الأقباط متحدون - بين الواقع والتوقع!
أخر تحديث ٠١:٢١ | الاثنين ١٠ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ١ | العدد ٣١٢٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بين الواقع والتوقع!

بقلم منير بشاى
منذ قيام ثورة 25 يناير 2011 والشعب المصرى يعانى من إشكالية الخلط بين الواقع والتوقع.  المشكة هى طغيان حالة من الضبابية جعلتنا نفقد البوصلة التى توضح لنا الفارق بين الواقع المر الذى نعيشه والتوقعات غير المحدودة التى نريدها، أى بين ما هو عملى وما هو مجرد أحلام.  وحالة الإرتباك هذه سوف تستمر طالما توجد هذه الفجوة بين الاثنين، وطالما لم نستقر على آلية فعالة يمكن ان نحول بها الاحلام الى واقع معاش.
لكى تتغير احوال مصر يجب التعامل مع ثلاثة معطيات:
معرفة حقيقة واقعنا 
يجب ان نعرف أحوالنا الحقيقية بدون تهويل او تهوين.  على مدى عقود ونحن نتصرف كالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال ظنا انها اذا كانت لا ترى الصياد فالصياد لا يراها.  كانت السياسة المتبعة قبل الثورة هو تأجيل التعامل مع المشكلات اعتقادا ان الزمن كفيل بحلها، أو ان يتم تسليم المشكلات للقيادة التالية لتتصرف فيها، وهكذا يستمر تمرير الكرة من لاعب لآخر.  والآن وبعد ان تفاقمت المشاكل جاء الوقت الذى لا يمكن غض النظر عن المشاكل ويتحتّم مواجهتها والتعامل معها.  ولذلك فمن حق هذا الشعب على حكومته ان تصارحه بالاحوال الحقيقية التى تمر فيها البلاد مهما كانت سيئة، فمعرفة حجم ما يعانيه الوطن من مشكلات هو اول طريق العلاج.
إدراك حجم توقعاتنا
بالمثل يجب ان نعرف مقدار المدى الذى تشطح اليه توقعاتنا فلا يجب ان نغش انفسنا ونظن اننا فى طريقنا الى الكمال بينما نحن ابعد ما نكون عنه.  انا لا أنادى هنا بالتشاؤم ولكن بالواقعية.  من الممكن ان يكون هذا مدعاة للالم عند بعض الناس الذين كانوا يظنون ان الأمور يمكن ان تتحسن الى درجة اكبر مما هو واقعى واسرع مما هو ممكن.  من حق المريض ان يعرف كل ما يتعلق بحالته ولا يترك لأوهام لا اساس لها من الصحة.
تبنى آلية العلاج
لكى يتم علاج الامراض الجسدية لابد من تبنى وصفة طبية سليمة من طبيب متخصص وكفء. ولكى تحل مشاكل البلد لابد من تشخيص المشكلة وتبنى خطة عملية وسليمة للعلاج.  هذه الخطة يضعها الطبيب المعالج ولكن ينفذها المريض.  وتنفيذ الخطة ليس بالضرورة امرا سهلا ولكنه غالبا يكون مؤلما وقد يتطلّب تضحيات كثيرة.  المعالج الذى لا يصارح الشعب بالحقيقة خشية ان يخيّب املهم هو لا يقدم خدمة للشعب ولكنه يخدعه.  وفى النهاية سيوجه له اللوم على تقصيره.
فى صميم المشكلة التى يعانى منها الشعب المصرى فى هذه المرحلة الفاصلة من تاريخه، هو سيطرة الموروثات الدينية التى يستخدمها الناس للهروب من الواقع خصوصا اذا كان الواقع يبدو صعبا.  فنجد الناس يلجأون للغيبيات متوهمين ان مشاكلهم ستحل باذن الله، ويعلقون على الله كل المسئولية دون ان يقوموا هم بدورهم فى العلاج.
جزءا آخرا من وهم العلاج هو الاعتماد على شخص نضع عليه الامل ونلقى عليه بالمشاكل ونعتقد انه يملك العصا السحرية التى يحل بها كل مشكلة.  وايضا نعمل هذا دون ان نحرك ساكنا فى القيام بدورنا للمساعدة فى علاج مشاكل مصر. وقد اعتقدنا فى الآونة الأخيرة ان كل مشاكل مصر ستحل اذا استلم حكم مصر المشير عبد الفتاح السيسى.  واظن ان الرجل يعرف حجم التوقعات التى ينتظرها الناس منه ويخشى من ارتفاع سقفها.  وربما كانت هذه هى السبب الذى جعله يتردد فى اعلان قبول ترشحه لمنصب الرئاسة.  ولكن على قدر وطنية الرجل وكفاءته فهو لا يستطيع حل مشكلات مصر بمفرده.
ولهذا قرر المشير السيسى ان يصارح الشعب بالحقيقة فى خطابه يوم الاربعاء 4 مارس 2014 حين وضع اصبعه على موضع الداء فى نقطتين اساسيتين حيث قال:
1- اى شخص سيأتى لحكم مصر لن يستطيع ان يفعل شيئا دون ان يساعده المصريون.
2- يجب الابتعاد عن تحويل الصراع السياسى لحل مشاكل مصر الى صراع دينى.
اتمنى ان يكون الجميع قد فهموا الدرس. الاعتماد على الله مطلوب والثقة فى القيادات الوطنية أمر مهم، وسرد كل الحقوق فى الدستور لا يضمن تحقيقها ان لم تتوافر الموارد المالية.  وانه اذا كنا نريد تعليما ممتازا وصحة على المستوى العالمى واسكانا يليق بالآدميين ومواصلات يعتمد عليها، وغير ذلك من خدمات، فالامر كما قال السيسى سيكلف الدولة اضافيا 3 ترليون جنيه سنويا.  وتظل الحقيقة التى لا مفر منها ان الواقع صعب ولا يوجد طريق سهل لتحقيق توقعات الشعب سوى العمل الشاق.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter