفة في شتي نواحي الحياه  .. و البعض – و انا منهم – لا يكتفي فقط بالقراءة او الكتابة بل و قد ينجح في تكوين صداقات تدوم لسنوات و سنوات عبر نفس الموقع !
 
- هنا الاشكالية تتلخص في الاتي : (من نحن) .. (مع من نتعامل) .. (درجة المصداقية و الوضوح بين جميع الاطراف ) و كلها تنعكس في النهاية علي مدي نجاح علاقات نشأت بيننا و بين الاخرين ولو بمجرد كلمات في التعليقات او في حديث بيننا و بينهم علي الخاص قد يتطور بمرور الوقت الي صداقة حقيقية . 
علي الهامش :
دعونا لا ننسي – في خضم انخراطنا في مجتمعاتنا الألكترونية - علاقاتنا بأقاربنا و اصدقاءنا في الحياه الواقعية و خصوصاً كبار السن منهم ممن لا يستخدمون تقنيات التواصل التكنولوجيه الحديثة ، و أن نتواصل معهم ولو هاتفياً كل فترة فهذا حق لهم علينا .
 
- مجرد سؤال ..
ماذا سيحدث لو تم أغلاق مواقع التواصل الاجتماعي !!
و هنا لا انتظر أجابة لسذاجة السؤال (الغير واقعي) عن عالم (وهمي) أصبح واقعاً بالفعل لن يقبل الكثيرين مجرد فكرة زواله من الوجود !

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter