هل هناك علاقة بين تدمير الحياة السياسية وإزهاق أرواح الآلاف فى حوادث الطرق؟
نعم.. فالرابط بين المصيبتين أقوى مما نتخيل، فنظام مبارك الذى جثم على أنفاس المصريين ثلاثين سنة كبيسة – سياساته البائسة ما زالت تحكمنا – أبدع وأجرم فى تدمير العمل السياسى، فلا أحزاب مدنية حقيقية، ولا وعى معرفى منظم يتراكم فى عقول الناس، الأمر الذى يجعله يفسد فى الأرض ويفعل ما شاء فى البلد دون محاسبة من حزب أو برلمان أو منظمات مجتمع مدنى.
هكذا إذن أدى تحطيم الحياة السياسية فى مصر إلى انتشار الفساد وتنامى الإهمال وشيوع سلوكيات عدم إتقان العمل وغياب الرقابة الجادة، فحصدنا الحنظل المر، وها هى الصحف تواتينا كل يوم بخبر عن مصرع مجموعة من المصريين فى حوادث طرق. هذه الحوادث نتيجة طبيعية لعدة أمور منها:
• عدم وجود طرق مستوية وواسعة تستوعب الزيادة فى عدد السيارات التى تمر فوقها، فنظام مبارك أغض الطرف تمامًا عن تطوير الطرق فى مصر كلها.
• تخطيط الشوارع والتقاطعات والميادين فى مصر بالغ السوء ولا يناسب أحدث فنون تخطيط المدن وشوارعها المعمول بها دوليًا، فقد انشغل مبارك ورجاله فى نهب ثروات الشعب، ولم يتعبوا أنفسهم فى تطوير بنية تحتية حقيقية فى الدولة التى يحكمونها.
• تسببت الرشوة الضاربة فى وزارة الداخلية أيام حبيب العادلى فى أن تمنح رخص القيادة للناس دون أن يعرفوا كيفية قيادة السيارة وما هى قوانين القيادة المقررة دوليا، وهكذا سالت فى مصر مئات الآلاف من السيارات يقودها أناس محرومون من تعلم الحدود الدنيا لفنون القيادة.
• غياب شبه تام للافتات الإرشادية على الطرق، وإذا وجدت فمكسورة أو مطموسة أو مختفية خلف شجرة أو عمود نور!
• عدم وجود عقوبات رادعة وفورية لكل من يخالف قواعد المرور، خاصة السرعة الجنونية. (فى دبى على سبيل المثال تسحب رخصة المخالف وسيارته أو يدفع غرامة أو يسجن حسب حجم المخالفة).
أرأيت كيف يؤدى تدمير الحياة السياسية إلى فواجع فى تفاصيل حياتنا اليومية؟ وكيف صار الدم المصرى أرخص مما يتخيل أحد؟ لا سامح الله المجرمين!
نقلا عن اليوم السابع