الأقباط متحدون - الإرهاب المتسربل بعباءة الدين!
أخر تحديث ١٩:٢٢ | الاثنين ٣١ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٢٢ | العدد ٣١٤٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإرهاب المتسربل بعباءة الدين!

بقلم منير بشاى

عندما ظهرت الشيوعية لم يكن لدى دول الغرب مشكلة فى مقاومتها.  هذا خاصة بعد ان تطورت من مجرد فكر الى مخطط يهدف الى فرض هيمنتها على العالم بقوة السلاح.

 ولكن عندما قام الاسلاميون بتسديد ضرباتهم الارهابية الى نفس دول الغرب فجأة رأينا هذه الدول مغلولة اليدين فاقدة الحيلة لا تعرف كيف تتصرف.  وكان مرجع الاشكالية انه فى حالة الشيوعية كان التعامل مع ما يمثل آراء بعض الناس التى يمكن مناقشتها ودحضها.  أما فى حالة الاسلاميين فهى تتعامل مع الدين الذى له حصانة خاصة لانه يمثل بالنسبة لتابعيه رأى الله.

 ولذلك لتفادى الظهور بمظهر من يحارب الاديان لجأت دول الغرب الى مصادقة الاسلاميين عملا بالمبدأ الغربى "ان لم تستطع هزيمتهم فصادقهم".  والبيت الأبيض اليوم ملىء بالمستشارين الذين يستخدمهم الرئيس الأمريكى لينصحوه فى كيف يتصرف مع القضايا التى تمس الاسلام.  ويبدو انهم من نصحوا الادارة الامريكية بالتقرب الى الاخوان واستخدامهم لتحقيق الهدف المشترك.  وواضح انه قد غابت عن الجميع مغزى الحكمة التى تقول ان من يربى الثعبان فى بيته سيلدغه فى يوم من الايام.

 وكاتب هذا المقال يدرك انه كمسيحى لا يعنيه الاسلام ولا يهمه نقد نصوصه.  وكان من الممكن ان لا يتعرض هو او غيره للاسلام كما لا يتعرضون لديانات اخرى كثيرة مثل البوذية والهندوسية.  ولكن ان كانت بعض تعاليم الاسلام تتخذ كذريعة للقتل والظلم والترويع فهنا يصبح من حق المتضرر بل وواجبه ليس فقط مناقشة هذه النصوص بل محاولة وقف اضرارها.  كما ان الكاتب فى هذا المقال ليس بصدد الادانة الجماعية لكل مسلم فالحقيقة التى لا يمكن انكارها ان معظم المسلمين ليسوا ارهابيين وان كان معظم الارهابيين مسلمين. 

 رأينا مؤخرا محاولات كثيرة من بعض المسلمين المعتدلين التى تتبنى نظرية مقاومة الاسلام المتطرف بالاسلام المعتدل.  واخشى ان هذه المحاولات كانت حتى الآن محدودة النجاح فى ضؤ تزايد المتشددين.  واخشى انه فى كثير من الحالات يبدو ان ترجيح التفسير يصب فى صالح التشدد. ولذلك بات واضحا ان اى علاج للتطرف الاسلامى يجب ان يتعرض لهذه النصوص ويجد تفسيرا مقنعا لها.

 قيل لنا ان الاسلام دين السلام، وأن رسول الاسلام ظل فى مكة يقدم رسالة المحبة لأهل قريش التى قوبلت بالعدوان فاضطر ان يدافع عن نفسه.  ولكن لم يقدم لنا احد تبريرا مقنعا للنصوص الكثيرة التى تدعوا للعنف الموجهة لمن لا صلة لهم بمن كانوا يضطهدون المسلمين.  وعلى سبيل المثال سورة التوبة 29 التى تنص "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من اهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". 

هنا نرى ان القتال (مشتق من قتل) موجه ضد اهل الكتاب ومنهم المسيحيين الذين لم يسيئوا الي المسلمين، ويفرض عليهم ليس فقط دفع الجزية ثمنا لبقائهم على دينهم، او ثمنا لبقائهم أحياء، بل دفعها مع التعرض للتحقير والاذلال.  ومن المفارقات ان يجبر المسيحيون على تمويل جيش الاسلام الذين سيكونون اول ضحاياه طائفة اخرى من اهل الكتاب تعامل معها الاسلام بكل قسوة هى طائفة اليهود العرب.  وتبرير هذا ما قيل ان قادتهم تحالفوا مع قريش.  والسؤال هل يعاقب الكل بجريرة البعض؟ وهل هناك تبرير مقبول لتهجير كل قبائل اليهود من وطنهم وذبح المئات منهم وإلقائهم فى خندق حفر لهذا الغرض؟

 أما تزوير التاريخ فحدث ولا حرج ومنها تصوير الغذوات الاسلامية على أنها "فتوحات" لحماية اهل البلاد من اضطهاد الرومان.  فاذا كان الامر كذلك فلماذا لم يعود المسلمون لبلادهم بعد قيامهم بمهمتهم الانسانية؟ واذا كان الهدف نشر الاسلام فلماذا لم يرسلوا الدعاة بدلا من المحاربين؟ وهل من يقوم بعمل انسانى دعوى يلجأ الى نهب البلاد ومحو شخصيتها والغاء لغتها وحضارتها؟

ليس خفيا ان التطرف بلغ مداه وان الارهاب باسم الاسلام وصل الى المرحلة التى لا يمكن السكوت معها.  واخشى ان اقول ان الامر خرج عن جدوى الحلول التجميلية ومحاولة ترقيع الثوب الذى تهرأ.  وان الحقيقة التى يجب ان يواجهها كل من كان صادقا مع نفسه ان الممارسات والمفاهيم الاسلامية تحتاج الى مراجعة وتطوير تماما كما حدث مع اليهودية والمسيحية.  وان الامر يتطلب مسلمين مستنيرين وشجعان يستطيعوا ان يعترفوا بالمشكلة ويقوموا بتصحيحها.  أناس أمثال الفارابى وابن سينا وابن رشد وفى العصر الحديث جمال الدين الافغانى ومحمد عبده وطه حسين ونصر حامد ابو زيد وفرج فودة وغيرهم.  ولا يتوقع احد ان يكرم المتطرفون مثل هؤلاء فنحن نعلم انهم اضطهدوهم وكفروهم وعرضوهم للتصفية الجسدية.  وهذا قدر ذوى الرؤى وأصحاب المبادئ.

 ولكن ان لم يظهر امثال هؤلاء فالبديل سيكون مريعا وهو صدام بين الحضارات لا يبقى ولا يذر.  هذا الصدام قد قرأنا عنه يوم ان كان مجرد نظريات، واليوم كاد ان يصبح حقيقة واقعة.  وأسأل المولى ان يرحمنا من شر نفوسنا.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter