الأقباط متحدون - صبحي فؤاد يكتب.. مشاهداتى وانطباعاتى عن الصين بعد زيارتى لها
أخر تحديث ٠٥:٠٥ | الأحد ٢٣ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ١٤ | العدد ٣١٣٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

صبحي فؤاد يكتب.. مشاهداتى وانطباعاتى عن الصين بعد زيارتى لها

الصين
الصين

صبحى فؤاد

1- شوارع بيجين نظيفة وخالية من الزحام
عندما علم بعض الاصدقاء بعزمى زيارة الصين حاول بعضهم اقناعى بعدم الزيارة لاسباب متعددة لم اقتنع بها وبدلا من الاستماع الى نصائحهم قمت بالحجز على شركة الطيران الوطنية الصينية " شينا ايسترن " انا وابنتى " جولى" .

وفى يوم 28 فبراير الماضى ركبنا الطائرة متوجهين الى العاصمة " بيجين " واثناء الرحلة التى استغرقت عشرة ساعات كانت الخدمة اكثر من رائعة من المضيفات الصينيات وطاقم الطائرة ..ابتسامتهم لم تغب لحظة واحدة عن وجهوهن رغم كثرة مطالب الركاب وتنوعها وطول ساعات الرحلة.
وصلنا الى العاصمة " بيجين " قرب منتصف الليل ومررنا سريعا من الجمارك بعد تأكدهم من وجود فيزا الزيارة التى كنا حصلنا عليها مقدما من القنصلية الصينية فى ملبورن مقابل دفع حوالى مائة دولار استرالى لكل تأشيرة.

كان هناك سائق مرسل من قبل الهوتيل فشعرنا براحة عميقة عندما وجدناه فى انتظارنا ومعه يافطه مكتوب عليها اسمى باللغة الانجليزية . استغرقت المسافة بين المطار والهوتيل حوالى 40 دقيقة بينما اخذنا اقل من خمسة دقائق فقط لاعطاءهم صور من جوازات السفر والوصول حجرتنا فى الطابق السابع.
فى صباح اليوم التالى بعد تناول الافطار فى الهوتيل خرجنا الى شوارع العاصمة " بيجين " لكى نعيد اكتشاف الصين من جديد ونرى باعيننا وعلى ارض الواقع كيف ان دولة الصين التى كانت منذ سنوات قليلة دولة بسيطة يرتدى رئيسها وشعبها زى موحد مثل العسكر  ولا تؤمن بالاقتصاد الحر اصبحت الان دولة عظمى اقتصاديا وعلميا وعسكريا ايضا . لقد خرجت الى الشارع لكى ارى بنفسى واحاول معرفة سر نجاح الصين وتقدمها المذهل وكيف انها جعلت من ثروتها البشرية - حوالى 1300 مليون نسمة - نعمة كبرى رغم ان معظم دول العالم الاخرى تعتبر زيارة السكلن يعد عائقا لتقدمها .

اذهلنى منذ اللحظة الاولى اتساع الشوارع ونظافتها وغسلها ورشها يوميا بمعرفة سيارات متخصصة وكذلك وجود انفاق تحت الارض لعبور المشاة فى الشوارع الرئيسية والميادين المزدحمة حرصا على عدم تعطيل حركة المرور. وايضا معظم شبكة القطارات فى مدن الصين الرئيسة توجد تحت الارض مثل اليابان.

كنت اتخيل اننى سوف اجد فى شوارع العاصمة الصينية - التى يسكنها اكثر من 21 مليون - كتل بشرية تتحرك هنا وهناك وزحام مرور يفوق الوصف والخيال ولكنى لم ارى فرقا يذكر بين زحام نيويورك او ملبورن او لندن او القاهرة  والزحام الذى رأيته فى  مدينة  " بيجين " ..كل شىء يسير بانتظام وبطريقة عادية جدا مثل اى مكان اخر فى اى دولة من دول العالم .


احد الشوارع الرئيسية فى العاصمة الصينية بينما  على الشمال شارع اخر مليىء بالمتاجر الضخمة والدعاية والاعلانات الجذابة

2- محلات ضخمة فوق وتحت الارض
وعندما تسير فى شوارع العاصمة الصينية يشدك روعة وجمال المبانى سواء كانت قديمة او حديثة وكثرة اليفط والاعلانات الضخمة التى تضاء فى الليل فتشعرك انك فى مدينة " هونج كونج " او شارع " برودواى " بنيويورك.

بالاضافة الى انه فى كل مكان تذهب اليه تجد الاعلانات تجذبك وتغريك على الشراء حتى لو لم تكن فى احتياج لهذه السلعة او الخدمة المعلن عنها.
اما عن الامن والامان فانا لم اشعر به  فى اى مكان اخر فى الشارع مثلما شعرت وانا اسير فى شوارع " بيجين سواء بالنهار او الليل حتى فى الشوارع الجانبية لم اشعر باى خوف او رهبة وهذا يرجع ربما لتواجد رجال البوليس والجيش فى الشوارع والميادين بطريقة ملحوظة لاتغيب عن الاعين ..حتى تحت الكبارى وانفاق عبور المشاة تجد بعض رجال الامن متواجدين وجاهزين للحفاظ على النظام العام.


 ابنتى جولى امام احد المبانى الاثرية بالعاصمة الصينية وعلى الشمال حارسان يقفان مثل التماثيل بالقرب من تونمان سكوير

لم نأخذ وقتا كثيرا للوصول الى احدى الشوارع التجارية الرئيسة وكدت لا اصدق عينى لضخامة المتاجر وسعتها واعداده وكم السلع المعروضة ..تدخل متجرا فتظن انه مجرد محل صغير او مطعم على قد الحال واذا بك تجد ان هذا المتجر مجرد مدخل لشوبنج سنتر من خمسة او ستة ادوار بعضها تحت الارض !! شىء يفوق الوصف لم ارى مثله فى اى  دولة اخرى فى العالم بما فيهم امريكا واستراليا.

بالمناسبه كل المطاعم و المحلات العالمية الشهيرة تجد لها افرع فى بيجين وبقية مدن الصين الكبرى لان المجال يتسع للجميع وفرص الربح متوفرة حيث ان سكان الصين يزيد عددهم قليلا عن 1300 مليون نسمة ..يعنى خمس سكان الكرة الارضية.
ولكن باستثناء الاكل وعدد قليل من السلع فاننى وجدت الاسعار عامة فى الصين ليس بالرخص الذى يتصوره البعض بل لم اجد فرقا يذكر بين الاسعار عندنا فى مدينة ملبورن الاسترالية ومدينة "بيجين"  ولذلك عندما عدت الى استراليا بعد قضاء تسعة ايام فى الصين لم يكن فى شنطتى سوى بعض الهدايا الرمزية فقط.

ابتعدنا عن منطقة الشوبنج وتوجهنا الى شارع اخر يوجد بة المقر الرئيسى للحزب القومى الشيوعى الحاكم وفى مواجهته يقع "تونامان سكوير" الشهير ومعابد المدينة الممنوعة  " فوربدن سيتى" التى هو عبارة عن مجموعة فصور تاريخية ضخمة قديمة لها تاريخها وقدسيتها ومكانتها عند الشعب الصينى رغم انها كانت قصور لاقامة حكامهم مثل قصور الف ليلة وليلة منذ عام 1406 م وحتى عام 1911م . وتعد " الفوربد سيتى" من الاماكن التاريخية التى يجب على زوار الصين زيارتها لروعتها.

3- تفتيش المشاة امام مقر الحزب الشيوعى الحاكم
واثناء سيرنا مع مئات اخرين من المواطنين الصينين من امام مقر الحزب الحاكم وتونامان سكوير اوقفنا رجال بعضهم فى زى عسكرى وبعضهم الاخر فى زى مدنى - لا اعرف اذا كانوا من الجيش او البوليس او الامن العام - ثلاثة مرات وقاموا بتفتيش حقائب اليد وامرارنا على جهاز كشف المتفجرات والاسلحة قبل السماح لنا بمواصلة السير فى الشارع.

وللحق اقول رغم شعورى بالضيق من التواجد الامنى المكثق والمبالغ فيه احيانا فى شوارع العاصمة الصينية الا اننى اتفهم الدوافع والاسباب التى جعلت الحكومة الصينية تفرض هذا الحصار الامنى على الاماكن الحساسة بالعاصمة وخاصة بعد ان قام بعض الارهابين المنتمين للاقلية المسلمة بالاعتداء فى بداية شهر مارس الحالى بالاعتداء بالمطاوى والسكاكين على مواطنين صينين كانوا متواجدين على محطة قطار فى شمال البلاد وتمكنوا من قتل ما يقرب من 50 مواطن صينى .. وللاسف لم نسمع الامريكان او الانجليز اوغيرهم ينددون بهذه المجزرة التى رتكبها الارهابين ضد ابرياء لا ذنب لهم من ابناء الشعب الصينى.


كاتب السطور امام تونمان سكوير الشهير وعلى الشمال بعض القصور داخل الفوربدن سيتى او المدينة  الممنوعة

4- العجوز بائع البطاطا المشوية وسر نجاح الصين
بعد اخذ استراحة قصيرة فى الهوتيل نزلنا انا وابنتى فى المساء مرة ثانية الى شواع مدينة " بيجين "..ورغم بردوة الجو وانخفاض درجات الحرارة الى 1 او 2 درجة مئوية الا الشوارع كانت تدب فيها الحياة بحركة المشاة والسيارات بالاضافة الى اضواء الاعلانات الساطعة  التى تغطى واجهات المحلات والكثير من المبانى .
وقد اكتشفنا ان معظم المحلات بكل انواعها تفتح بعد التاسعة او العاشرة صباحا وتستمر حتى العاشرة مساءا طيلة ايام الاسبوع ..وهناك اماكن تفتح على مدار الاربعة وعشرين ساعة كاملة .. وان كل شىء قابل للنقاش والمساومات فى الصين ..على سبيل المثال اذا عجبك فستان او قميص وقال لك التاجر ب مائة دولار استرالى وهو ما يعادل 500 ين صينى فلا تشعر بالحرج اذا قلت له او عرضا علىه ربع او نصف هذا المبلغ لان هذه هى طبيعة التعامل فى السوق التجارى هناك.

واثناء سيرنا مساءا فى شوارع بيجين لفت انتباهى منظر رجل كبير السن كان يقف فى عز البرد بعربة يد صغيرة على ناصية عمارة ضخمة بها عشرات المحلات من كل شكل ونوع ..اقتربت منه لكى ارى ماذا يبيع فاذا بى افاجىء بوجود برميل صفيح به فتحة من الجنب وداخلة فحم مشتعل وفوق سطح البرميل كان الرجل يشوى بطاطا وذرة .
لقد رأيت فى هذا الرجل المسن البسيط عدم اليأس من التجربة والمحاولة حتى لو كانت محاولته بدائية متواضعة وفرصته صغيرة جدا فى مواجهة اصحاب محلات كبيرة صرف عليها اصحابها ملايين.  ورأيت فيه سر نجاح شعب الصين.

لا شك كلنا نذكر كيف كانت الصين حتى وقت قصير مضى دولة شيوعية فقيرة وبالاصرار والعمل والمثابرة والاتضاع والتضحية اصبحت الصين فى مطلع هذا الشهر الحالى اكبر دولة على مستوى العالم فى التصدير ..وصارت ثانى اكبر دولة فى العالم  اقتصاديا بعد الولايات المتحدة الامريكية . وليس هذا فحسب بل من المتوقع خلال العشرين او ال 15 سنة القادمة ان تصبح الصين الدولة رقم واحد على مستوى العالم اقتصاديا وصناعيا وعسكريا وكافة المجالات الاخرى .

5- فوق سور الصين العظيم كدت اتجمد من شدة البرد والريح
بعد يومين على وجونا فى العاصمة الصينية توجهنا بصحبة مرشدة سياحية مع عدد من السياح معظمهم من اوروبا الى سور الصين العظيم الذى يمتد الى مسافة 8850 كيلو متر ويقع فى شمال الصين وقام ببناءه  الصينين القدماء فى القرن السابع قبل الميلاد لمنع هجمات المغول المتكررة على اراضيهم فى ذلك الوقت.

.كاتب السطور فوق سور الصين العظيم وعلى الشمال مع ابنته جولى

وسور الصين العظيم من الاماكن السياحية التاريخية الهامة التى لابد ان تزورها اذا ما سافرت الى الصين والا تعد زيارتك غير كاملة . وسور الصين يعد بمثابة الاهرامات وابو الهول بالنسبة لمصر والمصريين ويزوره سنويا ملايين الزوار من كل انحاء العالم ويساهم بقدر كبير فى عائد السياحة القومى الذى وصل هذا العام الى اكثر من 50 الف مليون دولار امريكى .

وانصح من يفكر بزيارة سور الصين العظيم فى الشتاء ان يرتدى ملابس ثقلية جدا كما لو انه ذاهب الى جبال الثلج والا سوف يجد اطرافه تجمدت من البرد الشديد ويفقد تمتعه بزيارة هذا الصرح التاريخى العظيم .
بالمناسبة رغم ان الصينين القدماء قاموا ببناء هذا الحائط الضخم لمنع المغول من غزو اراضيهم الا ان المغول وجدوا ثغرة به وتمكنوا من غزو الصين ..عموما انتهت الحروب بينهم بالصلح بعد حدوث زواج بين الاسرتين الحاكمتين فى كلا البلدين.

فى شنغهاى رأيت بعض الناس تأكل العقارب مشوية - 6
بعد قضاء خمسة ايام كاملة فى بيجين توجهنا بالطائرة الى مدينة " شنغهاى " الذى يسكنها حوالى 27 مليون وهى مدينة كبيرة رائعة تدب فيها الحياة ليلا ونهارا مليئة بالمبانى الحديثة الضخمة التى ترتفع خمسين وستين وسبعين دور واكثر من ذلك وايضا المبانى القديمة الجميلة التى تعكس الروح والهوية الصينية .

ولكن كان اكثر ما شدنى اثناء وجودى فى شنغهاى روعة الميناء والعمران الذى حوله والمبانى التى تتحول الى لوحات اعلانات ضخمة مضيئة عقب غروب الشمس . لم ارى مثل هذا الجمال الا فى هونج كونج فقط وربما شارع " برودواى " بنيويورك " . بجانب جمال وروعة ميناء شنغهاى فقد وجدت اماكن طعام مخصصة لبيع العقارب المشوية وبعض الحشرات وربما الفئران ايضا .

والحقيقة ابنتى هى الحت على للذهاب الى هذا المكان بهدف الفرجة والتقاط بعض الصور ولولا اصرارها  لما كنت ذهبت الى هذا المكان لانه اقل ما يمكننى وصفة به هو انه مقرف ومقزز جدا لم ارى مثله فى العالم .
على اى حال فقد كان الوقت الذى امضيناه فى " شنغهاى"  وقت رائع وممتع وترك فى ذهنى انطباع جيد عن الصين وكفاح ونضال شعبها من جل التقدم ببلدهم والصعود بها الى قمة الدول الناجحة.

السوق الذى يباع فيه العقارب المشوية وعدد معروض منها للبيع  حيا لشويها عند الطلب ثم ابنتى امام ميناء ط شنغهاى فى المساء

واخيرا بعد قضاء تسعة ايام فى الصين ..وبعد ان رأيت بعينى الانجازات الضخمة التى حققوها فى كافة المجالات فاننى انصح القراء بعدم التردد فى زيارة هذا البلد العظيم واثق انه او انها سوف يتمتعوا بقضاء وقت طيب ممتع هناك.

واضيف الى ما كتبت سابقا توقعاتى بان الصين سوف تصبح الدولة العظمى القادمة فى مدى سنوات قليلة من الان رغم حملات التشويه التى يقودها الامريكان والغرب ضدهم لان شعبها يعمل وينجز ويحقق المعجزات ولا يضيع وقته فى الكلام .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter