منذ يومين استضاف الأستاذ جابر القرموطى فى برنامجه «مانشيت» ثلاثة من المخترعين الشبان من مدينة كفر الشيخ، المخترع الأول كانت فتاة جاءت بالزى المدرسى، قالت إن بحثها كان خاصا بالغواصات، وإنها قامت بعمل تطوير لها بعد أن اكتشفت أن عدد محركاتها أكثر من اللازم. سألها: متى بدأ اهتمامك بالغواصات؟
ــ وأنا فى تانية إعدادى.. لقد اكتشفت أثناء البحث أن أول من اخترع الغواصة كان مصريا فى العصر الفرعونى واسمه فيصل.
فرعونى واسمه فيصل؟
ــ نعم.. ولذلك قررت أن يعود الحق فى هذا الاختراع لأصحابه ونحن أصحابه.. (لعلها تقصد الكاهن فى صال رع مسؤول الغواصات النيلية فى عهد الملك إخيه يا دى الخيبة).. ولقد رحب بى السيد المحافظ وقرر أن يهدينى لاب توب ولكن الأنواع الموجودة فى كفر الشيخ لا تلائم المواصفات التى طلبتها، ولذلك قررت المحافظة أن تشتريه لى من القاهرة.
بعد ذلك بدأت الفتاة فى الحديث عن كبار المسؤولين الذين تقول إنها قابلتهم ورحبوا كثيرا باختراعها، وشجعوها بل وعدوها أن الخطوة القادمة هى عمل خط إنتاج، ذكرت كلمتى خط الإنتاج أربع مرات على الأقل، هى تتكلم عن مصنع يصنع عشرات الغواصات يوميا، هذا هو ما نفهمه من خط الإنتاج. وعندما حكت لوالدتها ما حدث قالت لها معلقة: تبقى مصر اتغيرت فعلا يا بنتى. وهو ما أوافقها عليه بشدة.
أعتقد أن الأستاذ جابر فى تلك اللحظات، أدرك بخبرته الصحفية الطويلة أن المزيد من مناقشة الفتاة حول تطويرها للغواصات، ربما تنتج عنه كارثة للمسؤولين الذين قابلوها وللبرنامج وللمحطة بل ربما لعقول المصريين جميعا، ولذلك قرر أن يتوقف عن الحديث معها، وأن ينتقل إلى الشابين الآخرين، كانا أكثر تواضعا فقد كان اختراعهما يتعلق بالحنفيات فى الأماكن الحكومية التى تتسرب منها المياه طول الليل والنهار، وكيفية إيقاف ذلك باستخدام دوائر إلكترونية.
سبحان الله.. هذا هو التاريخ يعيد نفسه، كان خالى عبده يعمل فراشا فى سفارتنا فى إنجلترا أثناء الحرب العالمية الثانية. وكانت الغواصات الألمانية تفتك بالسفن الإنجليزية، وتقدم هو باقتراح لوزارة الحرب، أن يتم تسخين مياه المحيط لدرجة الغليان فتضطر الغواصات للصعود إلى سطح البحر عشان تتهوى، عند ذلك تقوم الطائرات بتدميرها. استدعوه وسألوه: كيف نقوم بتسخين مياه البحر أو المحيط؟
فأجاب: دى مجرد تفاصيل.. المهم الفكرة الأساسية.
أيضا الواد سمير ابن خالى عبده كان مهتما بالغواصات عندما كنا معا فى مدرسة دمياط الابتدائية فى السنة الثالثة، هو أول من اكتشف أن محركات الغواصة لا أهمية لها، وأنها يمكن أن تسير تحت الماء بأن نشدها بحبل، كما يمكن أن تغوص بأن نربط فيها عددا من الحجارة الثقيلة. كانت مصر متخلفة فى ذلك الوقت من أربعينيات القرن الماضى، لم تكن تشجع اختراعات الشبان فى مجال الغواصات بالتحديد، ولذلك عندما عرض الواد سمير ابن خالى عبده على مدرس العلوم أبحاثه، سحب الخيرزانة وصاح فيه: امشى يا واد العب بعيد.
أيها السادة.. بلاش السكة دى.. هذا طريق خطر للغاية.
المصرى اليوم