دقّت ساعة الانتخابات الرئاسية .. واقترب حسم منصب رئيس الجمهورية الذي ستواجهه تحديات كبيرة .. وسيظل في مُخيّلته أن آخر 3 رؤساء لمصر واجهوا مصيراً لا يتمنّى عاقل مواجهته، أحدهم مات مقتولًا في المنصّة عام 1981 وهو الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أما الإثنان الآخران أُطيح بهما في ثورتين شعبيتين كان الفاصل بينهما عامين ونصف، الأول المخلوع حسني مبارك في ثورة 25 يناير 2011، والثاني المعزول محمد مرسي في ثورة 30 يونيو 2013.
وبعيدًا عن التحديات التي ستواجه الرئيس القادم، فإن هناك تحدٍ هائل أمام جماعة الإخوان التي أعلنتها الحكومة المصرية جماعة إرهابية، تلك الجماعة التي صعدت إلى السلطة بسرعة الصاروخ وسقطت في عام واحد فقط.
التحدي الذي يواجه الإخوان وقطاع عريض من أنصارهم هو الموقف الذي سيتخذونه خلال انتخابات الرئاسة، وهل سيلجأون إلى رفع شعار "المقاطعة" كما حدث في الاستفتاء على الدستور يومي 14 و15 يناير، أم سيرمون بثقلهم وراء أحد المرشحين في الانتخابات، ويبقى الخيار الثالث أن يكون لهم مرشح ينتمي للتيار الإسلامي في محاولة للعودة إلى السلطة أو على الأقل إثبات الوجود وحفظ ماء الوجه في الصناديق.
المرشحون الرئاسيون المحتملون حتى الآن هم المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، النائب الأول لرئيس الوزراء، والفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس العسكري السابق، وحمدين صباحي المرشح السابق في انتخابات الرئاسة، والذي حلّ ثالثاً بعد محمد مرسي والفريق أحمد شفيق في الجولة الأولى للانتخابات.
من الناحية العملية، فإن دعم الإخوان "العلني" لأحد المرشحين السابق ذكرهم ينطوي على مخاطرة كبيرة، فمن المستحيل أن يدعم الإخوان المشير السيسي "الخائن – العميل – القاتل" بحسب الجماعة وأنصارها، وذلك بعد أن استجاب السيسي لمطالب قطاعات عريضة من الشعب، وعزل مرسي في الثالث من يوليو الماضي، وأصبح هناك ما يشبه "الثأر" بين الطرفين، خاصة بعد أحداث فضّ اعتصامي رابعة والنهضة، والهجمات الإرهابية التي يتعرّض لها جنود وضباط الشرطة والجيش والمواطنين العاديين، وهنو ما جعل المصالحة بينهما درباً من دروب المستحيل.
ولكن الفكر العملي ربما يذهب إلى أن فوز السيسي بالرئاسة سيكون في صالح الإخوان، أولا لدعم ما تصوره الجماعة بأن ما حدث في 30 يونيو "انقلابًا عسكريًا"، وثانيًا لأن فشل السيسي في مواجهة التحديات الجسام التي تنتظره ربما يكون الطريق الأقصر نحو عودة الإخوان للمشهد السياسي مرة أخرى.
المرشح الثاني هو الفريق سامي عنان، الذي يُقال إنه كان مهندس وصول الإخوان إلى الحكم، ويبدو دعم الإخوان له أمر غير مستبعد وإن كان هذا بالطبع لن يكون علنيًا، لأن الجماعة وأنصارها اتهمت المجلس العسكري السابق بـ"الخيانة" في مناسبات عديدة، ولكن الجماعة ربما تلجأ كعادتها إلى القاعدة الميكيافيلية "الغاية تبرر الوسيلة" إذا قررت دعم عنان، وذلك لضرب المؤسسة العسكرية من جهة، وتسهيل مهمة الجماعة في ضرب عنان نفسه إذا أصبح رئيسًا لأنه سيكون وجه غير مقبول للكثيرين.
المرشح الثالث هو حمدين صباحي، الذي أطلق الإخوان حملة مسعورة ضده في أعقاب نجاح مرسي في محاولة للقضاء عليه كمعارض، حيث لجأت اللجان الإخوانية إلى إطلاق ألقاب عليه مثل "حمضين صباحي"، و"واحد خمّنا"، إضافة إلى قضية النصب التي تعرضت لها نجلته سلمى صباحي، والتي تمت تبرئتها منها مؤخراً.
خيار آخر مطروح أمام جماعة الإخوان، وهو الدفع بمرشح رئاسي، وفي هذه الحالة فإن الدكتور محمد سليم العوا سيكون أحد الوجوه المقبولة للتيارات الإسلامية، خاصة أن العوا هو المحامي الذي يتولى الدفاع عن مرسي في القضايا المتهم بها.
الخيار الأخير للجماعة سيكون المقاطعة، وربما يكون هذا هو الاحتمال الأكبر حتى لا يشاركوا في عملية لم يعترفوا بها منذ البداية، وفي تلك الحالة فإنهم سيؤكدون خروجهم من سياق الزمن، وسيكون خيارهم الاستمرار في إنكار الواقع الجديد وانتظار عودة مرسي للقصر الرئاسي.