الأقباط متحدون - يا سادة مات الضمير .. ولن يفيد حشود رابعة أو التحرير
أخر تحديث ١٠:٥٥ | الاربعاء ١٩ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ١٠ | العدد ٣١٣٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

يا سادة مات الضمير .. ولن يفيد حشود رابعة أو التحرير

صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه

سمير حبشـــــــــى

تعودنا كثيرا أن نسمع البعض ينعتون من يخطئ قائلين " معندوش ضمير " ، وهذا لأن الخطأ دائما يحدث عندما ينام ضمير الإنسان ، فالضمير هو وعي للذات ، يحمله الإنسان في داخله ويختلط بكيانه ، والضمير يجعل الإنسان يعي معنى الماضي ، ويتحمل عبء الحاضر ويُعدهُ للمستقبل ، ويُميزه عن الحيوان الذي تُسيّره غرائزه ، وتُكيّفه مع ظروفه المحيطة . وهذا الوعي الإنساني هو بمثابة مسؤولية الإنسان تجاه نفسه وتجاه حياته ، وتجاه الآخرين ،  ويستطيع الضمير في حالة الإختيارالأخلاقيّ ، أن يُصدر حكماً يكون إما مستقيماً متوافقاً مع العقل والشريعة الإلهية عندما يكون متيقظا ، وإما على العكس ، حكماً خاطئاً يبتعد عنهما عندما يرمى بضميره خلف ظهره ، وتسوقه أهواءه الشخصية . ويحدُث أحياناً أن يواجه الإنسان حالاتٍ تجعل الحكم الأخلاقي أقل ثباتاً ، والقرار صعباً . ولكن عليه دوماً أن يبحث عما هو قويمٌ وصالح ، وأن يُميّز مشيئة الله التي تٌعبر عنها الشريعة الإلهية .. ولن يجد هذا إلا فى الحياة مع رب المجد يسوع المسيح  .. فالسلوك المسيحي هو تجاوب مع نعمة الله ، يجعل الإيمان واقعاً في حياتنا اليومية وعلاقاتنا المختلفة ، وفي تعاليم المسيح  الذي إهتم اهتماماً كبيراً بقلب الإنسان . فنرى كل الحصاد الطيب من قلبه أى من ضميره ، ومن خالف ذلك الضمير يا إخوتى مهما كان كنهه كبيرا أو صغيرا ، رائدا أو قائدا ، حاكما أو محكوما ، مرشدا دينيا أو علمانيا ، ينطبق عليه القول الكل زاغ وفسد وضل تماما عن تعاليم الله ، لأن الضمير هو روح الله العامل فينا .. فالإنسان المتيقظ الضمير، لابد من أن يكون مطلّعاً بشفافية ، وذا حُكم  أخلاقي مستنير ، لأن الضمير الذي يسيره قويماً وصادقاً ، فيُصدر أحكامه وفقاً للعقل ، ومتوافقة مع الخير الحقيقي الذي أرادته حكمة الخالق . وعلى هذا لابد من أن يظل الضمير متيقظا وخاصة عندما يتعلق الأمر بما حولنا من بشر ، أى يدفعنا الضمير بأن نقوم المخطئ مهما علا شأنه ونقول قولة يوحنا المعمدان " لا يحق لك " ..

إن الضمير لهو دعوة موجهة إلى حرية كل إنسان كي يتحمل مسؤوليته .. أما إذا تراخى الضمير ونام ، فسوف نرى التصرفات البشرية التى تكسر قلب الإنسان وتغضب الخالق ،  سنرى أصحاب النفوس المريضة ، والذين لا يحركهم إلا  الحقد  والكراهية  والطائفية  والكذب  والنفاق ، وإزدواجية المعايير، والعنصرية  والعمالة  والدولار ، والغطرسة  والإستعلاء .. كل هذه الصفات التى أسميها أنا جرائم .. هذا فقط لو نام الضمير فكم بالحرى لو مات ؟ !! .. سنرى المنافق فى مكان الحاكم .. والحاقد والعنصرى على منصات القضاء ، والعملاء وعبدة الدولار وتلاميذ الشيطان فى لفافات القديسين وقبورهم بجانب المذابح ..  وصدقونى فأنا لا أحلق بعيدا بخيالى  ، فما نحياه هذه الأيام صورة مجسمة وواضحة  على أن الضمير يحيا فى ضلالة ، بدءا من الضمير الإنسانى المفرد إلى الضمير العالمى الجامع للدول  .. فما قد رأيناه وعشناه من حكام مصر السابقين ، والذين تسابقوا فى سرقة مستقبل شعوبهم ووأد أماني خططت لها البشرية ، و رسمت أدق تفاصيلها ، وعقدت الآمال على أطرافها،  يحولونها إلى سراب تراه ولا تستطيع الوصول إليه ، حطموا الأحلام ببضع كلمات أطلقوها فى شبه شعارات زائفة مثل الوحدة الوطنية وما شابه ذلك ، وجعلوا من أيام حكمهم آلة لطحن أماني شعوبهم ، وسهام لقتل الجرأة والحرية فى قلوب الرجال  ، وعاشوا يعبثون بكل ما يملك الشعب من طموح .. وما قد عايناه من أمريكا والإتحاد الأوربى ، وتجنيدهم للإخوان ، والتحالف معهم ضد إرادة الشعوب ، التى بدمائها تريد أن تفتح نوافذ الحرية والعدالة الإجتماعية فى بلادها ، مثلما يحدث الآن فى سوريا والهجمة الشرسة على مصر وثورتها .

يا إخوتى : البعض مات ضميرهم دون أن ينطق بكلمة واحدة .. مات من كثرة الخوف .. مات من الضعف الساكن فى القلوب التى لم تقبل أن يسكنها الله ، وأصبح الجبن هو ملاذهم ، لدرجة إنكار مسيحيتهم خوفا من الإضطهاد ، أو فقدان منصب  أو مركز ، ونسوا تماما ما قاله يسوع : “ قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيًّ سلام . في العالم سيكون لكم ضيق . ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم” (يوحنا16: 33) .. عندما يموت الضمير يسحب روح صاحبه معه إلى المقبرة ، فيسير بين البشر بلا روح . وهنا نرى فى تصرفاته جميع أنواع الموبقات .. وهذه للأسف الصورة العامة لمصر ، بعد أن حكمها الغازى العربى الذى مات ضميره على أرض الجزيرة العربية ، عندما سار وراء نبى سيطر عليه ضمير غازى يستحل أموال الغير ونسائهم وممتلكاتهم ، وأصبحت تعاليمه هى المسيطرة والرائدة والمعمول بها فى أروقة الحياة اليومية ،  تحت مسمى الشريعة الإسلامية .. لأنه فى الحقيقة التى يحاول الكثيرون من أقباط ومسلمين إخفائها ، هى أن المخزون الفكرى لكل القيادات إذا كانت حكومية أو أمنية أو إعلامية ، هو نتاج تفعيلة كيميائية تحدث فى قلب وعقل كل مسلم فى العالم ، هى مشتقات ما يقرأ فى القرآن ، حتى ما يظهر الآن وبعد الثورة من كلمات فى ظاهرها التضامن مع أقباط مصر فى مصابهم الأليم ، ليست إلا تفعيلة أخرى تسمى آية التقية ، أى هى أحد الحالات التى أوصى بها القرآن بالكذب وحلله . فقد هُدمت الكنائس ، وقُتل الأقباط وخُطفت بناتهم ونساؤهم ، وكل القيادات تصنع ودن من طين وودن من عجين ..  وعلى هذا أقول قد مات الضمير ، فتاه العدل وتعثرت خطواته بين صفحات القرآن وآياته .. فعندما تذهب لتقوم باستخراج اى أوراق رسمية تكتشف وفاة الضمير .. وعندما تذهب لتشكو الظلم للحاكم تجد وللأسف ايضا وفاة الضمير .. وعند شراء  قوت يومك تكتشف وفاة الضمير .. تسير فى شوارع المدينة فتكتشف مع كل خطوة أنك سائر فى جناز تشييع الضمير  ، وتتأكد تماما أن الضمير توفى من أصوات المظلومين ..  
أننى أعطى شهادة وفاة  لكل من مات ضميره .. فلم يعد يفكر ولا يستطيع البناء في مجتمعه وبات يكرر " الباب إللى ييجى منه الريح سده واستريح " .. وشهادة وفاة يستحقها كل من مال عن طريق الإيمان بالمسيح  ، ومات ضميره فأصبح لا يرى طريق الاستقامة والصلاح ، وشهادة وفاة يستحقها كل من تآكل رأسه من الداخل ، وفاحت رائحة الكره والبغض والأنانية منه ،  وأعطى شهادة وفاة استحقها المجرم الذي أجرم في حق نفسه ، وترك حق من حقوقه للظالم  ، وارتضى بما فرض عليه ، شهادة وفاة أعطيها بكل جدارة لكل من يغمض عينه عن الأخطاء ، وتتحوصل كلمة " لا " فى جوفه ولا تجد طريقها للخارج .. يا إخوتى : إن أقسى موت يمر به إنسان هو موت الضمير   ...فكيف يمكن أن نسمي الإنسان إنسانا عندما يموت ضميره .. فموت الضمير يؤدى إلى موت الرحمة أى  ميلاد القساوة .. وموت الأبوة أى إحتضار لمستقبل أبرياء .. وموت الأمومة والتى هى  موت الأجيال .. فلا تستهينوا جميعا بموت الضمير ، لأنه يؤدى إلى موت الأمم والشعوب ودمارا للإنسانية .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter